نداء من السّماء ماذا تقول لنا الأرض؟
"الأرض تتكلّم، إنّها تهتز، إنّها تزلزل، لن نترك الرّعب والخوف والموت والدّمار والتّحطيم والتّشقق وسقوط االجدران والسّطوح والأبنية كعلب كرتونيّة صغيرة يلهو بها الأطفال. تقول لنا الأرض ضعفنا ومعطوبيّتنا وسرعة زوالنا وهشاش وجودنا وتحطيم كبريائنا وادّعائنا وغطرستنا، فنحن قصبة مرضوضه مكسورة سريعة العطب والزّوال. الثّابت الوحيد هو اتّكالنا على رعاية الله وحمايته ونعمته وعطفه وحنانه وشفقته. الأرض تقول لنا إنّنا تراب وإلى التّراب نعود تحت الرّدم والحجارة وزالزّجاج والجدران والسّقوف الممزّقة والمتطايرة كورق الخريف المتساقط من الأشجار العارية وإنّنا إلى زوال مهما طال أمد عمرنا والعمارات الشّاهقة والبيوت العامرة ستهرّ كورق الخريف الأصفر عن الأشجار، ونحن سنصبح آنيّة خزف محطّمة وأكواب زجاج متناثر قطعًا صغيرة جارحة عندما تهتزّ الأرض وترتجف. نتمسّك نحن بالله وبالصّلاة ونشعر بضعفنا وهشاشتنا وسرعة عطبنا أو معطوبيّتنا وزوالنا فنحن كالهشيم اليابس تأكله النّار.
ونحن في زمن الصّوم المقدّس، فلنطهّر نفوسنا بالتّوبة والنّدامة والاعتراف وصنع الخير والصّدقة والعطف على اليتيم والأرمل والشّريد والمهجّر. فليكن فينا الرّجاء والشّجاعة أنّ نعمة الله ترعانا ولن تتركنا وتحفظنا في ذهابنا وإيابنا. الله خالق السّماوات والأرض كلّ شيء يتمّ بقدرته الإلهيّة وإنّ مجده العظيم وقوّته وقدرته تهزّ الجبال والأرض وتخلق النّجوم والكواكب والأنهار والبحور. ونحن ترعانا وتحفظنا عنايته هو الّذي خلقنا بفعل حبّ من إرادته. لتكن صلاتنا له ليرحمنا ويحفظنا كحدقة عينه."
وأنهى مونّس مصلّيًا: "نجّنا يا الله من الهزّة والزّلزال والخوف والفزع والرّعب والهلع وخلّصنا وخلّص كبارنا وصغارنا واشفق علينا وارحمنا ولا تدعنا نموت تحت الرّدم وتترك السّماء تسقط على رؤوسنا ونخسر أحبّاءنا وأطفالنا ومرضانا وأرزاقنا وجنى عمرنا. لا تسخط علينا يا ربّ، بل ارحمنا يا ارحم الرّاحمين آمين".