لبنان
09 تموز 2017, 09:50

نادي شبيبة بيادر رشعين كرّم الخوري الزاعوق وكلمات نوهت بمزاياه

نظّم نادي شبيبة بيادر رشعين في قضاء زغرتا، لقاءً وطنياً مميزاً، تكريماً لخادم رعيتي دير نبوح في قضاء الضنية وبيادر رشعين في قضاء زغرتا الراحل الخوري انطون الزاعوق، في قاعة مطعم جسر رشعين في القضاء، تحت عنوان "العيش الواحد". شارك في اللقاء مفتي طرابلس والشمال الشيخ الدكتور مالك الشعار، رئيس أساقفة أبرشية طرابلس المارونية المطران جورج بو جوده، رئيس اتحاد بلديات قضاء الضنية محمد سعدية، ورئيس اتحاد بلديات قضاء زغرتا زعني خير.

حضر اللّقاء قائمقام زغرتا السيدة ايمان الرافعي، المطران عصام درويش رئيس اللجنة الاسقفية للحوار الاسلامي المسيحي ممثلاً بمنسق شؤون اللجنة في الشمال الزميل جوزاف محفوض، رئيس رابطة مخاتير زغرتا الزاوية ميلاد شاهين، قائد الدرك السابق العميد سركيس تادروس، العميد نعيم نصور، رئيس بلدية كفردلاقوس باخوس نكد، الى عدد من رؤساء بلديات القضاء ومختارين وفاعليات.

بداية الحفل النشيد الوطني، ثمّ عرّف الزميل بدوي حبق بالحضور والسيدة ساسيليا عويس بالمنتدين، بعدها ألقى مخائيل عبود كلمة نادي شبيبة بيادر رشعين.

ثم تحدّث سعدية، فقال:"وطننا لبنان لن يهنأ ولن يقوم اذا لم تسد المحبة الحقيقية بين أبنائه والتسامح ونبذ الطائفية بكل أشكالها والتكلم بلغة واحدة بين بعضنا البعض وفي بيوتنا". وقال:"انّ المشكلة الكبرى هي عندما يبدأ التفكير ضمن المجموعات الصغيرة بالعمل على توفير الاستقرار، لأنّ ذلك يؤدي الى كونتونات مختلفة، ويؤدي اختلافها الى عدم الاستقرار بل نسف الاستقرار الموجود، إنّما يجب أن يكون ذلك ضمن خطة شاملة وكاملة للدولة التي ترعى شؤون أبنائها وتوفر لهم الأمان والحماية والرعاية بما يؤمن الانتظام العام ويؤدي الى حالة توازن وتماسك تكون هي أساس بناء الدولة. ويجب أن تكون السيادة لحكم القانون وليس على أساس التبعية الطائفية أو المذهبية أو السياسية أو الزعامتية".

وأكّد"أنّ الشباب أملنا وخلاصنا وبغير العلم والانفتاح لن تقوم لنا قائمة ولن نقدر أن نطور مفاهيمنا الدينية". مشيراً الى أنّ"المسيرة بدأت مع الأب انطوان الزاعوق، الذي ولد ونشأ في رشعين، والذي احتضنت رفاته ديرنبوح. وإذا كنّا فعلاً جادّين في التأسيس لنمط جديد من الحياة يعتمد على الانسان والقيم وحب الجوار والمشاركة المطلقة بالشجون والأفراح، وأن نعمل على إذكاء روح الانتماء مع نبذ روح التفرقة والغاء الفوارق بحيث لا يكون فضل لأي كان على أي كان إلا بما يقدمه لمجتمعه، فلنضع نصب أعيننا تنمية النقد الذاتي والابتكار والعلم والتسامح والثقة بالانسان والحوار وفن الاصغاء للآخرين والابتعاد عن التقليد والتعصب والصدام والتحنط العقلي والاهم من كل ذلك ادعاء حصرية الحق لكل فريق".


ثمّ كانت كلمة خير الذي قال:"انّ هذا الكاهن الجليل الأب أنطوان الزاعوق يشكل حالاً قائمة بذاتها للوحدة الوطنية، إذ قام بتأدية رسالة ثنائية الأبعاد في الدين والوطنية، فكان راعياً لرعيتين، وخادماً لبلدتين جامعاً ذات البين بين العائلتين الشقيقتين في مجتمع واحد ضمن اطار العيش الواحد".

وتابع:"كان قدوةً ومثالاً للوطنية الصادقة والصحيحة، إذ هو ابن هذه البيئة الوطنية، وهذه البقعة الراسخة في هذا العيش الواحد وهذا المجتمع الأهلي أو العائلي الواحد". وقال:"هذا ما ثبتنا عليه وتمسكنا به منذ القدم، وقدمنا من أجله أغلى التضحيات على اختلافها، ولا نزال وهذا الذي لا نرضى العيش بدونه". وتابع:"هو الذي يسهل علينا حلّ الخلافات، إذا ما وجدت أو نقول هو الذي تنتفي معه الخلافات، ويقوم الأمان والاطمئنان والسلام، ويقيمنا في واحة من الحرية المسؤولة، والتعاون البناء، وتوفير الجهود لتعزيز وطن العيش الواحد، وطن المحبة والسلام، وطن الرسالة".


وألقى المفتي الشعار كلمةً، قال فيها:"كنت أودّ لو أزور وأصافح كل واحد منكم في بيته ومسكنه، لنعلن شيئاً أساسياً أنّ المحبة تجمعنا لأنّنا نحمل اسماً كبيراً ولقباً عظيماً هو أنّ كل واحد منّا انسان يتميّز عن سائر المخلوقات أنّه ذو فكر ويتعامل في اطار المحبة والعاطفة ويتنافس في اطار المبادىء ورباطة الجأش. كثر الكلام عن موضوع العيش المشترك بعد حرب الاخرين على أرض لبنان، لأنّ البعض أراد أن ينقسم اللبنانيون على بعضهم وأن يمارسوا في لحظات من الغضب، ما يتألمون على فعله اليوم لانهم عادوا الى ضميرهم ووطنهم وأدرك الجميع أنّ كل من مارس الحرب وجرح كرامة الانسانية واساء الى الاخرين، والمهمّ أنّ الجميع عاد الى وعيه وأصبحنا على يقين كبير أنّ الكثيرين تحصنت عندهم قناعة أنّ الخلاف لا يمكن أن يوصل أحًدا الى ساحة النجاة، وأنّ التصادم لا يمكن أن يحقّق ربحاً لأحد، فالخاسر الأكبر هو الوطن، والخاسر الأكبر هو الانسانية، هذا الوطن الذي يتحدث عنه العالم لأنّ لبنان هو الذي احتضن جبران خليل جبران، ومخائيل نعيمه، هو الذي احتضن مفكرين وعلماء، لأنّ لبنان مميز بفكره وعقله المستنير، وتالق لبنان وكثرت أدواره وأشرقت افكاره، لذلك كل من يفكر اليوم بغير القيم والانسانية خارج عن الانسان ومضمونه، لأنّ الانسان هو خليقة الله، ولأنّ الانسان هو أهم قضية في هذه الدنيا، ولا يجوز أن نجور عليه ونهدد حاضره أو نقتل مستقبله، العيش الواحد جاء الحديث عنه بعد حرب الاخرين على أرضنا، وقبل ذلك ما كنا نتحدث عن العيش المشترك لأنّنا كنا نعيشه يوميّاً، وكنّا نموذجاً له. لكن للأسف اغتيل العيش المشترك على يد بعض من أبنائنا، وانّ أعظم ما في لبنان هو حرصنا على الوحدة الوطنية، بمقدار ما تتشابك الايدي ويشعر الاخر أنّه أخ له في الانسانية".

وتابع:"همّنا واحد هو لبنان، والوحدة الوطنية ولا نستطيع أن نتحمل شقاقاً وفراقاً بين أبناء الوطن الواحد، الصراع والتنافر السياسي أمر طبيعي، كل ذلك مقبول، من قال أنّ كل واحد منا انّه صورة طبق الأصل عن الاخر، نحن مختلفون في ثقافتنا، نحن أخوة في الانسانية والوطن، فكل قيم الديانات متشابهة، واذا أردنا أن نتعايش علينا أن ندرك قيم بعضنا البعض. ونحن فخورون بهذه القيم، فكلنا للوطن، وعيب على أمثالنا الا ندرك قيم العيش المشترك، وألا نكون المثل والنموذج الذي نلفت الانظار اليه، فكيف نكون وطن رسالة كما قال البابا الراحل، فلبنان هو رسالة وكيف يكون رسالة من دون ادراكنا للعيش الواحد، ولو كل واحد منا أعطى اخاه ما تمناه لنفسه سنكون مثلاً للسلم الأهلي في لبنان والعالم، لبنان متقدم على الدول في تاريخه وجذوره وثقافته وفكره، وهو يرتقي على بقية الدول بالقيم والوحدة والتعاون والذي لا أجد سبباً لتقليصه أو تخلفه عن حاجاتنا ولو ليوم واحد".


كلمة الختام كانت للمطران بو جوده الذي قال:"إيماننا المسيحي، أيّها الأحباء، يستند إلى أمرين أساسيين هما: علاقة وحدث. علاقة شخصية بيسوع المسيح، وقيامته من بين الأموات، وخارجاً عنهما لا إيمان مسيحيّاً، لأنّ هذا الإيمان ليس مبنيّاً على نظريات وأفكار فلسفية وإيديولوجية ونظرية، ولا على مبادئ وتعاليم وشرائع ننفذها بحرفيتها، لكي يقال عنا بعد أن ننتقل من هذه الحياة إلى الحياة الأخرى، أنّنا قد تمّمنا واجباتنا الدينية. مرتا، أخت لعازر عبرت عن إيمانها بهذين الأمرين، وقالت ليسوع: أنا أؤمن أنك أنت المسيح، إبن الله الآتي إلى العالم. بشريا يثير فينا الموت الحزن والأسى فنعبر عن ذلك بالبكاء والنحيب، لكنه بالمقابل يثير عندنا الإيمان والرجاء. بشريا نبكي كما فعل يسوع عندما وصل إلى قبر لعازر، أمّا إيمانيا فنقول مع مرتا أخت لعازر، نحن نؤمن يا يسوع أنّك أنت المسيح إبن الله الحي الآتي إلى العالم".

وتابع:"هذه الحقائق آمن بها الخوري أنطون، وبشّر بها وعاشها شخصيا، خاصة في أيامه الأخيرة، عندما شعر بأنّ ساعته الأخيرة قد أتت، فتكلم عنها مع الأسقف أنطوان مخايل في زيارته الأخيرة له فنظم معه، وهو بكامل وعيه، كيف يتمنى أن يكون الإحتفال بمأتمه، راجياً ألا يعبر محبوه وأبناء رعيته عن حزنهم بإطلاق الرصاص والمفرقعات، بل بالصلاة لراحة نفسه، لشكره على كل ما قام به لهم من خدمات روحية واجتماعية".

وقال عن الراحل:"عرفت الخوري أنطون الزاعوق طالباً في ثانوية زغرتا، وربطتني به علاقات صداقة وأخوة منذ ذلك الوقت. ثمّ عرفته طالبا إكليريكيا في دير مار يعقوب في كرمسدة، ثم كاهناً خادماً لهذه الرعية، التي كنت أقيم فيها اللقاءات الروحية والسهرات الإنجيلية، وأخيراً عرفته كمطران لهذه الأبرشية منذ أكثر من عشر سنوات، فكان هو هو الإنسان الطيب والمحب، البسمة الدائمة على وجهه وروح الدعابة والنكتة دائماً على لسانه، وروح المحبة وخدمة الآخرين في كل تصرفاته. وقد ربطته بإخوته الكهنة في الأبرشية، وبصورة خاصة، مع كهنة هذا القطاع، علاقات صداقة ومحبة وأخوة عميقة، وقد عبروا عن ذلك اليوم بصورة مميزة، إذ أنّهم لم يكتفوا بنقل جثمانه مباشرة من المستشفى إلى هذه الكنيسة، بل أرادوا أن يزوروه للمرة الأخيرة، الكنائس التي كان يصلي فيها معهم".

أضاف:"عرفت الخوري أنطون، كاهناً مطيعاً للسلطة الكنسية ولمطران الأبرشية، لا يعصي له أمراً. وقد عبر عن ذلك عمليّاً وبكل روح طيبة عندما طلبت منه أن يذهب إلى عمان ليخدم فيها الرعية الناشئة على إسم القديس شربل، بناءً على طلب من أخي صاحب السيادة المطران بولس الصياح، فأقام علاقات طيبة مع أبناء هذه الرعية، الذين بقوا يتواصلون معه بعد إنتهاء فترة خدمته في رعيتهم. وقد زاره سيادته في المستشفى، وصلّى معه لحظات قليلة قبل أن ينتقل إلى الحياة الأخرى. عرفت عنه كل ما كان يقوم به في خدمة الشبيبة وإرشادهم في ثانوية رشعين الرسمية، مع أنّه لم يكن موظفاً رسميّاً، فشجعته وهنأته على ذلك، وكان الطلاب والطالبات كما المعلمون والمعلمات يلجأون إليه لإستشارته في أمور كثيرة، نظراً للثقة الكبيرة التي كانوا يضعونها فيه. كما انه كان رئيساً فخريّاً لنادي الشبيبة، ومرشداً لفوج الكشافة في البلدة".

وختم:"خدم الخوري أنطون رعيتي بيادر رشعين ودير نبوح سنوات طويلة، فكان الرّاعي الصالح الذي يعرف خرافه وخرافه تعرفه. وكانت علاقته مميّزة مع الجميع، وخاصة مع ابناء بلدة دير نبوح والذي طلب في وصيته ان يدفن فيها، وهذا أكبر تعبير عن محبته لهم وعيشه معهم عيشاً واحداً، فهو كان دائماً حاضراً بين الكنيسة والمسجد في البلدة، وقد عاش الحوار بشكل فعلي وليس بشكل نظري، لأنّ الحوار هو العيش الواحد مع أبناء البلد الواحد، وهذا ما قام به الخوري انطوان".