مونّس: أوقفوا هذا الضّياع بين الرأي والعقيدة جهنّم والملائكة موجودة، أمّا المطهر فحقيقة موجودة أيضاً
وتابع مونّس مذكّراً بأنّ الملاك الحارس والملائكة موجودون في تعليم الكنيسة وعقيدتها. أمّا شرح كيفية هذه العقائد والمقولات، فخاضع لتطور اللاهوت والعلم وشرح الكتاب المقدس والاكتشافات الكتابية والآبائية والانتربولوجية والعلمية الحديثة وخصوبة القراءات والدلالات اللاهوتية المعاصرة. انّ الأستاذ المعلم يجب ألا يخلط بين الرأي Opinion والتعليم Enseignement وDoctrine, Dogme ، بخاصة عندما يتعاطى مع الرأي العام وضمائر الناس عبر الراديو أو التلفزيون أو وسائل التواصل الاجتماعي؛ فمن غير المسموح أن نقدّم للنّاس حقائق فجّة ونبلبل ضمائرهم. نعم يجب أن نعلم وأن نقول الحقائق لكن بلطف وهدوء وكما قال Ronsard: «obserbe avec les roses»
علينا أن نربّي الضمائر بلطف وهدوء ليبلغ الانسان النضج الروحي ويوسع قلبه وعقله لتقبل المعلومات والأبحاث والحقائق الجديدة، بخاصّة بعد الدراسات الانتربولوجية والبيبلية، والليتورجية والبنيانية والنفسية والبيئية والتيولوجية الجديدة. العقل يتطور والعلم يتقدم والمعرفة تكبر يوماً بعد يوم، انه مسار الحقيقة للوصول الى الحقيقة المطلقة الوحيدة التي هي الله.
وتابع مونّس موضّحاً أنّ علم الدلالات Hermeneutique هو علم خصوبة العقل والقلب والشرح والتأويل في جدلية فلسفية تيولوجية انتربولوجية، سيكولوجية جغرافية بيئية لا تتوقف. من هنا الفرق الكبير بين حضارة ولاهوت وطقوس أهل الجبال وأهل السهول والوديان والصحارى والبحار، أهل الصقيع في القطب الشمالي، وأهل الربيع في السهول والوديان الخصبة بمواسمها وأنهارها، وأهل الصحراء الرمال اللاهبة. التيولوجيا مرتبطة اذاً بالانتربولوجيا أي بالوجود الانساني في بيئة وجغرافية معينة تعطي للجمال والاستتكا Ethetica معناها وللشعر وللفولكلور وطقوس المائدة والطعام، كما قال ليفي شتراوس Levi - Strauss ميزتها الخاصة وفرادتها الرائعة الفنية.
وبناءً على ذلك، أكّد مونّس أنّه لفهم الانسان ونصوصه المقدسة ولاهوته وطقوس الموت والحياة والخصوبة عنده، لا يكفينا النّظر الى جماعة واحدة في مجتمع واحد معيّن، دون الانطلاق الى عمليات الفكر المقارن، لنستطيع شرح وفهم انتربولوجية الشعور وتفهم معنى النسبية ووظيفة الأشياء والطقوس واللباس والرموز والشعائر، وخصوصية الانسان ومجتمعه وبيئته وقيمه ومعتقداته.
وتابع قائلاً أنّ "الحب موجود عند انسان القطب الشمالي والجبال والصحراء والشواطئ، لكن التعبير عنه يتغيّر من شعب لآخر، ومن انسان لآخر. البغض، الحسد، اللطف، وسواها من الاحاسيس موجودة عند كل انسان وكل الشعوب انسان واحد هو كل الناس، لكن طريقة التعبير عن ذلك تتبع سلّم قيم وأنماطاً خاصة بكل انسان وبكل شعب.
الانتربولوجيا لا تقبل المطلقات وتقوم على احترام طقوس الشعوب ومعتقداتهم والغوص في وظيفتها وغائيتها ودلالاتها.
لذلك، في النهاية لا تقبل الانتربولوجيا هذه الاراء ومطلقيها واعتبارها حقيقة لا يجادل فيها.
الجحيم والمطهر والملائكة حقائق موجودة، لكن البحث ممكن أن يدور عن كيفيّة هذا الوجود وطريقته La maniere وطريقة التعبير عنه. وفهم رمزية هذا التعبير ودلالته، كما في كلمة «يا تقبرني» باللّغة اللّبنانيّة. فالمعنى الرمزي هو معنى حبّ كبير والمعنى الحقيقي هو دفن وقبر من نحب."
لذا، أوصى مونّس املاً عدم الخلط بين المفاهيم وتضليل الناس.