موارنة سيدني أحيوا عيد مار مارون في أوّل كنيسة مارونيّة في أستراليا
في عظته، تحدّث طربيه عن "إرث القداسة والإيمان في الكنيسة المارونيّة الّذي انطلق مع القدّيس مارون"، داعيًا- بحسب "الوكالة الوطنيّة للإعلام"- "إلى التّمسّك بالهويّة المارونيّة، وتوقّف عند مَثَل حبّة الخردل من الإنجيل المقدّس مشبّهًاً نموّ الكنيسة المارونيّة في العالم به". وقال: "إنّ مَثَل حبّة الخردل من الإنجيل المقدّس يساعدنا على فهم تاريخ الكنيسة المارونيّة. فحبّة الخردل، رغم صغر حجمها، نمت لتكون من أكبر الأشجار في منطقة الجليل وقد استخدم ربّنا يسوع المسيح هذا كرمز للملكوت السّماويّ، حيث يقود الإيمان بالله وتعاليمه إلى النّموّ والكمال حتّى ولو كانت البدايات متواضعة. وكحبّة الخردل تأسّست الكنيسة المارونيّة بحبّة الإيمان والثّبات في محبّة الله الّتي زرعها القدّيس مارون في القرن الرّابع. وفي جبال لبنان، ثبّتت جذورها لتنتشر فروعها في العالم وتزدهر في كلّ أقاصي الأرض. ونحن اليوم، كموارنة أستراليّين، نواصل الشّهادة لهذا الإرث المقدّس، محافظين على تقاليدنا و روحانيّتنا وانتمائنا العميق للجماعة، فوجود الكنيسة المارونيّة في أستراليا ليس مجرّد حقيقة تاريخيّة بل شهادة على عناية الله وإيمان أجدادنا."
وأشار "إلى أهمّيّة القداسة في حياة الكنيسة والمؤمنين، خاصّة على ضوء حدثيْن روحيّين طبعًا مسيرة الكنيسة المارونيّة العام الماضي: تطويب البطريرك إسطفان الدّويهيّ، إعلان قداسة الأخوة المسابكيّين"، معتبرًا أنّ "هؤلاء الرّجال الأتقياء يذكّروننا بأنّ القداسة ليست مجرّد مفهوم من الماضي، بل واقع حيّ ومتاح للجميع، فهذه الأحداث ليست مجرّد محطّات تاريخيّة في مسيرتنا ككنيسة وحسب، بل هي دعوة لنا جميعًا لعيش القداسة في حياتنا اليوميّة، والقدّيسون والشّهداء في كنيستنا هم قدوة لنا في المثابرة على الايمان والتّعمّق بكلمة الإنجيل."
وقال: "إنّ القداسة مصدر رجاء، معلنًا عن انطلاق فعاليّات يوبيل الرّجاء الّذي أعلنه البابا فرنسيس لعام 2025 وداعيًا المؤمنين ليكونوا حجّاج رجاء ينشرون الأمل أينما تواجدوا".
وإفتتح طربيه برنامج الاحتفالات باليوبيل بتكريم الأستراليّين الموارنة الّذين خدموا ويخدمون في الشّرطة والقوّات المسلّحة الأستراليّة. وقال: "مع انطلاقة هذا اليوبيل، نحن مدعوّون لنكون حجّاج رجاء، وهي فرصة لتجديد الرّوح، والتّواصل مع الآخرين، وعيش إيماننا. والمناسبة الأولى في هذا اليوبيل تكريم الموارنة الأستراليّين الّذين خدموا في الشّرطة والقوّات المسلّحة، تقديرًا لتفانيهم وأداء واجبهم في خدمة الصّالح العام. نحن نكرّم تضحياتهم، وندعو أن يكونوا مصدر إلهام لنا وخير مثال للعيش بشجاعة وإيمان."
من ناحية أخرى، أعلن طربيه في عظته أيضًا عن تأسيس المركز المارونيّ الكاثوليكيّ للأنجلة، وهو مبادرة جديدة ضمن الأبرشيّة، تهدف إلى تعزيز الحياة الرّعويّة والتّنشئة الرّوحيّة والإيمانيّة في الكنيسة المارونيّة في أستراليا. وسيركّز المركز على التّعليم والتّواصل وتوفير الأدوات والموارد اللّازمة لعيش الإيمان في المجتمع المعاصر رغم التّحدّيات الكثيرة. وشدّد على أنّ "التّبشير ليس مسؤوليّة الكهنة فقط، بل هو مسؤوليّة كلّ من في الكنيسة. من خلال هذا المركز، نأمل في تمكين الجميع من عيش رسالة الإنجيل ونشرها."
ويتزامن القدّاس الاحتفاليّ هذا العام مع ذكرى ستّين عامًا على تأسيس وتكريس كاتدرائيّة مار مارون في ريدفرن. ونوّه طربيه بالدّور التّاريخيّ لهذا الصّرح الكنسيّ في تاريخ الجالية المارونيّة في أستراليا. وقال: "شكّلت هذه الكنيسة ركيزة للإيمان في مجتمعنا وشهدت على نموّ الكنيسة المارونيّة في أستراليا وهي تستمرّ في دورها كمنارة للمؤمنين إذ تشكّل مكانًا نلتقي فيه للصّلاة والتّفاعل والرّجاء."
وجدّد تهنئته للشّعب اللّبنانيّ بانتخاب العماد جوزاف عون رئيسًا جديدًا للبنان "ممّا يشكّل بارقة أمل للتّغيير والإصلاح لتحقيق طموحات وآمال اللّبنانيّين بمستقبل أفضل"، قائلًا: "نشكر الله ونهنّئ الشّعب اللّبنانيّ على انتخاب الرّئيس الجديد العماد جوزاف عون، وهو استحقاق طال انتظاره. فبعد أكثر من عامين من الشّغور، يمثّل هذا الانتخاب خطوة أساسيّة نحو الاستقرار السّياسيّ وبدء مرحلة جديدة عنوانها الوحدة والإصلاح لإعادة بناء لبنان الّذي نحلم به. كما تلقّينا بسرور خبر تشكيل الحكومة الجديدة، داعين الله أن يكون هذا الإنجاز أيضًا خطوة إضافيّة في الاتّجاه الصّحيح. نحن مدعوّون كجالية، بكلّ أطيافنا، لدعم جهود إعادة بناء لبنان، ودعم جهود رئيس الجمهوريّة في قيادته لبناء الوطن الّذي نحلم به. كما أدعو الحكومة الأستراليّة لدعم لبنان في هذه المرحلة المفصليّة من تاريخه وترسيخ الرّوابط السّياسيّة والاقتصاديّة بين البلدين."
ورفع الصّلاة من أجل السّلام والأمان في أستراليا، داعيًا الجميع للعمل معًا ووضع خطّة لرفض أيّ تحرّكات أو أعمال تهدّد سلامة مجتمعنا الأستراليّ والتّناغم فيه.
وإختتم شاكرًا "الرّبّ على ازدهار ونموّ الكنيسة المارونيّة لتستمرّ في نشر وعيش كلمة الإنجيل"، كما عبّر عن تطلّع الكنيسة جمعاء ومعها الكنيسة المارونيّة "إلى يوبيل الرّجاء بتفاؤل، لأنّنا جزء من كنيسة حيّة ومزدهرة نتذكّر فيها ومعها أنّ الله حاضر ويقوم بأعمال عظيمة بيننا."
بعد القدّاس الاحتفاليّ، قدّم طربيه والسّفير البابويّ، ميدالية يوبيل الرّجاء للمكرّمين من عناصر الشّرطة والقوّات المسلّحة الأستراليّة. كما شارك جميع الحاضرين بالكوكتيل الاحتفاليّ الّذي نظّمته رعيّة مار مارون والّذي تحدّث خلاله كلّ من رئيس الرّابطة المارونيّة في أستراليا جون شديد ورئيسة جمعيّة سيّدات الإنجيل المارونيّات، شيرلي وهبي، فشكرا الحضور والمطران طربيه، وكاهن الرّعيّة الأب مارون القزّي، كما وجّها الشّكر الى كلّ العاملين والمتطوّعين في الرّعيّة لمساهماتهم."