من هو الكاهن الذي هزّ اغتياله الولايات المتّحدة الأمريكية؟
إضافة إلى مأساة ذبح الأب هامل على يد مسلّحي داعش، قد يتذكّر البعض رئيس أساقفة السّلفادور أوسكار روميرو. بتاريخ 24 آذار/ مارس من العام 1980 اغتيل الأب روميرو بينما كان يقيم قداسًا في كنيسة صغيرة تابعة لمستشفى.
إلّا أن الكاهن الذي يجول في خاطري ليس الأب هامل أو الأب روميرو بل الكاهن الفرنسيسكاني المتواضع الذي خدم في رعيّة القدّيسة إليزبيت في دنفر، كولورادو بين عامي 1907 و1908.
إنّه الأب ليو هينريش، الشّاب الألماني الذي هرب من إضطهاد حكم أوتو فون بسمارك ليصل إلى الولايات المتّحدة في عام 1880. إستقرّ هينريش ومعه عددٌ من الطّلاب الإكليريكيين في دير القدّيس بونافنتور في باترسون، نيو جورسي. أعلن نذره النّهائي في الثّامن من شهر كانون الأوّل / ديسمبر من العام 1890 حيث رُسم كاهنًا في تموز / يوليو من العام 1891.
خدم الأب هينريش في عددٍ من رعايا نيويورك ونيو جورسي قبل تعيينه كاهنًا في رعيّة القدّيسة إليزبيت بدنفر عام 1907. خلال فترة خدمته في دير القدّيس بونافنتور في باترسون، تفشّى وباء الجدري في المنطقة حيث أمضى الأب ساعات ٍطويلةّ في رعاية المرضى والمحتضرين في “دار الوباء” وهي تسمية أطلقت على المستشفيات التي يتم فيها عزل الأشخاص المصابين بالأمراض المعدية.
وقبل وفاته بأسبوع، قال الأب هينريش خلال إجتماع “جمعيّة السّيدات الشّابات الخيريّة” :”إذا سُمح لي إختيار المكان الذي أود الموت به لاخترت الموت على قدميّ العذراء المباركة.”
عقب أسبوع وتحديدًا في الثّالث والعشرين من شهر شباط فبراير العالم 1908، وفيما كان الأب هينريش يحتفل بالذّبيحة الإلهية في تمام السّاعة السّادسة صباحًا حصل ما لم يكن في الحسبان. في ذلك اليوم كان من المقرر أن يحتفل الأب بقدّاس الثّامنة إلّا أنّه وبسبب إرتباطه باجتماع في هذا الوقت طلب من الأب وولستان ووركمان الحلول مكانه على أن يحتفل هو بالقدّاس الصّباحي.
في الصّف الثّالث جلس غوسيبي آليا صانع أحذية عاطل عن العمل، هاجر مؤّخرًا إلى أمريكا. آليا كان رجلًا مضطربًا وفوضويًّا ولسبب من الأسباب كان يكنّ كرهًا غريبًا للكهنة.
أثناء المناولة، تقدّم آليا لنيل القربان المقدّس حيث جثا على ركبتيه كباقي المؤمنين وما لبث أن تناول جسد الرّب ودمه حتّى بصقه بيدّه ورماه بوجه الأب هينريش. وفيما سقط القربان أرضًا وجّه آليا مسدسّه نحو الأب مطلقًّا الرّصاص على قلب الكاهن.
قبل أن يسلم الأب هينريش الرّوح قال “ربّي وإلهي” محاولًا إلتقاط القربان الذي وقع أرضًا من الكأس الذي كان يحمله. توفي الأب على مذبح السّيدة العذراء تمامًا كما تمنّى…
عقب إلقاء القبض على آليا إعترف الأخير بجرمه قائلًا:”ذهبت إلى هناك لأني أبغض كل الكهنة بالإجمال. ذهبت لتناول القربان لأحصل على ضربة موفقّة. لم أكن أهتم ما إذا كان الكاهن ألمانيًّا أو غيره…. جميعهم واحد بالنّسبة لي. أطلقت النّار عليه وأنا نادم لأنّي لم أستطع قتل مجموعة الكهنة في الكنيسة.
حوكم آليا وسيق إلى الموت شنقًا دون التّعبير عن ندمه حيث قال قبيل شنقه :”الموت لكل الكهنة!”
إليكم هذه الصّلاة الصّادرة عن مؤتمر الأساقفة الكاثوليك بالولايات المتّحدة الأمريكيّة على نيّة الكهنة:
يا إله المحبّة والكرم، نشكرك على نعمة كهنتنا
فمن خلالهم، نختبر وجودك في الأسرار
ساعد كهنتنا ليتقووا بنذورهم
أضرم قلوبهم بنارمحبّة شعبك
هبهم الحكمة، التّفهم، والقوة التي يحتاجونها للسّير على خطى يسوع
ألهمهم برؤية ملكوتك
أعطهم الكلمات التي يحتاجونها لنشر الإنجيل
إسمح لهم إختبار الفرح في أدريرتهم
ساعدهم كي يصبحوا أدوات لنعمتك الإلهية
نسألك هذا من خلال يسوع المسيح الذي عاش وحكم ككاهننا الأبدي
آمين