الفاتيكان
16 شباط 2022, 12:30

من هو القدّيس الّذي يشجّع البابا فرنسيس على طلب شفاعته في الأوقات الصّعبة؟

تيلي لوميار/ نورسات
مختتمًا سلسلة التّعاليم حول شخصيّة القدّيس يوسف، شجّع البابا فرنسيس المؤمنين المشاركين في المقابلة العامّة اليوم في قاعة بولس السّادس، على طلب شفاعة مار يوسف تحديدًا في أصعب اللّحظات من أجل قول الحقيقة وفعل الصّواب وطلب المغفرة والبدء من جديد بتواضع.

وبهذه الرّوحانيّة تعمّق البابا فرنسيس في تعليم اليوم وقال بحسب "فاتيكان نيوز": "نختتم اليوم سلسلة التّعليم حول شخصيّة القدّيس يوسف. هذه التّعاليم هي مكمّلة للرّسالة الرّسوليّة  "Patris corde"، الّتي كُتبت بمناسبة الذّكرى الخمسين بعد المائة لإعلان القدّيس يوسف شفيعًا للكنيسة الكاثوليكيّة من قبل الطّوباويّ بيوس التّاسع. لكن ماذا يعني هذا العنوان؟ ماذا يعني أنّ القدّيس يوسف هو "شفيع الكنيسة"؟

في هذه الحالة أيضًا، تُقدّم لنا الأناجيل مفاتيح القراءة الصّحيحة. في الواقع، في نهاية كلّ قصّة ترى يوسف كرائد للرّواية، يشير الإنجيل إلى أنّه يأخذ الطّفل وأمّه معه ويفعل ما أمره به الله. وهكذا تبرز حقيقة أنّ مهمّة يوسف هي حماية يسوع ومريم. إنّه حارسهم الرّئيسيّ: إنّ يسوع ومريم أُمِّه في الواقع هما كنز إيماننا الأثمن. وبالتّالي في مخطّط الخلاص، لا يمكننا أن نفصل الابن عن الأمّ، عن تلك الّتي تقدّمت في حجّ الإيمان وحافظت بأمانة على اتّحادها بالابن وصولاً إلى الصّليب، كما يذكّرنا المجمع الفاتيكانيّ الثّاني.

إنَّ يسوع ومريم ويوسف هم بمعنى ما النّواة الأوّليّة للكنيسة. ونحن أيضًا علينا أن نسأل أنفسنا دائمًا ما إذا كنّا نحمي بكلّ قوّتنا يسوع ومريم، الموكَلَين بشكل سرِّي إلى مسؤوليّتنا، وحمايتنا. لقد جاء ابن العليّ إلى العالم في حالة ضعف عظيم. وأراد أن يحتاج إلى الدّفاع والحماية والعناية. وقد وثق الله في يوسف، كما فعلت مريم، الّتي وجدت فيه الزّوج الّذي أحبّها واحترمها وكان يعتني بها وبالطّفل على الدّوام. بهذا المعنى، لا يمكن للقدّيس يوسف ألّا يكون حارسًا للكنيسة، لأنّ الكنيسة هي امتداد لجسد المسيح في التّاريخ، وفي الوقت عينه في أمومة الكنيسة تختبئ أمومة مريم. وإذ يستمرّ يوسف في حماية الكنيسة، ويواصل حماية الطّفل وأمّه، ونحن أيضًا، من خلال محبّتنا للكنيسة، نستمرُّ في محبّة الطّفل وأمّه.

هذا الطّفل هو الّذي سيقول: "كُلَّما صَنعتُم شَيئًا مِن ذلك لِواحِدٍ مِن إِخوتي هؤُلاءِ الصِّغار، فلي قد صَنَعتُموه". لذلك فكلّ شخص جائع وعطشان، كلّ غريب وكلُّ مهاجر، وكلّ شخص بلا ملابس، وكلّ مريض، وكلّ سجين هو "الطّفل" الّذي يحرسه يوسف. لذلك نتضرّع إليه كحامي جميع المعوزين، والمنفيّين، والمنكوبين، والمُحتضرين أيضًا– وقد تحدّثنا عن ذلك يوم الأربعاء الماضي. وبالتّالي علينا نحن أيضًا أن نتعلّم من يوسف أن "نحرس" هذه الخيور: أن نحبّ الطّفل وأمّه؛ ونحبّ الأسرار وشعب الله، ونحبّ الفقراء ورعيّتنا. لأنَّ جميع هذه الحقائق هي على الدّوام الطّفل وأمّه.

من الشّائع اليوم أن ننتقد الكنيسة، ونسلِّط الضّوء على تناقضاتها، وخطاياها، الّتي هي في الواقع تناقضاتنا، وخطايانا، لأنّ الكنيسة هي على الدّوام شعبٌ من الخطأة الّذين يلتقون برحمة الله. لنسأل أنفسنا إن كنّا في أعماق قلوبنا نحبّ الكنيسة. في الواقع، وحده الحبّ يجعلنا قادرين على قول الحقيقة بشكل كامل، بطريقة غير متحيّزة؛ وعلى أن نقول ما هو خطأ، وإنّما على أن نتعرّف أيضًا على كلّ الخير والقداسة الحاضرَين في الكنيسة، انطلاقًا من يسوع ومريم.

أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، أشجّعكم على أن تطلبوا شفاعة القدّيس يوسف تحديدًا في أصعب لحظات حياتكم وحياة جماعاتكم. حيث تصبح أخطائنا فضيحة، لنطلب من القدّيس يوسف أن نتحلّى بالشّجاعة لقول الحقيقة وفعل الصّواب، وطلب المغفرة والبدء من جديد بتواضع. وحيث يمنع الاضطهاد إعلان الإنجيل، لنطلب من القدّيس يوسف القوّة والصّبر لتحمّل الإساءة والآلام محبّة بالإنجيل. وحيث تندر الوسائل المادّيّة والبشريّة وتجعلنا نختبر الفقر، لاسيّما عندما نكون مدعوّين لخدمة الأخيرين، والعزل والأيتام والمرضى والّذين يهمِّشهم المجتمع، لنرفع صلواتنا إلى القدّيس يوسف لكي يكون عناية الله لنا. كم من القدّيسين قد لجأوا إليه! وكم من الأشخاص في تاريخ الكنيسة وجدوا فيه شفيعًا وحارسًا وأبًا!

لنقتدِ بمثالهم ولذلك لنصلِّ اليوم جميعًا إلى القدّيس يوسف بالصّلاة الّتي وضعتها في نهاية الرّسالة الرّسوليّة "Patris corde"، ولنوكل إليه نوايانا، وبنوع خاصّ، الكنيسة الّتي تتألّم وتُمتَحَن: السّلام عليك يا حارس الفادي وخطّيب العذراء مريم. إليكَ أوكل الله ابنَه وفيكَ وضَعَت مريم ثقتَها ومعك أصبح المسيح إنسانًا. أيّها الطّوباويّ يوسف أظهر نفسك أيضًا أبًا لنا وقُدنا في مسيرة الحياة ونِل لنا النّعمة والرّحمة والشّجاعة ودافع عنّا من جميع الشّرور. آمين."