الفاتيكان
23 كانون الثاني 2024, 10:30

من هم رفاق البابا فرنسيس في السّفر وماذا قال لهم؟

تيلي لوميار/ نورسات
شكر البابا فرنسيس "رفاقه في السّفر" على جهودهم في نقل أخبار الكرسيّ الرّسوليّ، مثمّنًا رسالتهم وعملهم، وذلك في خطاب توجّه بها إلى أعضاء الرّابطة الدّوليّة للصّحفيّين المعتمدين لدى الفاتيكان، خلال استقبالهم أمس الإثنين في قاعلة كليمينتينا.

وفي تفاصيل، هذا الخطاب، قال البابا بحسب "فاتيكان نيوز": "إنّها فرصة لي لكي أشكركم أشكركم، أنتم رفاقي في السّفر، على العمل الّذي تقومون به لكي تُعرِّفوا القرّاء والمستمعين والمشاهدين بنشاط الكرسيّ الرّسوليّ. صحفيّون ومشغلون ومصوّرون ومنتجون: أنتم جماعة توحِّدها مهمّة. أعرف شغفكم، وحبّكم لما تروونه، وتعبكم. كثيرون منكم لا يتابعون أخبار الفاتيكان فحسب، بل يتابعون أيضًا أخبار إيطاليا وجنوب أوروبا والبحر الأبيض المتوسّط ​​والبلدان الّتي تأتون منها.

أن تكون صحفيًّا هي دعوة تشبه إلى حدّ ما دعوة الطّبيب الّذي يختار أن يحبّ البشريّة من خلال علاج أمراضها. وهكذا، بمعنى ما، يفعل الصّحفيّ الّذي يختار أن يلمس لمس اليد جراح المجتمع والعالم. إنّها دعوة تولد في عمر الشّباب وتحمل إلى الفهم وتسليط الضّوء والسّرد. أتمنّى لكم أن تعودوا إلى جذور هذه الدّعوة، وأن تتذكّروها، وأن تتذكّروا الدعوة الّتي توحّدكم في مثل هذه المهمّة الهامّة. كم هناك حاجة إلى المعرفة والسّرد من ناحية، وكم هو ضروريّ أن ننمّي حبًّا غير مشروط للحقيقة من ناحية أخرى! أودّ أن أعرب عن امتناني لكم، ليس فقط على ما تكتبونه وتنقلونه، وإنّما أيضًا على مثابرتكم وصبركم في متابعة الأخبار الّتي تصل يومًا بعد يوم من الكرسيّ الرّسوليّ ومن الكنيسة، وسردكم لمؤسّسة تتخطّى الـ"هنا والآن"، وحياتنا الخاصّة. وكما قال القدّيس بولس السّادس، هناك "تعاطف وتقدير وثقة لما أنتم عليه ولما تقومون به". أشكركم أيضًا على تضحياتكم لاتّباع البابا حول العالم والعمل غالبًا حتّى في أيّام الآحاد والأعياد. يجب أن أعتذر منكم على الأوقات الّتي أبعدتكم فيها الأخبار المتعلّقة بطرق مختلفة عن عائلاتكم، وعن اللّعب مع أبنائكم، وعن قضاء الوقت مع أزواجكنَّ أو زوجاتكم.

إنّ لقاءنا هو فرصة للتّأمّل حول العمل المتعب الّذي تقومون به كصحافيّين فاتيكانيّين في سرد مسيرة الكنيسة، وفي بناء جسور المعرفة والتّواصل بدلًا من أخاديد الانقسام وانعدام الثّقة. من هو الصّحافيّ الفاتيكانيّ إذن؟ أجيب باستعارة كلمات أحد زملائكم، الّذي احتفل مؤخّرًا بعيد ميلاده الثّمانين وسافر كثيرًا مع الباباوات. وفي معرض حديثه عن عمله كصحافيّ للفاتيكان، وصفه بأنّه "مهنة سريعة لدرجة أنّها قد تبدو قاسية، وغير مريحة مرّتين عند تطبيقها على موضوع رفيع المستوى مثل الكنيسة، والّذي تحمله وسائل الإعلام التّجاريّة حتمًا إلى مستواها... مستوى السّوق". "في السّنوات العديدة لعملي كصحافيّ للفاتيكان– أضاف– تعلَّمت فنّ البحث عن قصص الحياة وروايتها، وهو أسلوب لمحبّة الإنسان. لقد تعلّمت التّواضع. لقد اقتربت من العديد من رجال الله الّذين ساعدوني لكي أؤمن ولكي أبقى إنسانًا. ولذلك لا يسعني إلّا أن أشجّع الّذين يريدون المغامرة في هذا التّخصّص الصّحفيّ". إنّه تشجيع جميل على الرّغم من الصّعوبات: أن نحبّ الإنسان، وأن نتعلّم التّواضع. دعا القدّيس بولس السّادس، بعد أن تمَّ انتخابه، في الأشهر الّتي سبقت استئناف المجمع الفاتيكانيّ الثّاني، الصّحفيّين الّذين كانوا يتابعون أحداث الفاتيكان لكي يغوصوا في طبيعة وروح الأحداث الّتي كانوا يكرّسون لها تقاريرهم. وقال: "يجب ألّا تسترشد، كما يحدث أحيانًا، بالمعايير الّتي تصنّف أشياء الكنيسة وفقًا لفئات دنيويّة وسياسيّة، والّتي لا تتناسب مع الأشياء نفسها، بل غالبًا ما تشوّهها، ولكن عليها أن تأخذ بعين الاعتبار ما يشكّل حياة الكنيسة حقًّا، أيّ أهدافها الدّينيّة والأخلاقيّة وصفاتها الرّوحيّة المميّزة".

أشكركم على الجهد الّذي تبذلونه في الحفاظ على هذه النّظرة الّتي تعرف كيف ترى أبعد من المظاهر، والّتي تعرف كيف تفهم الجوهر، والّتي لا تريد الخضوع لسطحيّة الصّور النّمطيّة والصّيغ المعبّأة مسبقًا للتّرفيه المعلوماتيّ، والّتي بدل البحث الصّعب عن الحقيقة، تفضّل التّصنيف السّهل للحقائق والأفكار وفقًا لمخطّطات محدّدة مسبقًا. أشجّعكم على المضيّ قدمًا في هذه المسيرة الّتي تجمع بين المعلومات والتّأمّل، والكلام والإصغاء، والتّمييز والحبّ. لقد كان الصّحفيّ نفسه الّذي استشهدت به يؤكّد أنّه في البيئة الإعلاميّة "على الصّحافيّ الفاتيكانيّ أن يقاوم الدّعوة الأصليّة للتّواصل الجماهيريّ للتّلاعب بصورة الكنيسة، مثلها مثل أيّ صورة أخرى للبشريّة المرتبطة بها. في الواقع، تميل وسائل الإعلام إلى تشويه الأخبار الدّينيّة. هي تشوّهها سواء في المجال العاليّ أو الأيديولوجيّ أو في المجال المنخفض أو الاستعراضيّ. لكن التّأثير الإجماليّ هو تشويه مزدوج لصورة الكنيسة: يميل المجال الأوّل إلى فرضها تحت شكل سياسيّ، فيما يميل الثّاني إلى إبعادها إلى مجرّد أخبار سطحيّة. إنَّ الأمر ليس سهلاً، ولكن هنا تكمن عظمة الصّحافيّ الفاتيكانيّ، دماثة الرّوح الّتي تضاف إليها المهارة الصّحفيّة. إنّ جمال عملكم حول بطرس يكمن في تأسيسه على الصّخرة الصّلبة للمسؤوليّة في الحقيقة، وليس على رمال الثّرثرة والقراءات الأيديولوجيّة الهشّة؛ والّتي تكمن في عدم إخفاء الواقع وحتّى بؤسه، دون تخفيف التّوتّرات ولكن في الوقت عينه دون إثارة ضجيج غير ضروريّ، وإنّما من خلال محاولة فهم الجوهريّ، في ضوء طبيعة الكنيسة. كم من الخير يقدّم هذا لشعب الله، وللأشخاص البسطاء، وللكنيسة نفسها، الّتي لا يزال أمامها مسيرة طويلة ينبغي عليها أن تقوم بها لكي تعرف كيف تتواصل بشكل أفضل: بالشّهادة، قبل الكلمات.

أجدّد لكم شكري وأبارككم وأبارك أحبّاءكم وعملكم. ولا تنسوا من فضلكم أن تصلّوا من أجلي!".