دينيّة
27 تشرين الثاني 2014, 22:00

من أنطاكية التي عرفت الشهادة والاستشهاد إلى رومانيا التي رويت بالدم من أجل المسيح

(بطريركية أنطاكيا وسائر المشرق للروم الارثوذكس) موجز في تاريخ الكنيسة الرومانية الأرثوذكسيةتستمد الكنيسة الرومانية الأرثوذكسية مسيحيتها رسميًّا من القدّيس أندراوس الرسول الذي بشر المنطقة الممتدة بين نهر الدانوب والبحر الأسود.وقد عرفت المنطقة - Dacia - أناسًا اعتنقت المسيحية قدموا إليها أبان وقوعها تحت سيطرة الإمبراطورية الرومانية بعد السيطرة عليها من قبل الإمبراطور تراجان عام 106م. وكانوا من الجنود المتقاعدين وعبيدًا وتجّار.

كذلك عرفت منطقة شمال الدانوب في القرن الثالث معتقلين مسيحيين آسيويين ومشرقيين تم نفيهم إليها من أساقفة وكهنة وشمامسة .
ولمعت في المنطقة أبان الإضطهاد الكبير ضد المسيحيين أسماء شهداء مسيحيين مثل القدّيس نيقيطا (372م) Saint Nicetas the Goth (died 372) وقدّيسون آخرون عدا عن استشهاد الكثير من الكهنة والمؤمنين.
تتكلّم المصادر التاريخية عن وجود هيكلية كنسية في ما يعرف برومانيا اليوم. تعود هذه الهيكلية إلى القرن الرابع ميلادي.
وقد أثبتت المصادر التاريخية أنه منذ بداية القرن 4 ومع صدور مرسوم في عام 313م، تم ذكر حوالي الـ15 أسقفية في مختلف المدن على الضفة اليمنى لنهر الدانوب، وعن مشاركة أساقفة المنطقة في أعمال مجامع مسكونية ومحليّة.
في القرن 6، أصبحت منطقة سيثيا الصغرى مقرًّا رئيسيًا وتبعت لها 14 أبرشية، وكانت جميعها مرتبطة بالقسطنطينيّة – روما الجديدة من ناحية اللغة والإيمان كما جاء في المجمع المسكوني الرابع – مجمع خلقيدونيا- عام 451م.
يعتبر القدّيس يوحنا كاسيان (345-360م) من أشهر قديسي المنطقة، إشتهر بحياته النسكيّة وكتاباته عن الرهبنة وتنظيمها ومطلق حياة الرهبنة في الغرب، عرف بلاد مصر وفلسطين، وأسس ديرين في مارسيليا واحد للرجال وأخر للنساء ورعاهم روحيًّا، كما كان تلميذًا للقدّيس يوحنا الذهبي الفم الذي سامه شماسًا أبان وجوده في القسطنطينية، وكان من المدافعين الكبار عنه عندما تعرّض للنفي.
وقد يكون من أجمل ما يشهد على الوجود المسيحي في هذه البقعة اكتشاف ما يقارب ال 35 كنيسة كبيرة ( بازيليك) ما بين نهر الدانوب والبحر الأسود والتي يعود تاريخها إلى القرنين الرابع والسادس ميلادي، بالإضافة إلى النقوش المسيحية.
وفي الحقبات المتتالية، وبالرغم من عوامل كثيرة مختلفة، سياسية ودينية، استمرّت الحياة المسيحية الأرثوذكسية في هذه المنطقة ولو بشكل متفاوت، وقد برز مدافعون قدّيسون عن إيمانهم وكان لهم الفضل الكبير، إلى جانب تمسّك الشعب بإيمانه، من الحفاظ على اﻷرثوذكسية.
وقد عرفت المنطقة على مر التاريخ، تدمير وحرق لأديار وكنائس كثيرة، عدا عن إضطهاد شنيع.
ومع إعلان استقلال رومانيا في عام 1877م، بدأت الكنيسة الأرثوذكسية هناك تعرف الحكم الذاتي، وتكوّنت متروبوليات، إلى أن أصبحت بطريركية في 4 شباط 1925م.

حقبة الحكم الشيوعي:
مع بداية الحكم الشيوعي في عام 1950م، تم حذف الكنيسة الأرثوذكسية في رومانيا من الحياة العامة رسميًا.
فمُنع التعليم الديني، وأوقفت الخدم الكنسية في المستشفيات، وأغلقت الأبرشيات والكنائس، ومعاهد اللاهوت، ودمّر وأحرق بعضها، وأوقف الكثير من رجال الدين وفرّغت الأديرة، منهم من أرسل للعمل في المعامل ومنهم وضعوا في السجون وأرسلوا للعمل في الأشغال الشاقة في سيبيريا حيث مات الكثير منهم هناك. ويضاف إلى كلّ هذا حكم الإعدام بحق كثيرين.
وفي فترة الستينات أصبح الحصول على إذن لأي عمل كنسي من سابع المستحيلات وتحت المراقبة الشديدة، وشكلت من قبل الدولة ما يسمّى بشرطة المراقبة الدينية التي كانت تحضر الإجتماعات الكنسية وتتواجد في مؤسساتها الباقية أو التي سمح بإعادة ترميمها، وكان وضع البطاركة المتعاقبين شديد الصعوبة.
وقد أعيد ترميم الكثير من الكنائس كأبنية تاريخية ومعالم فنيّة ومتاحف.

الحقبة الحديثة ما بعد ثورة 1989م:
برزت تحدّيات جديدة مع إنتهاء الحكم الشيوعي، وتعمل الكنيسة الأرثوذكسيّة في رومانيا لترسيخ الإيمان في الجيل الناشىء والجديد ونشوء معاهد لاهوتيّة. فهي تملك تلفزيونًا وإذاعة وتصدر منشورات عدة.
الإحصاء في عام 1992م أعطى الأرقام التالية: مقابل حوالي 20 مليون مواطن ونيف 86،8% هم أرثوذكس، 5% روم كاثوليك، 3،9% إصلاحيون، 1% متحدّون كاثوليك، 1% عنصرانيون، 0،5% معمدانيون، و0،5% مختلف، و0،2% ملحدون.
رومانيا عاصمتها بوخارست وهي أكبر المدن وتضم حوالي 80% من السكّان.
البطريرك الحالي هو دانيال الذي تم انتخابه في 12 أيلول 2007م.