لبنان
16 شباط 2016, 12:34

من أسقف الأرجنتين إلى ناسك في أديار لبنان. ماذا حمل البطريرك الماروني من البابا فرنسيس لحبيس دير طاميش؟

ترك راعي أبرشية الارجنتين السابق المطران شربل مرعي مسقط رأسه في بلدة اده – قضاء جبيل، متوجها الى محبسة دير سيدة طاميش ليكون حبيس القرن الواحد والعشرين في خطوة غير مسبوقة منذ عدة أجيال على مستوى الاساقفة، وتبقى المفارقة في مسيرته الروحية انه اقترح خلال اجتماع ديري لجمعية المرسلين اللبنانيين منذ حوالى نصف قرن بالسماح للمنتسبين اليها اختيار عيش الحياة النسكية اسوة بالرهبان فاستجيب لطلبه لان حياة الاختلاء بالرب تتكامل مع رسالتها.

يقول المطران الحبيس مرعي لدى دخوله الى المحبسة الى ان العناية الالهية قادته الى هذا المكان المقدس وان هذه الفكرة راودته منذ 45 سنة قبل تلبيته نداء الرب للخدمة الكهنوتية في جمعية المرسلين اللبنانيين، معتبرا ان “هذا اليوم هو يوم فرح كبير لانه علامة من علامات الازمنة حيث تزامن عيد ميلاده مع دخوله الى المحبسة حيث سيعيش الايمان والتواضع والمحبة والتقوى والتأمل والقداسة وحب الله والقريب والنمو الروحي والانساني والصلاة ايضا من اجل لبنان لانقاذه وابعاد كل المخاطر التي تهدده”، واصفا اختياره ان يكون حبيس القرن الواحد والعشرين بانه لاتمام ارادة الله، ولم ينس المطران الحبيس ان يشير قبل دخوله الى المحبسة انه سيعيش بعيدا عن وسائل التواصل الاجتماعي وشاشات التلفزة لانه يريد ان يبقى في تفاعل وتواصل دائمين مع الله وعيش الانجيل بكل أبعاده .

وتجدر الاشارة الى ان البطريرك الكاردينال مار بشاره الراعي يشير في مذكراته عن المطران يوسف التيان ( 1760 – 1820 ) انتخب بطريركا في السادسة والثلاثين من عمره وعندما استقال في التاسعة والاربعين من عمره راح يكمل حياته في النسك ولا يزال جثمانه سليما، كما يشير تاريخ الكنيسة الى ان هناك ثلاثة بطاركة نساك عاشوا في المحبسة هم: ميخائيل الرزي وسركيس الرزي ويوسف الرزي، كما يتضمن التاريخ عددا من الرهبان الحبساء من الرهبانيات اللبنانية والمريمية والانطونية، اما اليوم فقد انضم المطران مرعي الى الحبيسين الاب يوحنا الخوند الموجود في محبسة مار بولا في دير مار انطونيوس الكبير في وادي قزحيا، والاب داريو اسكوبار البولوني الاصل الموجود في محبسة سيدة حوقا وسواهما من الرهبان والكهنة المتوحدين.

وبعد ظهر أمس، زار البطريرك الماروني محبسة دير طاميش للرهبانية اللبنانية المارونية، حيث التقى الحبيس المطران شربل مرعي، ناقلا إليه تحية وصلاة قداسة البابا فرنسيس، الذي يعرفه شخصيا، وقد عملا معا خلال تولي المطران مرعي رعاية ابرشية الارجنتين للموارنة.

وكان في استقبال الراعي الذي رافقه المطران طانيوس الخوري، رئيس عام الرهبانية اللبنانية المارونية الاباتي طنوس نعمه والمدبر الاب طوني فخري وأمين السر العام الاب كلود ندره ورئيس دير طاميش الاب جوزف شربل.

وسلم الراعي المطران الحبيس مسبحة صلاة من قداسة البابا، معربا له عن اهتمام قداسته واعجابه بالحياة النسكية في الكنيسة المارونية. كما حمل من المطران مرعي رسالة خطية الى قداسته.

وبعد ذلك، توجه الراعي إلى دير سيدة طاميش، حيث استقبله جمهور الكهنة والاخوة بالترانيم الروحية، وتوجه إلى كنيسة الدير، حيث رفع الصلاة على نية السلام في لبنان والوحدة بين الكنائس وعلى نية قداسة البابا.

وبعد كلمة ترحيبية من رئيس الدير الاب جوزف شربل، القى الراعي كلمة قال فيها: “بفرح كبير وبتأثر عميق نزور دير طاميش، كما في كل مرة نقوم بزيارة دير من اديارنا، لاننا نشعر بأن اديارنا هي بالنسبة إلى الجميع، المكان الذي يلجأ اليه الناس كي يلتقوا الرب والراحة في الكلمة الانجيلية السارة، وينالوا نعمة الاسرار في شهادة حياة ايمانية. وهذا بالنسبة الي شخصيا ايضا، وقد امضيت سنوات دعوتي الرهبانية في دير سيدة اللويزة، الذي كانت اجراسه تحاكي اجراس دير سيدة طاميش المقابل له. ولذلك، كانت هذه الروابط العميقة والبعيدة. وإن المناسبة اليوم تحمل طابعا خاصا، بحيث أنه في لقائي الاخير مع قداسة البابا سألني بتأثر عن المطران شربل مرعي الذي يعرفه من الارجنتين، واراد ان يطلع على طريقة عيشه في المحبسة، وقد ارسل له مسبحة خاصة باركها وقبلها وطلب مني أن أحملها إليه قائلا له: ان البابا يذكرك دائما في صلاته، وهو يطلب منك أن تذكره أيضا بصلاتك”.

أضاف الراعي: “نحمل جميعا قداسة البابا بصلواتنا اليومية، وهو يطلب ذلك منا بشكل دائم، كي يتمم الله كل امنياته في رعاية الكنيسة. واليوم، في شكل خاص نرافقه بزيارته الرسمية والرسولية للمكسيك. وقد تأثرنا جميعا بالحدث التاريخي الذي شكله لقاء قداسته مع غبطة البطريرك كيريل، وبالاعلان المشترك الذي صدر عنهما، والذي تطرقا فيه الى مجمل القضايا، ونحن نصلي لكي يلتزم كل المعنيين بمضمون هذا الاعلان. ونصلي على نيتهم ومن اجل وحدة الكنيسة”.

وختم: “أتوجه بالتحية والشكر الى الرهبانية اللبنانية المارونية والى جمهور هذا الدير، ومعكم نشكر الرب على الدعوات الابرشية والرهبانية، الرجالية والنسائية، فانتم بصلاتنا اليومية في القداس والمسبحة، على نية ثباتكم في دعوتكم من اجل حياة الكنيسة، ومن اجل ان يرسل الله دعوات جديدة لخدمة شعبنا وكنيستنا المارونية في لبنان والشرق الاوسط وفي عالم الانتشار”.

المصدر: أليتيا