مطر في افتتاح السنة الجامعية في الحكمة: نصلي لتتوقف الحروب في سوريا والعراق واليمن وكل أرض فيها ظلم
ورفعت فوق المذبح صورة للقديسة تيريزا دو كالكوتا، التي اتخذتها الجامعة شفيعة للسنة الجامعية.
مطر
وبعد الإنجيل المقدس، ألقى مطر عظة تحدث فيها، عن القديسة تيريزا دو كالكوتا وعن "سنة الرحمة وعن السنة القادمة، سنة الشهادة والشهود وعن دور الجامعات في بناء الأوطان والمجتمعات"، وقال: "في الجامعة حوار مستمر، بين معلم وطالب. نستمع خلال كل هذه الحوارات إلى كلام العقل ونسترشد بأنواره، ولكننا بحاجة أمام هذه الأنوار العقلانية، إلى أنوار أسمى تضيئها وتكملها وتجملها، ألا وهي أنوار الكلام الإلهي. فنجيء في هذا القداس، في مطلع سنة جامعية جديدة لنسمع وإياكم كلام الله، الذي ينير حياتنا والذي يكمل معطيات عقلنا، فنعرف الحقيقة ونتبعها ونخدمها وننشرها على الكون كله، والرب يقول في إنجيله الطاهر: تعرفون الحق، والحق يحرركم".
أضاف: "رفعتم صورة القديسة الجديدة، أو المعلن قداستها جديدا، الأم تيريزا دو كالكوتا، هي قديسة في كل حياتها. تلك التي تعتبر من أجمل جواهر الحياة المسيحية، الشاهدة الحقة لمحبة يسوع المسيح للعالم بأسره. يكفي أن نذكر ما جرى يوم وفاتها. عندما توفيت صدر أمر في الهند كلها، بأن تقفل الدولة بكل مؤسساتها، والمسيحيون ليسوا كثرا في الهند (حوالي 40 مليون من أصل مليار و300 مليون). إلا أن هؤلاء الذين هم من غير الدين المسيحي، أقروا بفضلها واحترموها احتراما كبيرا وعميقا، وهم أعلنوا قداستها قبل أن ترفع قديسة على مذابح الكنيسة منذ حوالي شهر. هي شاهدة لمحبة المسيح، وليست شاهدة زور، بل شاهدة حق".
وتابع: "في الكنيسة المارونية ستعلن سنة 2017 سنة الشهادة. كنيسة الشهداء وكنيسة الشهود. المسيح يقول لتلاميذه: ستكونون لي شهودا في فلسطين وإلى كل الأرض. ستشهدون لمحبتي، للخلاص الذي أعطيه لجميع الناس. والمسيحية منذ ذلك الحين، وإلى آخر الدهر صارت خميرة الدنيا. لم ترد أن تتقوقع يوما على ذاتها وأن تؤلف جماعة منغلقة أمام جماعات أخرى. رسالة الكنيسة أن تذوب في الدنيا بأسرها. أن تحمل كل الشعوب إلى معرفة الرب، وإلى إقراره بمحبته لنا وللعالم أجمع. المسيحية هي الإنطلاقة الكبرى نحو العولمة الشاملة".
وأردف مطر: "جامعاتنا ومدارسنا كلها، ليس لها من تبرير أكبر من خدمة إنجيل المسيح وليعرف العالم حقيقة الله. لذلك أتصور جامعتنا وكل جامعة في الأرض، منارة في بحر هذا العالم. وأنتم الذين أبحرتم أو كنتم في الأجواء، تعرفون أهمية النور، في الليل الذي يضيء السبيل للمسافرين. الجامعة منارة هي تعكس حقيقة الله. ولذلك في كل جامعة كاثوليكية هناك كلية للاهوت، قبل الكليات كلها. طبعا كل الكليات لها دورها، لأن الحقيقة التي نحن نسأل عنها، لها صور كثيرة وانعكاسات كثيرة، كالبلور يعكس النور إلى أنوار متعددة، إلا أن كلمة الله هي التي تنير النور الحقيقي لكل بحث نحن نبحث فيه عن هذه الحقيقة".
وقال: "جامعة الحكمة، يجب أن تكون منارة، للوطن ولكل طالب علم، منارة لكل من يسعى إلى الحق، منارة لكل من يريد أن يلتزم بقضية الإنسان. الجامعة شاهدة للحق. الجامعة مستقر للحقيقة. ولذلك دوركم كبير، أنتم الذين من أهل العلم والإختصاص تعطون طلابكم وطالباتكم خيطا يقودهم إلى الحق وإلى الحقيقة. هي رسالة كبرى تقومون بها. نحن كلنا عند ذاك شهود أمام العالم بأسره. شهود لمحبة المسيح. شهود للحق ضد كل ظلم وافتئات بكرامة الإنسان، الذي افتدي بدم كريم هو دم يسوع المسيح".
أضاف: "نحن في جامعاتنا يتكل علينا حتى تعاد الأمور إلى نصابها. حتى لا نضيع ونضيع الحقيقة، بل نعود فنجد كل شيء ونضعه في نصابه الصحيح. الجامعة هي المرتكز الذي ترتكز إليه المجتمعات حتى تتغير وتتحسن، حتى تجد طريقها وتبني رأيا عاما مستنيرا ومنيرا فيها. الجامعة هي ملتقى كل الذين يسعون في ضمير نقي إلى الحقيقة المجردة التي هي تبني ولا تهدم، التي تعيد للمجتمعات رونقها، وتزرع إرادة الله في كل ضمير وفي كل وجدان".
وتابع: "نحن شهود في محبة المسيح. وفي كل هذه السنة سنتأمل بهذه الحقيقة ونحن حاملون قضية، هي قضية الإنسان الذي افتداه المسيح بدمه الثمين. الإنسان، الفرد والعائلة والجماعة والدولة والعالم بأسره. الإنسان الصغير والكبير. الإنسانية بأسرها هي محط محبة يسوع المسيح وافتدائه. نحن أمام هذه المسؤولية، نسأل الله قوة ونعمة حتى نلتزم حقيقة، بما أراد المسيح أن نلتزم به في الإنسان وكرامته، بالحقيقة، بالناس الذين يبحثون عن حياة لائقة".
وأردف: "الجامعة هي مرتجى لكل هؤلاء الناس الذين يتطلعون إليكم، فأنتم من تعطون أجوبة لتساؤلاتهم الكبرى. ولذلك هذا القداس نريده، أيها الأخوة الأحباء، صلاة من أجل جامعة الحكمة بكل أفرادها، بعائلتها الكبرى، صلاة لكل جامعات لبنان وجامعات العالم، حتى لا تضيع الحقيقة وحتى تبنى عليها الأوطان من جديد".
وقال مطر: "الهند فيها كل الشعوب وكل الأديان يعيشون بسلام، بقبول الآخر. لبنان بهذا المنحى، يعرف تجمعا بشريا مقبولا، حيث الناس يقبلون بعضهم بعضا. نصلي من صميم القلب حتى تستقر هذه الشهادة للعيش المشترك في وطننا، حتى تتطور لتصبح مثلا ومثالا لمحيطه الذي يسأل عن ذاته، سوريا والعراق واليمن وكل أرض فيها ظلم وحروب. نصلي من أجل أن تتوقف كل هذه الحروب وأن يعود الناس فيعرفوا بعضهم بعضا ويبحثون عن حقيقة بلادهم".
وختم: "صلاتنا واسعة وسع آفاقكم ومحبتكم، فليقبل الرب صلاتنا ولتكن سنة مباركة جديدة، فيها ندرك أكثر وأكثر حقيقة الله وحقيقة الإنسان وفيها ننال نعمة فوق نعمة وبركة فوق بركة والله يقبل تضحياتكم وكل ما تعملون من أجل الحقيقة هنا في جامعة الحكمة، ويقبل صلاتنا وصلاتكم، بشفاعة القديسة تيريزا دو كالكوتا وجميع القديسين".