لبنان
05 تموز 2016, 12:24

مطر في إفطار قدامى الحكمة: أمنيتنا التقارب بين الناس وما يجري بين أبناء الوطن والدين الواحد والأمة الواحدة لا يرضي الله

رعى رئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس مطر الإفطار الرمضاني ال22 الذي أقامته رابطة قدامى مدرسة الحكمة مار الياس في كليمنصو غروب أمس في فندق "فينيسيا"- بيروت، وشارك فيه، الى صاحب الرعاية، النائب عبداللطيف الزين ممثلا الرئيسين نبيه بري وتمام سلام، الشيخ خلدون عريمط ممثلا مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان، وزير الدولة لشؤون التنمية الادارية نبيل دو فريج، النائبان عمار حوري ومحمد الحجار، نقيب المحررين الياس عون، ممثلون لقادة الأجهزة الأمنية والعسكرية، ورؤساء أحزاب ومؤسسات أهلية واجتماعية وبلدية ورؤساء مدارس الحكمة.

بعد صلاة الغروب والنشيد الوطني، ألقت ريتا حمودي كلمة ترحيب وتقديم قالت فيها: "كنا بالأمس القريب نستقبل شهر رمضان بالفرح والسرور، وهو الشهر الذي أهداناه الله عز وجل فرصة لكي نعود إليه شاكرين. وها نحن اليوم نودعه راحلا بما أودعناه فيه، شاهدا علينا بما قدمناه بين يديه من خير.
فودعوا شهركم بخير ختام، فإنما الأعمال بالخواتيم. وما أجمل خاتمة يجتمع فيها الأخوة، نشهد فيها أننا التقينا ونلتقي وسنلتقي، ويحلو لقاؤنا بفضل ما فينا من تنوع تزهر فيه إنسانيتنا. هذا ما التزمت به الحكمة منذ نشأتها، واجتماعنا اليوم هو بمثابة وسام إضافي تلبسه عائلتها".

واضافت: "من الناس من يلتزمون الخير في شهر رمضان فقط، ومنهم من جعلوا من الخير عنوانا لحياتهم، حتى أصبحت وجوههم سميحة تبشر بالخير أينما حلت. قد تظنون أني أبالغ ولكن هذا رأي ثابت لا لقدامى الحكمة فقط، بل لأهل ميناء الحصن، الذين كل ما حلت الانتخابات أدلوا بمحبتهم له وشكرهم لطيبته في صناديق الاقتراع، فيكون له الحصة الأكبر في غرف الطوائف كافة، كيف لا وهو ابن الحكمة، المدرسة في الوطنية.

وختمت: "لقد أردنا لإفطارنا هذه السنة أن يحمل عنوانا مميزا، لذلك نحن نحمله تحية خاصة الى صاحب السيادة ولي الحكمة في مناسبة يوبيله الأسقفي الفضي، 25 عاما على سيامته حبرا في الكنيسة المارونية، وهو لما تولى رعاية أبرشية بيروت التزم الحكمة، ورعاها بل وحملها بكل ما أعطاه الله من حكمة وقدرة وجرأة.
لن أطيل الكلام لأن الكلام لكم يا صاحب السيادة، ولكن اسمحوا أولا لجامعة قدامى الحكمة أن تقدم لكم مقرأ عليه إنجيل وقرآن جنبا إلى جنب عربون شكرها لكم ووفاء لنهجكم".


ثم ألقى رئيس قدامى مدرسة الحكمة - كليمنصو المختار المحامي باسم الحوت كلمة قال فيها: "شهر فضيل ومناسبة كريمة تعود علينا، نجتمع فيها على الخير، تتجسد فيها قيم المحبة والالفة والتراحم التي كرستها الديانات السماوية.
مناسبة نعود لنلتقي فيها زملاء احبة ووجوه طيبة وفية لهذه المؤسسة والصرح الوطني
الذي يجمع شمل اللبنانين كافة".

وأضاف: "يدفعني وفائي ومحبتي للحكمة ان استهل كلمتي هذه بأن اتقدم من صاحب السيادة بأسمى آيات التقدير والعرفان لمبادرته السنوية ورعايته الكريمة لافطار رمضان وهو نهج أصيل مبارك لسيادته في ارساء روح المحبة والاخوة والتسامح والمشاركة في تجسيد هذه القيم بين العائلات الروحية على مساحة الوطن وتجسيد للفرادة التي تميز مجتمعنا اللبناني".

وتابع: "كما نستهل هذه المناسبة لنبارك لسيادة المطران السامي الإحترام على مرور 25 عاما على توليه منصب راعي أبرشية بيروت للموارنة.
نسأل الله تعالى لكم دوام الصحة وطول العمر وأن يبارك دوما مسيرتكم ورسالتكم الايمانية الوطنية والتي هي محل فخرنا واعتزازنا جميعا.
يمر علينا شهر رمضان من جديد في ظل اجواء قاتمة متلبدة وانواء تعصف بوطننا الحبيب لبنان وكلنا يعتصر الما بما آلت اليه الامور من فشل وعجز عن تجديد الحياة الديموقراطية وفشل متراكم في مواجهة استشراء الفساد والفوضى في مؤسساتنا الوطنية". 
وقال: "يؤلمنا ويعيبنا ان يبقى مقام رئاسة الجمهورية شاغرا طوال هذه المدة وان يبقى لبنان بلا رأس يحمي المؤسسات والدستور.
يؤلمنا اننا وبسبب أنانيتنا واهوائنا اعجز من ان نتوصل الى قانون انتخاب يضمن التمثيل الصحيح ويجدد العمل التشريعي ويفعل المؤسسات.

ويؤلمنا اننا نفقد الحجة حين نناشد أبناءنا التسلح بالعلم والتشبث بأرضهم ووطنهم وهم يعايشون يوميا مظاهر انهيار الأنظمة والقوانين وانعدام القيم. 
كل ذلك في ظل اجواء ترقب وخوف من ارتدادات حروب وازمات المنطقة علينا وتهديدها المباشر لنا في أمننا واستقرارنا واقتصادنا المنهار اصلا حتى في كياننا وصيغتنا الوطنية التي كرسها الدستور.

وأضاف: "المشاركة ليست شعارا أو عناوين كبيرة، هي ممارسة وطريقة حياة. والحكمة قامت منذ تأسيسها على قيم المشاركة والتفاعل وستستمر على هذا المنوال مدى السنين.

فليعد كل منا الى ذاته ولنحكم ضمائرنا ولننأ بلبنان ما امكن عن الصراعات المحيطة التي تداخلت فيها كل المصالح والحسابات العالمية، ولنحصن ساحتنا الداخلية في مواجهة الارتدادات ولنبحث عن مقومات ووحدتنا". 

وسأل: "هل نحن في مستوى هذا التحدي وهذه الأخطار التي تهدد بقاءنا واستمرارنا؟
نسأل الله ان يلهمنا الصبر والايمان وان يلهم المسؤولين الحكمة والوعي وبعد النظر في تحمل المسؤولية وان يكونوا على قدرها.
نسأله تعالى ان يزيل هذه الغيمة وهذا البلاء الذي اصابنا وان يعيد الأمل والثقة والايمان الى نفوس شبابنا بمستقبل اكثر امنا واستقرار وازدهارا.
ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل والإيمان بالله وقدرته أن يحول الحال الى احسن الأحوال". 

وختم: "شكركم من كل قلبي على وفائكم والتزامتكم مسيرة الحكمة ومبادئها وعلى حضوركم لمشاركتنا فرحة شهر رمضان المبارك وبركته.
نسأل العلي القدير ان تبقى راية الحكمة عالية خفافة في كل المحافل والمناسبات.
أعاد الله تعالى الشهر الكريم على اللبنانيين عموما بالخير واليمن والبركات.


وبعد تسلمه من رئيس رابطة قدامى الحكمة - كليمنصو واعضائها مقرأ عليه إنجيل وقرآن في مناسبة احتفائه بيوبيله الأسقفي الفضي، ألقى المطران مطر كلمة جاء فيها: "انها أجمل هدية سأحملها بين يدي وأنزلها منزلة القلب ما حييت. شكرا لكم.

لأيام قليلة خلت، أرسل قداسة البابا عبر المجلس الحبري للحوار بين الأديان، رسالة تهنئة إلى الروحيين المسلمين في العالم، في نهاية شهر رمضان المبارك وصوم رمضان وبركاته وفي مناسبة حلول عيد الفطر المبارك. إنه نهج درج عليه الأحبار الأعظمون في روما، منفتحين على إخوانهم المسلمين في العالم كله. ونحن نضم صوتنا إلى صوت قداسته وصوت أبينا السيد البطريرك مار بشاره بطرس الراعي وجميع الأساقفة في لبنان لنعيدكم أفضل الأعياد، أيها الإخوة المسلمون الأحباء على قلبنا جميعا.

يقول قداسة البابا، شهر رمضان، هو شهر صوم وصلاة وصدقة. الصوم يروض النفس على طاعة الله عز وجل، الصلاة تعلينا إلى فوق، فوق صغائرنا لنقترب من المثل العليا، والصدقة تجعلنا نشعر بألم المتألمين، وبأننا عائلة واحدة على تنوعها وتفرقها. هذا شهر كريم، نشكر الله عليه ونهنئكم على كل هذا الجهد الذي قمتم به من أجل تجديد الأمة وتجديد النفس وترويضها لعلنا ننال بركة من الله جديدة.

هذا الشهر هو شهر الرحمة أيضا، ونحن المسيحيين نكرس هذه السنة للتفكير في أمور الرحمة. تقولون إن الله هو رحمن رحيم. نعم ما تقولون. ونحن نقول إن الله حنون ورحوم ومحب للبشر. كلامنا واحد. ونحن نتمنى من صميم القلب أن نكون من أهل الرحمة، لأن الرب رحمنا جميعا ويرحمنا كبارا وصغارا، ويأمرنا لأن نكون صانعي رحمة مع إخواننا ونتراحم جميعا. بهذا خلاص لنفوسنا. وفي هذه المناسبة نقول إن هذا العالم، فيه كثير من قلة الرحمة ومن القساوة بين الناس. فيما الآية الكريمة تقول: "يا أيها الناس، إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا". هذا التعارف هو أمر إلهي. أمر لنا جميعا، للناس وليس للمسلمين وحدهم. نحن تحت هذا الأمر نسير، أن نتعارف، أن يقبل بعضنا بعضا، أن يحب بعضنا بعضا. ولذلك ما يجري اليوم، بين أوطان الوطن الواحد وأبناء الدين الواحد والأمة الواحدة والمنطقة الواحدة من قلة تفاهم، أمر لا يرضى الله عنه.

نصلي من صميم القلب أن يرفع الله هذه الشدة وأن يعيد الناس بعضهم إلى بعض. إذا كان الله قد أمرنا بالرحمة، فإن هذا أمر ممكن بقوته ونعمته تعالى. لذلك لا نيأس من حالنا ولا نقول إن الأمر مستحيل. العودة إلى الأخوة من نعم الله علينا وستتم بإذنه تعالى. يكفي أن ننظر إلى ذواتنا وأن نسمع كلام الله وأن ندخله إلى قلوبنا، حتى تتغير الحال ويتم التصالح والتقارب بين الناس. هذه أمنيتنا في هذا العيد المبارك، لعل الله يستمع إلينا ويستجيب أدعيتنا وأدعيتكم وأنتم خارجون من صوم كريم.

نشكر الله على هذا اللقاء، لقاء الإخوة، لقاء أهل الحكمة وأهل الموعظة وأهل المودة من مسلمين ومسيحيين. أذكر فقط، أن الحكمة كانت وراء فكرة العيش المشترك منذ 140 عاما، وهي تكرست لخدمة اللغة العربية وآدابها وانفتحت إلى دنيا العرب أكثر من أي مدرسة، عندنا نحن المسيحيين، من دون تمييز، وانفتحنا كذلك على القيم العالمية الكبرى. ولذلك، نحن أهل انفتاح وأهل مودة ونحن بين أهلنا، هنا في بيروت نتقاسم الرغيف والهم والمصير الواحد، اللهم إجمع شملنا، اللهم إقبل وحدتنا، نريد منك أن توحدنا بين قلوبنا وأن نكون لبنانيين متنوعين، أحرارا بإيماننا، موحدين بمحبتنا وقلوبنا البيضاء. عيد مبارك عليكم جميعا،أعاده الله على الأمة وعلى المنطقة كلها بأحسن مما نحن عليه من سلام ومحبة ووفاق، وكان الله سميعا مجيبا والسلام".