مسبار الأمل.. وملاحظات غير مسبوقة على المريخ
وقالت المهندسة "حصة المطروشي"، نائب مدير مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ "مسبار الأمل" للشؤون العلمية: "تكشف هذه الملاحظات عن هياكل لم تكن متوقعة من ناحية الحجم والتعقيد. ونعتقد أنه سيكون لها تأثير على النماذج العلمية المعروفة حاليًا للغلاف الجوي للمريخ، وكذلك على فهمنا لتغيراته". وأضافت: " أطلقنا أول مجموعة بيانات علمية للمشروع للمجتمع العلمي العالمي". وتابعت: "هذه الملاحظات الجديدة، وتلك التي أعلنّا عنها سابقًا للشفق المنفصل للمريخ، ضمن الدفعة الأولى للبيانات العلمية بالإضافة إلى مجموعة من البيانات التي التقطتها الأجهزة العلمية الثلاثة لمسبار الأمل في الفترة الممتدة بين 9 فبراير و 22 مايو 2021. ومن الآن فصاعدًا، سنصدر بيانات جديدة كل ثلاثة أشهر وبشكلٍ مستمر حتى يستفيد منها المجتمع العلمي حول العالم".
وقال المهندس "عمران شرف"، مدير مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ "مسبار الأمل" إن مشاركة الدفعة الأولى من البيانات العلمية القيمة التي جمعها المسبار حول الكوكب الأحمر تعد محطة مهمة في مسيرة مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، كونها تتوج سنوات من العمل الدؤوب والمتفاني لفريق العمل من الكوادر الوطنية بالشراكة والتعاون مع الشركاء الدوليين لهذا المشروع الطموح الذي يعد مساهمة نوعية من دولة الإمارات في مسيرة التقدم العلمي للإنسانية كونه يوفر معلومات غير مسبوقة عن الكوكب الأحمر.
وتسهم هذه الاكتشافات الجديدة في تغيير المفاهيم السابقة للعلماء حول توزيع الضوء فوق البنفسجي المنبعث من الغلاف الجوي العلوي للمريخ، حيث تظهر وجود هياكل شاسعة لوفرة الأوكسجين الذري التي تختلف في مستوياتها عن المتوقع و تشير أيضًا لاضطرابات جوية غير اعتيادية في الغلاف الجوي. وقد تم التقاط الصور في وقت كان المريخ قريبًا من قمة مداره (الأكثر بعدًا عن الشمس) بينما كان النشاط الشمسي منخفضًا، إذ بينت الصور المشهد الاستثنائي لانبعاثات الأوكسجين عند الطول الموجي 130.4 نانومتر. في البداية ساد الاعتقاد أن هذه الهياكل الموجودة في الصور التي التقطها جهاز المقياس الطيفي للأشعة فوق البنفسجية قد تكون ناتجة عن تأثير سلبي للضوء ناتج عن موجات أشعة طويلة تم تصميم الجهاز لرفضها ولكن لوحظ انبعاثًا منتظمًا نسبيًا من الأكسجين عند الطول الموجي 130,4 نانومتر عبر الكوكب، وهو عكس ما تم ملاحظته حيث كانت وفرة الأوكسجين أعلى بنسبة 50٪ من المتوقع. لذلك، يعمل الفريق العلمي حاليًا على تعديل نماذجه العلمية للغلاف الجوي للتوصل إلى تفسير أفضل وثابت لهذه النتائج.
ويتمثّل الهدف العلمي الرئيس لجهاز المقياس الطيفي بالأشعة فوق البنفسجية الذي يحمله "مسبار الأمل" في قياس الأوكسجين وأول أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي العلوي للمريخ وتنوع الهيدروجين والأوكسجين في الغلاف الخارجي. ويُعد هذا الجهاز الأداة الأكثر دقة للأشعة فوق البنفسجية التي جرى إرسالها في مهمة علمية حول المريخ حتى الآن.
وتركز المهمة العلمية لمشروع الإمارات لاستكشاف المريخ "مسبار الأمل" على دراسة العلاقة بين الطبقتين العليا والسفلى من الغلاف الجوي للمريخ، مما يتيح للمجتمع العلمي تكوين صورة شاملة عن مناخ المريخ وغلافه الجوي في أوقات مختلفة من اليوم، وعبر فصول السنة المريخية. ويدور مسبار الأمل في مداره العلمي الإهليلجي المخطط له حول المريخ والذي يتراوح ما بين 20000 و43000 كيلومتر، مع مَيل باتجاه المريخ بمقدار 25 درجة، مما يمنحه قدرة فريدة على إكمال دورة واحدة حول الكوكب كل 55 ساعة، والتقاط ملاحظات شاملة من الكوكب كل تسعة أيام، وذلك خلال مهمته على مدار السنة المريخية (سنتَين أرضيّتَين) لرسم خرائط لديناميكيات الغلاف الجوي للمريخ.
ويعد مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ "مسبار الأمل" تتويجًا لعمليات نقل المعرفة وجهود تطويرها، التي بدأت في العام 2006، والتي شهدت عمل المهندسين الإماراتيين مع شركاء للمريخ. ويبلغ وزنه حوالى 1350 كيلوغرامًا، أي ما يعادل سيارة دفع رباعي صغيرة، وقد قام بتصميمه وتطويره مهندسو "مركز محمد بن راشد للفضاء" بالتعاون مع شركاء أكاديميين، بما في ذلك "مختبر فيزياء الغلاف الجوي والفضاء" في جامعة كولورادو (في مدينة بولدر)، جامعة ولاية أريزونا وجامعة كاليفورنيا (في مدينة بيركلي).
المصدر: National Geogrphic