مزار نوك... الصّمت أمام سرّ الحبّ العظيم!
"منذ الظّهور في الحادي والعشرين من آب أغسطس 1879، عندما ظهرت العذراء مريم لبعض سكّان قرية نوك مع القدّيس يوسف والقدّيس يوحنّا الرّسول، أعرب الشّعب الإيرلنديّ عن عبادته لها أينما كان. أنتم شعب من المرسلين؛ ومن الجيّد أن نتذكّر عدد الكهنة الّذين تركوا أرضهم لكي يصبحوا مبشّرين، كما لا يمكننا أن ننسى أيضًا العديد من العلمانيّين الّذين هاجروا إلى العديد من البلدان وحافظوا على عبادتهم للعذراء سيّدة نوك حيّة. كم من العائلات على مدار قرن ونصف تقريبًا قد نقلت الإيمان لأبنائها وجمعت جهودها اليوميّة حول صلاة مسبحة الورديّة حول صورة سيّدة عذراء نوك! لا تزال ذراعي العذراء في وضعيّة الصّلاة حتّى اليوم تُظهر مدى أهمّيّة حياة الصّلاة، الّتي تبلغ كرسالة رجاء من هذا المزار. أنتم تعرفون ذلك: في ظهور نوك، لم تتفوّه العذراء بأيّة كلمة. ومع ذلك، كان صمتها لغة أيضًا، لا بل كانت اللّغة الأكثر تعبيرًا الّتي سُلِّمت إلينا. إنَّ الرّسالة الّتي تصل من نوك هي القيمة العظيمة الّتي يحملها الصّمت للإيمان.
إنّه الصّمت إزاء السّرّ، الّذي لا يعني التّخلّي عن الفهم، بل الفهم الّذي يدعمه ويعضده سرّ محبّة يسوع الّذي قدّم نفسه من أجلنا جميعًا كحمل ذبيح من أجل خلاص البشريّة. إنّه الصّمت أمام سرّ الحبّ العظيم، الّذي لا يجد أيّ جواب إلّا جواب الاستسلام بثقة لإرادة الآب الرّحيم. وأخيرًا، إنّه الصّمت الّذي طلبه يسوع عندما علّمنا: "أمَّا أَنتَ، فإِذا صَلَّيتَ فادخُل حُجرَتَكَ وأَغلِق علَيكَ بابَها وصَلِّ إِلى أَبيكَ الَّذي في الخُفيَة، وأَبوكَ الَّذي يَرى في الخُفْيَةِ يُجازيك. وإِذا صلَّيتُم فلا تُكَرِّروا الكلامَ عَبَثًا مِثلَ الوَثَنِيِّين، فهُم يَظُنُّونَ أَنَّهُم إِذا أَكثَروا الكلامَ يُستَجابُ لهُم. فلا تتَشَبَّهوا بِهِم، لأَنَّ أَباكُم يَعلَمُ ما تَحتاجونَ إِلَيه قبلَ أَن تَسأَلوه" (متّى 6، 6- 8).
أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء الحاضرون في نوك، ولكم جميعًا الّذين تتابعون هذه اللّحظة الاحتفاليّة من خلال وسائل الاتّصال الحديثة! إنّها مسؤوليّة كبيرة أن نرفع المزار الوطنيّ لسيّدة نوك إلى مزار عالميّ خاصّ للعبادة الإفخارستيّة والمريميّة. أنتم تلتزمون بأن تشرّعوا أذرعكم على الدّوام كعلامة ترحيب تجاه كلّ حاج يأتي إليكم من جميع أنحاء العالم، دون أن تطلبوا منه شيئًا، وإنّما معترفين فيه كأخ وأخت يرغب في أن يتقاسم خبرة الصّلاة عينها في الأخوّة المشتركة. ولذلك ليقترن الاستقبال بالمحبّة ليصبح شهادة فعّالة لقلب ينفتح لكي ينال كلمة الله ونعمة الرّوح القدس الّذي يعطي القوّة. ليكن السّرّ الإفخارستيّ الّذي يوحّدنا في الشّركة مع الرّبّ القائم من بين الأموات، وبيننا جميعًا على الدّوام العضد لكي نعيش بأمانة دعوتنا في أن نكون تلاميذًا مرسلين، كما كانت العذراء مريم الّتي جعلت من نفسها حاجّة لإنجيل ابنها. فلتحمينا وتعزّينا بوجهها الرّحيم.
أحيّيكم جميعًا وأستمطر عليكم البركة وأسألكم من فضلكم أن تصلّوا من أجلي!".