لبنان
21 آذار 2019, 07:30

مزار أمّ النّور- عين إبل: من المرتجى إلى الواقع

عقد راعي أبرشيّة صور المارونيّة المطران شكرالله نبيل الحاج، بلديّة ولجنة مزار سيّدة أمّ النّور-عين إبل، وجمعيّة النّورج، قبل ظهر اليوم في المركز الكاثوليكيّ للإعلام، مؤتمرًا صحافيًّا، بدعوة من اللّجنة الأسقفيّة لوسائل الإعلام، تحدّثوا خلاله عن "مزار أمّ النّور- عين إبل، من المرتجى إلى الواقع"، أهمّيّته وأبعاده الرّوحيّة والدّينيّة والتّاريخيّة والتّنمويّة والوطنيّة".

 

وشارك في المؤتمر إلى جانب المطران شكرالله الحاج، مدير المركز الكاثوليكيّ للإعلام الخوري عبده أبو كسم، رئيس بلديّة عين إبل عماد للوس، رئيس جمعيّة النّورج فؤاد أبو ناضر، بحضور خادم رعيّة البلدة الأب حنّا سليمان، منسّق عام جمعيّة النّورس جان شمعون ومنسّق مشاريعها قبلان تابت، أعضاء وأهالي من بلديّة عين إبل، وعدد من الإعلاميّين والمهتمّين.

أبو كسم
بداية رحّب الخوري أبو كسم بالحاضرين باسم رئيس اللّجنة الأسقفيّة لوسائل الإعلام المطران بولس مطر وقال: "نلتقي للمرّة الثّانية في رحاب هذا المركز لنطلع اللّبنانيّين على ما أنجزته بلدة عين إبل من المعلم الدّينيّ المنويّ إنجازه، تكريمًا لأمّنا مريم العذراء، الّتي قدّست أقدامها تراب الجنوب، فجعلت من هذا التّراب منبتًا للمحبّة والتّآخي على مساحة الوطن."

وتابع: "بالأمس القريب، أطلق راعي الأبرشيّة المطران شكرالله نبيل الحاج المشروع، مع رئيس بلديّة عين إبل عماد اللوس، وأعضاء المجلس البلديّ، وأبناء البلدة، وكان لمؤسّسة النّورج الّتي يرأسها الدّكتور فؤاد أبو ناضر، دور المنشّط والمتابع والمشجّع، أيمانًا منهم جميعًا، أنّ الموارنة الأقحاح، مسيحيّي الأطراف، هم من يشكّلون السّياج الشّائك على حدود الوطن من جنوبه إلى شماله ومن شرقه إلى غربه."

أضاف: "نعم هذا الوجود المسيحيّ المنفتح على كلّ أبناء الوطن هو الّذي دفع بهذا المشروع قدمًا وقد أنجز منه الجزء الأوّل بفضل أياد حملت فلس الأرملة من جهة ومحبّة المحسنين من جهة أخرى."

وختم: "أمّا اليوم فإنّنا نطلق الصّرخة مجدّدًا إلى كلّ اللّبنانيّين المخلصين والمحبّين لأرضهم ووطنهم ونقول لهم نتطّلع وإيّاكم إلى إنجاز المرحلة التّالية، فعذراء عين إبل هي العين الحارسة لكلّ الوطن، ونأمل أن يتمّ إنجاز هذا المشروع بهمّة الخيّرين."

الحاج
وتناول المطران الحاج في كلمته مزار أم ّالنّور في أهمّيّته وأبعاده وقال: "نؤكّد مجدّدًا على إمتناننا العميق لكلّ من ساهم معنا في تشييد "مزار أمّ النّور" في بلدة عين إبل الحدوديّة، ولنطلعكم على المراحل الّتي قطعها البناء، ولنذكّركم أيضًا ومجدّدًا، وأنتم في غمرة همومكم واهتمامكم، بأهمّيّة هذا المزار وبأبعاده الرّوحيّة والدّينيّة والتّاريخيّة والتّنمويّة والوطنيّة".

وتابع: "يكتسب مزار العذراء أمّ النّور أهمّيّته، من موقعه الجغرافيّ أوّلاً في الجنوب ومن أبعاده التّاريخيّة المرتبطة بقدسيّة الأرض الّتي سار عليها السّيّد المسيح إبّان حياته الزّمنيّة، صحيح أنّ الإنجيل يتكلّم خاصّة عن صور وصيدا المدينتين الأشهر على أيّام السّيّد المسيح، ولكن ليصل إلى هاتين المدينتين كان لا بدّ من اجتياز التّجمّعات السّكنيّة والدّساكر اللّبنانيّة، وعلى الطّرق المتاحة في تلك الأيّام، والّتي تمرّ حتمًا بعين إبل، وغيرها في الجنوب اللّبنانيّ والّتي هي الأقرب إلى النّاصرة حيث عاش السّيّد في المرحلة الأولى من بشارته، وفي عين إبل تقليد قديم جدًّا في تكريم العذراء، حتّى أنّ سكّان الجليل الأوسط، كانوا يقصدون هذه البلدة ليكرّموا مريم في القرون الماضية بمناسبة عيدها في 15 آب."

أضاف: "أمّا في أيّامنا هذه فسيكون للمزار أهمّيّة روحيّة كبرى لأنّه سيكون واحة صلاة وعبادة وهدوء، كما نأمل أن يجتمع حول العذراء مريم، في أخوّة وسلام جميع اللبّنانيّين من مسلمين ومسيحيّين، ليتّحدوا هنا في قلب واحد، مترفّعين عن الشّهوة والدّنايا مسلمين حياتهم ونواياهم الصّادقة لإله السّماء والأرض، ليتمكّنوا من متابعة الحياة سويّة في بناء وطن صعب يتطلّب منّا جميعًا التّضحية في سبيله لنكون، على قدر المسؤوليّة الحضاريّة الكبرى الملقاة على عاتقنا وهي أن نتجذّر أعمق في أرضنا وأن نحمل مسؤوليّة العيش معًا والإطلالة على العالم برسالة فريدة من نوعها".

وقال: "رسالة لقاء المسيحيّين والمسلمين المتآلفين، المتناغمين المحبّين والعاملين سويّة لكرامة الإنسان وعزّة الأوطان وقد استمدّوا من السّيّدة العذراء الّتي كنّا السّبّاقين في العالم للالتقاء حولها في عيد بشارتها في 25 آذار والتّشبّه بإيمانها الصّافي بالله وبطاعنه والعمل بإرادته والدّخول في مخطّطه الخلاصيّ ومقاصده الإلهيّة".

وأردف: "وللمكان أيضًا البعد التّنمويّ فعلى أرض مقدّسة ولكنّها منسيّة وفي عتمة الإهمال الخدماتيّ سيعود "مزار أمّ النّور" ليسلّط الأضواء على ضرورة إنعاش عين إبل والمنطقة والتّهيئة لكلّ البنى والمرافق لاستيعاب الزائرين، ولإيجاد فرص عمل ولمساعدة الأهالي في البقاء على أرضهم والعيش هنا في كرامة، سيّما وأنّ المزار سيكون محطّة أساسيّة على المشروع الدّينيّ السّياحيّ "درب المسيح" الّذي سيعلن عنه في القريب العاجل".

وأنهى: "دعوا أيّها الأحبّاء نعمة الله تغنيكم بعطآتكم في هذا الصّوم، ففي العطاء فرح لا يقدر، وفي التّضامن تبنى الأوطان ويصبح ملكوت الله، حاضرًا فيما بيننا والسّلام".


اللّوس 
ثم كانت كلمة لعماد اللّوس قال فيها: "اليوم جئنا نبشّركم بأنّ بناء البرج الّذي تكلّمنا عنه في المرّة السّابقة قد اكتمل، ببركة العذراء، وهو جاهز ليستقبل تمثالها مع الطّفل يسوع "نور العالم"، رابضًا فوق تلّة "أمّ النّور" على ارتفاع أكثر من 75 مترًا فوق التّلّة الّتي ترتفع 850 مترًا عن سطح البحر، وتشرف على مدى واسع يغطّي بلاد بشارة وجبل عامل حتّى مشارف جزّين وجبل الباروك، وهو يؤمّن أجمل منظر لجبل الشّيخ "حرمون" ويمتدّ النّظر منه غربًا إلى البحر وجنوبًا إلى تلال الجليل حتّى النّاصرة".

وأشار إلى أنّ "التّصميم الهندسيّ الجميل لهذا المزار يرتكز على ثلاثة أعمدة عملاقة ودرج لولبيّ من 333 درجة ومصعدين كهربائيّين يستطيع الزّائر بواسطتهما الوصول إلى أقدام تمثال العذراء بدون أيّ عناء، وكنيسة دائريّة في أسفل البرج سقفها كرويّ واجهتها زجاجيّة، وقاعة متعدّدة الاستعمالات تحت مستوى الأرض للاحتفالات تتّسع لأكثر من 500 شخص. ابتدأ العمل الآن بالملحقات وهي عبارة عن ثلاثة أبنية الأولى أماكن لسكن الإكليريكيّين وقاعة للاجتماعات ومكاتب، المبنى الثّاني يحتوي على كافيتيريا ومراحيض للزّائرين ومبنى ثالث يحتوي على قاعة لبيع التّذكارات، وبالطّبع سوف تستغلّ المساحات الباقية للحدائق وأحواض الزّهور".

وتابع: "هذا الصّرح الّذي يعطي للّبنانيّين مجال التّبرّك بالأرض المقدّسة حيث نشأ السّيّد المسيح وسار بزياراته المتكرّرة إلى أرض كنعان بصحبة أمّه العذراء وتلاميذه، وقد استقبلت هذه الأرض البشارة الأولى فسمّيت بلاد البشارة، واليوم نحن نكرّس هذا التّقليد وندعو اللّبنانيّين إلى البدء بتنظيم زيارات حجّ لهذه المنطقة المهمّة، خاصّة، وقد دعا قداسة البابا فرنسيس لأن يكون لبنان بلد حجّ مقدّس وبدون شكّ ستكون هذه المنطقة جزءًا أساسيًّا من الحجّ والتّبرّك منها الّتي سار عليها السّيّد المسيح وأمّه ورسله، لا بل تتّبع خطاه على نفس الدّروب باتّجاه قانا وصور".

ولفت إلى أنّه في "معرض التّحضيرات لمئويّة إعلان دولة لبنان الكبير كلّنا أمل بأن نستطيع إنهاء الأعمال في هذا المشروع قبل صيف 2020 وتكون السّيّدة العذراء شاهدًا على تمسّك المسيحيّين في هذه المنطقة بأرضهم وتعلّقهم بوطنهم لبنان، فالقرى والبلدات والسّكّان المسيحيّين في هذه المنطقة كانوا وما زالوا من أشدّ المتعلّقين بمسيحيّتهم ولبنانيّتهم وأرضهم".

وختم اللّوس: "نتوجّه من هذا المركز إلى اللّبنانيّين عمومًا والمسيحيّين خصوصًا بطلب الدّعم والمساعدة لإتمام هذا المشروع، طالبين من الله أن يعوّض عليكم أضعاف ما قدّمتم، ونحن نشكر كلّ الّذين ساهموا حتّى اليوم لإكمال أعمال الباطون وبناء البرج وإذ لا نزال بحاجة لهمّتكم لإنهاء كافّة الأعمال المتبقيّة نعلن لكم من هنا أنّ منارة الإشعاع "أمّ النّور" قد أصبحت معلمًا يمكنكم زيارته والتّبرّك به حتّى ولو لم تكتمل كافّة مراحله بعد".


أبو ناضر
وإختتمت النّدوة بكلمة للدّكتور فؤاد أبو ناضر قال فيها: "تماشيًا مع رسالة مؤسّسة النّورج في تثبيت الوجود والدّور المسيحيّ في قراهم وتفاعلهم مع محيطهم والعمل بكلّ الوسائل لتأمين العيش لهم بأمان وحرّيّة وكرامة ومساواة، تساهم مؤسّساتنا بالتّعاون مع بلديّة عين إبل ولجنة مزار سيّدة أمّ النّور في العمل على إنجاح هذا المشروع من خلال التّنسيق فيما بين مجموعات العمل التّقنيّة والإعلانيّة والماليّة".

وتابع: "تعتبر المؤسّسة أنّ لهذا المشروع أهمّيّة استراتيجيّة وذلك للأسباب التّالية، أوّلاً تحفّز مواطني المنطقة على التّمسّك بأراضيهم، وعلى استثمار أملاكهم؛ ثانيًا يخلق هذا المشروع حوالي خمسين فرصة عمل مباشرة وعشرات فرص العمل غير المباشرة في عين أبل ورميش ودبل والقوزح، ثالثًا المساهمة في خلق سياحة دينيّة ممّا سيجلب آلاف الزّائرين من المسيحيّين والمسلمين على غرار ما نراه في سيّدة حريصا، مار شربل، سيّدة مغدوشة، سيّدة بشوات، الّتي أصبحت كلّها مراكز تلاقي لمختلف الطّوائف اللّبنانيّة، رابعًا وهذا المشروع سيخلق مناخًا إيجابيًّا بين مختلف أبناء القرى المجاورة ويحفّزهم على التّعايش الإيجابيّ وللتّعاون الاستثماريّ".

وأنهى: "إنّ مؤسّسة النّورج تعمل أيضًا على إعادة بناء ضيعة أسمها "خربة الجرد" في عكّار برعاية راعي أبرشيّة طرابلس وعكّار المطران جورج أبو جوده".