فنّ
08 تموز 2020, 09:00

مركز التراث في LAU: الزجل اللبناني على لائحة الأونسكو للتراث العالمي

الوكالة الوطنيّة للإعلام
عقد "مركز التراث اللبناني" في الجامعة اللبنانية الأميركية LAU ندوته التواصلية السادسة عن بعد، حول موضوع "الزجل اللبناني على لائحة الأونسكو للتراث العالمي"، إحياء قرار المنظمة الدولية رقم 9/10-25 سنة 2014 في جمعيتها العامة بدخول الزجل على تلك اللائحة كـ"نوع من الشعر الشعبي الـملقى أو المؤدى غناء ... تتجلى فيه جمالات لبنان وما فيه من قيم في السماح والحوار بين الأديان والفئات اللبنانية والحق في الاختلاف" (كما ورد حرفيا في قرار الأونسكو).

زغيب: إحياء القرار والعمل على تفعيله
أعد الندوة عن بعد وأدارها الشاعر هنري زغيب مدير "مركز التراث اللبناني"، واستضاف إليها من ولاية أركنصا (الولايات المتحدة) الدكتور عدنان حيدر، ومن لبنان الشاعر جوزف أبي ضاهر، والأستاذ حنا العميل (منسق الملف عامئذ في وزارة الثقافة)، والشاعر الزجلي أنطوان سعادة رئيس "جوقة المسرح" الزجلية.

بداية مهد زغيب للموضوع بأن "خمسة مواقع من لبنان: بعلبك، عنجر، بيبلوس، صور، وادي قاديشا، دخلت منذ 1984 على لائحة الأونسكو للتراث العالمي الثقافي الطبيعي، وبعد ثلاثين سنة دخل لبنان مجددا إلى سجل الأونسكو عبر الزجل على لائحة التراث الثقافي غير المادي". وأوضح أن هذا هو الدافع إلى تنظيم هذه الندوة عن بعد، لـ"إحياء هذا الموضوع والعمل على تفعيله، خصوصا أن منظمة الأونسكو رأت في الزجل اللبناني "صمام أمان ذا دور رئيس في المساعدة على تمتين التماسك الاجتماعي في لبنان".

حيدر: النغمات بين النثر والنظم
وتحدث عدنان حيدر، وهو مؤلف كتاب ضخم بالإنكليزية عن الزجل اللبناني يصدر قريبا، عن بحور الشعر وموسيقاه، بادئا بتعريف الزجل كما اعتمدته منظمة الأونيسكو بأنه "فن كسائر فنون الشعر، وإذا الشعر يتميز بفتنة البيان، فالزجل يتميز بفتنة النغم". وشدد في مداخلته على نقطة "النبر" في الزجل، مقارنة بما هي عليه في الكلام العادي أو في الشعر الفصيح. وأوضح أن في الزجل أسلوبين: المنفلت من الإيقاع وهو "نثر النغمات" لا انضباط موسيقيا فيه ولا التزام بحدود الوزن وقواعده، و"نظم النغمات" وهو يتبع قواعد النظم العادية وبحورها وأصولها. وأعطى نماذج من الزجل عن الأسلوبين، مركزا على أهمية الموسيقى في تقطيع بحور الزجل، وعلى الفوارق البينة بين أنواع الزجل المختلفة، وعدد بعض من كتبوا عن هذا الفن الأدبي اللبناني الفريد من منير وهيبة الخازن إلى مارون عبود وسواهما من الأدباء والباحثين، مشددا على فرادة لبنان بين دول المنطقة في انتشار هذا الفن الصعب الذي له متابعوه وعشاقه ومريدوه، وتمنى ألا يخبو وهج هذا الفن الشفوي الفريد مع الأجيال الجديدة.


أبي ضاهر: الزجل لا يلغي الفصحى
وركز جوزف أبي ضاهر، وهو صاحب موسوعة كاملة وسلسلة مؤلفات عن الزجل وأعلامه، على "حضور المرأة في هذا الفن التراثي منذ مطالعه بصوتها قبل صوت الرجل، حداء أو رثاء أو زلغطة أو ندبا أو هدهدات لنوم الأطفال. ثم أخذ هذا الفن يتبلور في طريقه منذ مار افرام السرياني ومطالع التركيز وصولا إلى شعراء أسسوا له المنبر منذ شحرور الوادي". وتبسط في مطالع الزجل تواريخ وأسماء، و"دوره في الحياة الاجتماعية اللبنانية، ولجوء السلطة إلى شعراء الزجل لشؤون وطنية بعد ذيوعه في المواطنين". وشدد على أن "لغة الزجل لا تلغي الفصحى بل تقرب المحكية من الفصحى والفصحى من المحكية". وتطرق إلى الزجل المهجري مطالع وأعلاما، و"أثره في إيقاظ المغتربين على الحنين إلى الأرض الأم". وأشار إلى أن "الزجل، قبل وسائل الإعلام، كان وسيلة اتصال بين الحدث والمتلقي، كما بين الوطن وأبنائه في الخارج". وذكر مجموعة صحف ومجلات بلغت ذات فترة 24 مطبوعة لم تبق منها اليوم سوى واحدة: "صوت الشاعر" ما زالت تواظب على الصدور. وختم بــ"دور الزجل في نشر الأغنية اللبنانية التي حملت اللغة المحكية اللبنانية إلى العالم".

العميل: مسيرة يجب ألا تتوقف
حنا العميل، وكان في تلك الفترة رئيس مصلحة الشؤون الثقافية والفنون الجميلة في وزارة الثقافة، تابع تهيئة الملف لمنظمة الأونسكو وعقد حلقات دراسية واجتماعات واختبارات ميدانية. وسرد مراحل العمل منذ سنة 2003 عند إقرار اتفاقية منظمة الأونسكو لــ"صون التراث الثقافي غير المادي"، وإنفاذ تلك الاتفاقية سنة 2009 بتمويل الاتحاد الأوروبي لإطلاق الأونسكو مشروع "التراث المتوسطي الحي"، ومساعدة أربع دول للحفاظ على هذا التراث (مصر، الأردن، سوريا، ولبنان). وإذ اختار لبنان إعداد دراسة مفصلة عن الشعر الشعبي الـمقول والمغنى ولاسيما الزجل، كان لبنان سنة 2013 وحده بين تلك الدول في تقديم ملف ترشيح الزجل اللبناني على "لائحة التراث الثقافي غير المادي"، حتى اعتمدته الأونسكو رسميا في تشرين الثاني 2014 على "لائحة التراث الثقافي غير المادي". ولكن إحياء ذاك الفن توقف منذ ذاك التاريخ، فيما الأونسكو أكدت على ضرورة أن تتابع الدولة اللبنانية عملها بإجراء مزيد من الدراسات حول سائر عناصر "التراث الثقافي غير المادي" للحفاظ عليها، وتأمين استمراريتها وانتقالها إلى الأجيال المقبلة، وصيانة السجل الوطني للتراث اللبناني.

سعادة: الزجل لغة داخل اللغة
وبين فقرات الندوة كان الشاعر الزجلي أنطوان سعادة يعطي نماذج زجلية مغناة لمعظم أنواع الزجل وموسيقاها وبحورها، ومنها القرادي، المعنى، القصيد (نوعان)، الموشح (على بحرين)، الشروقي، الميجانا، العتابا. وأضاف أن "من فرادة الزجل اللبناني كونه لغة داخل اللغة، بكامل قاموسها ومفرداتها وتأثيرها البالغ في المجتمع اللبناني".
وختاما أعلن زغيب أن الندوة التواصلية المقبلة ستكون في 20 تموز الجاري عن تراث المتاحف في لبنان.