العالم
01 آب 2024, 09:30

مدينة فلوريس الكاثوليكية ليست غريبة على إندونيسيا

تيلي لوميار/ نورسات
مدينة فلوريس في إندونيسيا - هي واحدة من لآلئ جزر سوندا، في الجزء الشرقيّ من الأرخبيل. بين الغابات والوديان الخضراء، تمتدّ حقول الأرزّ إلى الأفق، وكذلك المناظر الطبيعيّة الخلّابة، من التلال إلى بحر المرجان، ما يعلّل الاسم الذي أطلقه عليها البرتغاليّون "جزيرة الزهور" في القرن السادس عشر، نقلًا عن وكالة فيدس.

 

يتحدّث سكّان الجزيرة المحلّيّون بستّ لغات على الأقلّ، بسبب تنوّع قبائلهم وثقافاتهم وتقاليدهم ويعملون بشكل رئيس في الزراعة أو صيد الأسماك.

في القرى الريفيّة التي تنتشر في الأراضي الخصبة من الجزء الشرقيّ من فلوريس، يعلو صليب في كلّ قرية، وتوجد كنيسة صغيرة أو كبيرة، مصنوعة من خشب الخيزران لا يمكن للمرء ألّا يراها. هذا إن دلّ فعلى إيمان عميق الجذور يجعل فلوريس فريدة من نوعها في إندونيسيا كلّها. على عكس الجزر الإندونيسيّة الأخرى - في أكبر دولة ذات أغلبيّة مسلمة في العالم من حيث عدد السكان - فلوريس هي موطن لأغلبيّة كبيرة من السكّان الكاثوليك، الذين أدخلهم المرسلون المسيحيّون منذ البداية. تضمّ مقاطعة نوسا تينجارا الشرقية (التي تشمل فلوريس وجزرًا أخرى في شرق الأرخبيل)، وفقًا لبيانات من مجلس الأساقفة في إندونيسيا، حوالى 3 ملايين كاثوليكيّ (من إجمالي 10.5 مليون كاثوليكيّ في إندونيسيا بأكملها).  

تعتبر فلوريس "القلب الكاثوليكيّ للبلاد" وفي الجزء الغربيّ من الجزيرة وحدها يبلغ عدد المؤمنين 800000، من إجماليّ عدد السكّان البالغ مليون نسمة. كدليل على الحاجة الرعويّة لمرافقة شعب الله، تنقسم أراضي الجزيرة اليوم إلى خمس أبرشيّات كاثوليكيّة.  

دينيًّا، في بعض المدن الساحليّة مثل لابوان باجو، يكون عدد السكّان المسلمين أكبر (يصل إلى نصف السكان المقيمين)، في حين أنّ السكّان في الداخل كاثوليك بالكامل تقريبًا، في سياق ريفيّ.

 

يُعرف سكّان المنطقة الغربيّة من فلوريس باسم "Manggarai" ، وهي شريحة اجتماعيّة لها تقاليدها الثقافيّة الخاصّة وهذه المنطقة موطن لعدد من القبائل والمجموعات الفرعيّة. يمكن للمنزل التقليديّ، الذي يتميّز بقاعدة دائريّة وسقف مخروطيّ الشكل، أن يكون كنيسة صغيرة.  

تمّ دمْج عنصر الثقافة المحلّيّة بشكل مثاليّ - في عمليّة طويلة ومتناغمة من التداخل والتثاقف - في الإيمان الكاثوليكيّ.

يقول الأب ليان أنجكور، كاهن أبرشيّ شاب: "في كلّ عيد دينيّ، تؤدّى الرقصات وطقوس الترحيب والتضامن بين العائلات، والاحتفالات بالحياة العاديّة مثل ولادة طفل أو حفلات الزفاف أو الجنازات، وتجد توليفَها الكامل في كلمات الكتاب المقدّس أو في تكريس خاصّ ليسوع، لمريم العذراء، للقدّيسين. وفي كلّ قرية أو حيّ في مدينة مكتظّة بالسكّان، لا يوجد نقص في "جماعة القاعدة الصغيرة"، وهي جماعات من 15 إلى 20 عائلة تجتمع بانتظام للصلاة وقراءة الإنجيل ومشاركته. هذه علامات إيمان تتجسّد في الأعمال اليوميّة الصغيرة وتغذّي الحياة العاديّة للناس، في النسيج الاجتماعيّ الذي يجدون أنفسهم فيه". ويلاحظ الكاهن "لا يوجد تعارض بين ثقافتنا التقليديّة والإيمان: لقد تمّ دمْج القيم المسيحيّة في حياة الناس، واستبدلت "الحياة القديمة"، المكوّنة من ممارسات ثقافيّة، بإعلان المسيح، بـ "حياة جديدة"، يمكن للمرء أن يجد فيها المعنى العميق للتاريخ، مشبَعًا بروحانيّة مسيحيّة تُعطي المعنى العميق للحجّ في هذه الحياة الأرضيّة ورحّبت بها الجماعة قبل بضع سنوات".