أوروبا
31 أيار 2018, 05:00

محطّات زيارة البطريرك الرّاعي إلى باريس في يومها الثّالث

إستهلّ البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي اليوم الثّالث من زيارته الرّسميّة للعاصمة الفرنسيّة باريس، أمس الأربعاء بلقاء رئيسة بلديّة باريس آن هيدالغو يرافقه رئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس مطر، النّائب البطريركيّ المطران بولس عبد السّاتر، سفير لبنان في باريس رامي عدوان، المحامي وليد غيّاض والخوري عبدو أبو كسم.

 

وعرضت هيدالغو لعلاقات التّعاون القائمة بين بلديّتي باريس وبيروت ومنها تبادل الخبرات في شؤون إداريّة وتنظيميّة من خلال الموظّفين في البلديّتين، مؤكّدة "العمل لمزيد من التّعاون مع باقي البلديّات في لبنان على عدد من النّقاط الّتي تعنى بالشّأن البلديّ."

وأثنت هيدالغو على "ما قام به لبنان من استقبال للنّازحين السّوريّين"، منوّهة "بقدرته على تحمّل هذا العبء الّذي تعجز عن تحمّله أيّة دولة أخرى. واعتبرت أنّ عقد مؤتمر يجمع البلديّات اللّبنانيّة الّتي استقبلت أعدادًا كبيرة من النّازحين مع عدد من بلديّات فرنسا ليكونوا رسل سلام لتبادل الأفكار والخبرات حول هذا الموضوع قد يفتح الباب أمام حلول جديدة لهذه المشكلة الإنسانيّة الّتي تعاني منها بعض المدن الفرنسيّة أيضًا ولاسيّما مع استمرار الهجرة غير الشّرعيّة الّتي تهدّد المجتمعات."

وكان توافق على أهمّيّة عقد هذا المؤتمر "لأنّه سيتيح للشّعب الأوروبّيّ التّعرّف أكثر إلى التّجربة اللّبنانيّة في مسألة النّزوح السّوريّ وخاصّة أنّ جزءًا من حدود لبنان مشتركة مع سوريا وهو حتمًا سيتأثّر بالحرب الدّائرة فيها وبتداعياتها عليه على كافّة المستويات."

بعدها زار البطريرك والوفد المرافق مقرّ السّفارة اللّبنانيّة تلبية لدعوة السّفير اللّبنانيّ رامي عدوان الّذي نظّم حفل استقبال على شرف الرّاعي، شارك فيه عدد من أبناء الجالية اللّبنانيّة من أكاديميّين وأطبّاء ودبلوماسيّين ورجال أعمال.

بداية ألقى السّفير عدوان كلمة رحّب فيها بالبطريرك والحضور، وقال: "نرحّب بكم ترحيب الابن بأبيه في دارته. لقد أعطيتم مجد لبنان الّذي أعطى بدوره للعالم رجالاً ونساء أسّسوا لعلاقات قويّة مع الدّول.إنّه بلد الرّسالة والغنى وهو يواجه تحدّيات عبّرتم عنها للمسؤولين الفرنسيّين بدءًا من الرّئيس ماكرون وسلّمتموه مذكّرة تضمّنت النّقاط الّتي أتت نتيجة للمؤتمرات الدّوليّة الّتي عقدت لدعم لبنان. ونحن في هذا الإطار نقول إنّ الاقتصاد في ظلّ الفساد هو فقر والوجود المسيحيّ الضّئيل هو فقر والفرنكوفونيّة المحصورة بأيدي مالكي الأموال فقط هي فقر".

وتابع عدوان "دورنا أن نعيد الاقتصاد إلى حيث يجب أن يكون فيكون لبنان بلدًا لا بطالة فيه لمن يرغب العمل فيه. هدفنا هو عودة النّازحين إلى وطنهم لحماية تاريخهم وإرثهم ونحن نعتني بأرضنا ونساهم في نموّها. قريبًا نحتفل بالمئويّة الأولى لنشأة لبنان ودوركم هو تأكيد لدور الدّولة في الحفاظ على مكوّن أساسيّ يغني باقي المكوّنات ويغتني من علاقته بها، والفرنكوفونيّة بات لبنان من آخر المدافعين عنها وبهذا نقول إنّ لبنان هو مفتاح نجاحنا ولا سلام من دون انفتاح".

وختم عدوان: "تأكّدوا غبطتكم أنّنا سنكون بخدمتكم ورعاياكم وخدمة الدّولة وأهدافها".

بدوره شكر البطريرك الرّاعي لعدوان حضوره طوال أيّام الزّيارة "منذ لحظة وصولنا إلى المطار وصولاً إلى اليوم الأخير منها مثنيًا على علاقته المميّزة بأبناء الجالية اللّبنانيّة والتّقدير الّذي يكنّه له المسؤولون الفرنسيّون لاسيّما الرّئيس ماكرون الّذي يعرفه منذ أيّام الدّراسة. كما وجّه له تحيّة تقدير وتهنئة لاستلامه مهامه الدّيبلوماسيّة متمنّيًا له كلّ التّوفيق في تأدية هذه الرّسالة الوطنيّة لما فيه خير بلده وبلد خدمته، وقال: "أوجّه تحية لرئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون وللرّئيس الفرنسيّ إيمانويل ماكرون"، لافتًا إلى "العلاقات الطّيّبة بين البلدين منذ ألف عام والمستمرّة في إخلاصها، وهذا الحضور وما يمثّله من رموز كبيرة نفاخر به أينما وجدنا".

وأكّد الرّاعي "أنّ السّفارة قائمة بشخص اللّبنانيّين فيها والموجودين في فرنسا"، موجّهًا "تحيّة للجالية اللّبنانيّة الّتي تمثّل الضّمانة لبلادها وبحضورها تظهر قيمة لبنان".

وأشار إلى "أنّنا لا نحمّل فرنسا مسؤوليّة أو عبء مشاكلنا ولكنّنا من مبدأ العلاقة المتينة الّتي تربطنا بها عرضنا لهواجس تهدّد عيشنا في لبنان العزيز على قلب فرنسا ونحن نشكر للمسؤولين الّذين التقيناهم وعلى رأسهم الرّئيس ماكرون عناية إصغائهم لنا بقلوبهم وليس فقط بآذانهم وهذا دليل على المكانة المميّزة لنا عندهم وهذا الأمر ترجمناه بالتّمنّي بإمكانيّة عقد مؤتمر دوليّ للسّلام في الشّرق الأوسط يضع حدًّا للمأساة والعنف والدّمار والقتل والتّهجير الّذي تعيشه شعوب هذه المنطقة".

وفي الختام قدّم البطريرك الرّاعي للسّفير عدوان الميداليّة البطريركيّة.

وبعد الظّهر التقى البطريرك المارونيّ مار بشارة بطرس الرّاعي والوفد المرافق رئيس الوزراء الفرنسيّ إدوار فيليب ماتينيون، وكان عرض "للهواجس الّتي يشعر بها اللّبنانيّون، نتيجة لتطوّرات الأحداث في منطقة الشّرق الأوسط وتداعياتهاعلى الحياة الاجتماعيّة والسّياسيّة والاقتصاديّة في لبنان، وضرورة إيجاد مناخ يدعم سلام وأمان المنطقة .

وشدّد على "أهمّيّة استمرار علاقة الصّداقة التّاريخيّة بين لبنان وفرنسا ودعمها من خلال المواقف المساندة للبنان لتجاوز الصّعوبات والمخاطر الّتي تهدد مواطنيه، عارضًا للبنود الأربعة الّتي نتجت عن المؤتمرات الدّوليّة الّتي عقدت لدعم لبنان وهي دعم الوجود المسيحّي في الشّرق، إيجاد حلّ للنّازحين السّوريّين في لبنان، الاهتمام بالفرنكوفونيّة والحفاظ عليها من خلال الحفاظ على المدارس الكاثوليكيّة الخاصّة ومتابعة آليّة لتطبيق الإصلاحات الاقتصاديّة في لبنان."

كما جدّد البطريرك الرّاعي "دعوة الأسرة الدّوليّة إلى الاتّفاق على عقد مؤتمر للسّلام في منطقة الشّرق الأوسط، الأمر الّذي سينعكس إيجابًا على كافّة دول المنطقة وخصوصًا لبنان."

في المقابل لمس البطريرك اهتمامًا ملفتًا من ماتينيون الّذي أكّد على "محبّة فرنسا للبنان واستعدادها الدّائم لتقديم المساعدة والوقوف إلى جانب لبنان في مراحله الدّقيقة".

ومساء ترأّس البطريرك في ختام زيارته الرّسميّة لفرنسا قدّاسًا احتفاليًّا في كاتدرائيّة سيّدة لبنان في باريس عاونه فيه المطارنة: بولس مطر، مارون ناصر الجميّل وبولس عبد السّاتر، المونسينيور أمين شاهين، مدير المركز الكاثوليكيّ للإعلام الخوري عبدو أبو كسم، ولفيف من الكهنة. 

وحضر القدّاس رئيس الجمهوريّة ميشال سليمان، سفير لبنان في باريس رامي عدوان، ممثّل وزارة الخارجيّة الفرنسيّة جان كريستوف بوسيل، الملحق العسكريّ العميد الياس أبو جودة، قنصل لبنان في مرسيليا صونيا أبي عازار، الوزير السّابق ابراهيم الضّاهر، رئيس الرّابطة المارونيّة في بلجيكا المهندس مارون كرم، المير حارس شهاب، وحشد من الفعاليّات وأبناء الجالية اللّبنانيّة في فرنسا وممثّلين عن الأحزاب والتّيّارات.

في بداية القدّاس كلمة ترحيب للمطران الجميّل دعا فيها إلى رفع الصّلوات "مع راعينا البطريرك ليعينه الله على خدمته وقيادتنا إلى ميناء السّلام والمحبّة".

وبعد الإنجيل المقدّس ألقى البطريرك الرّاعي عظة قال فيها: "في ختام هذه الزّيارة الّتي قمنا بها إلى فرنسا يسعدنا أن نحتفل معكم بالقدّاس الختاميّ وفيه الرّبّ يسوع يؤكّد لنا هويّتنا ورسالتنا ويقول لنا أنا اخترتكم وأحببتكم وأرسلتكم بثقة لتأتوا بثمار وأنا أضمن دوام وفعاليّة ثماركم. وهكذا نحن اليوم أينما كنّا نحن مختارون ومرسلون من الرّبّ لنعطي ثماره".

وتابع: "نحيّي أبرشيّتنا العزيزة في فرنسا وراعيها وكهنتها والمؤمنين ونقول إنّ الأبرشيّة تحمل هذه الرّسالة متمسّكين بتقاليدنا الأنطاكيّة والسّريانيّة.  لقد طرحنا مع الرّئيس الفرنسيّ نتائج المؤتمرات الثّلاثة الّتي عقدت لدعم لبنان أيّ المسائل الّتي تشكّل همًّا للبنان وهي آليّة تطبيق الإصلاحات الهيكليّة والقطاعات، وعودة النّازحين إلى بلدانهم، وإعطاء قيمة للحضور المسيحيّ في الشّرق من خلال تعايشه مع المسلمين لأنّ فقدان هذا الحضور أمر خطير. كما عرضنا لموضوع الفرنكوفونيّة وأهميّتها في لبنان ومشكلة مدارسنا الّتي تواجه خطر الإقفال بسبب الزّيادات على الأقساط الّتي لا إمكانيّة لشعبنا على تحمّلها بسبب الفقر، وطالبنا بعقد مؤتمر للسّلام في الشّرق الأوسط".

وقال: "نقدّم هذه الذّبيحة الإلهيّة على نيّة فرنسا وشعبها ومن أجل استضافتها لأبناء جاليتنا، ونقدّم القدّاس على نيّة وطننا لبنان وبلداننا المشرقيّة، سائلين الله أن يحمي هذه البلاد ويحمي بلادنا ويمنحنا الاستقرار، ونصلّي من اجل نهاية الحروب وإحلال السّلام الدّائم والشّامل وأن يعود كلّ النّازحين والمهجّرين والمخطوفين واللّاجئين إلى بلدانهم وأوطانهم".

وفي نهاية القدّاس التقى الرّاعي المؤمنين، ثمّ توجّه إلى البيت اللّبنانيّ الفرنسيّ والتقى القيّمين عليه الّذين نظّموا حفل استقبال بمناسبة زيارته الرّسميّة إلى فرنسا. وحضر الحفل إلى جانب سفير لبنان رامي عدوان مجموعة من الفعاليّات في وزارة الخارجيّة الفرنسيّة وديبلوماسيّين وشخصياّت من المجتمع المدنيّ والثّقافيّ من أبناء الجالية والفرنسيّين.

وكان غبطته قد عقد مؤتمرًا صحافيًّا في مقرّ إقامته في فندق البريستول في باريس أجاب فيه على أسئلة وسائل الاعلام الأجنبيّة والعربيّة.

سئل البطريرك الرّاعي: هناك شعور في بيروت بأنّ العالم الغربيّ يريد أن يبقي اللّاجئين السّوريّين في لبنان، لقد عقدت لقاء مع الرّئيس إيمانويل ماكرون وبحثتم معه هذا الموضوع، ما رأيك في مبرّر هذا الشّعور في لبنان؟

أجاب البطريرك الرّاعي: "لدينا في لبنان نحو مليون وسبعمئة وخمسين ألف لاجىء سوريّ مسجلّ، إضافة إلى نصف مليون فلسطينيّ أيّ ما نسبته نصف الشّعب اللّبنانيّ، وهنا أسأل هل فرنسا أو أيّ بلد مهما بلغت قوّته بإمكانه أن يستقبل نصف عدد سكّانه من اللّاجئين مع كلّ التّداعيات الاقتصاديّة والاجتماعيّة والثّقافيّة والسّياسيّة؟ إذا قلقنا مبرّر نحن استقبلنا ونستقبل إخوتنا المعذّبين ولكن كلّ ذلك على حساب لبنان واللّبنانيّين، فلبنان يعاني، وربع الشّعب اللّبنانيّ هو تحت خطّ الفقر، نحن نشهد نزيفًا بشريًّا كبيرًا يتمثّل بهجرة اللّبنانيّين الّذين يغادرون البلد، ونحن نتساءل كيف سيكون مستقبل بلدنا وكيف ستكون هويّته؟ نحن لا ندّعي بأنّ السّورييين يعيشون في الجنّة، فمعلوم أنّ الوكالات الدّوليّة تقول إنّ 60 بالمئة من السّوريّين يعانون الفقر المدقع، ونحن نقول للمجموعة الدّوليّة لما علينا إجبار هؤلاء النّاس على العيش في بؤس؟ ولماذا إجبار لبنان على تحمّل نتائج الحرب الدّائرة؟ لذلك نحن نطالب المجموعة الدّوليّة بتشجيع اللّاجئين على العودة إلى ديارهم ونطلب منها عدم التّكرار للّاجئين بأنّ لا أمن ولا سلام في سوريا والقول لهم: "بإمكانكم العودة طوعًا ولكن لا نضمن لكم شيئًا."

ونحن بدورنا ندعو المجتمع الدّوليّ الى تشجيعهم على العودة فهناك مناطق آمنة في سوريا. ونقول للّاجئين سوريا أرضكم وبلدكم وتاريخكم وحضارتكم وحقّكم كمواطنين ويجب العودة إلى دياركم، فالدّولة والأمّة ليستا الأرض والحجر إنّما الثّقافة. وسأل: هل فرنسا تفتخر بأرضها أو بتاريخها وثقافتها وحضارتها؟ ولسوريا أيضًا ثقافتها ونحن ندعو دومًا لفصل الجانب السّياسيّ عن الجانب الشّعبيّ، النّظام السّياسيّ شيء والشّعب شيء آخر، النّظام يتغيّر والنّاس تتغيّر ولكن الشّعب يبقى، هذا هو تحديدًا ما ناقشناه أمس مع الرّئيس ماكرون، وهو شاطرنا هذه الأفكار وطلبنا منه أن يكون صوتنا في العالم الغربيّ. 

وطالب البطريرك الرّاعي المجموعة الدّوليّة وقف التّحدّث بالعودة الطّوعيّة أو الإراديّة وبإدماج اللّاجئين في البلدان المضيفة وفي قطاع العمل لأنّ هذا أمر خطير.

سئل: هل تشجّع الحوار بين الحكومتين اللّبنانيّة والسّوريّة لوضع برنامج للعودة؟

أجاب: اللّبنانيّون منقسمون حول هذا الموضوع، قسم هو مع النّظام ويطالب بالحوار مع السّلطات السّوريّة وقسم هو ضدّ الحوار معها، أنا أقول بالحوار والحديث مع السّلطات القائمة والموجودة، فإذا كان شخصان في نزاع فيجب أن يتحدّثا مع بعضهما البعض وليس مع طرف ثالث. أنا أدعو دومًا لفصل الشّقّ السّياسيّ عن الشّقّ الشّعبيّ، هناك شعب يتألّم ويعاني خارج بلده اقتلع من ثقافته، أنا أنطلق من مبدأ أنّ السّلطات السّوريّة مسؤولة عن شعبها وليس لبنان ويتوجّب على السّلطات القائمة أن تتحمّل مسؤوليّة ومصير شعبها.

الأمر الثّالث هو أنّه مع هذه الأعداد الضّخمة من اللّاجئين السّوريّين، يتحوّل اللّبنانيّون إلى أقلّيّات وفقراء في وطنهم ما يدفعهم إلى ترك لبنان. نعم يوجد خطر كبير مع انعدام التّوازن الدّيموغرافيّ خصوصًا أنّ النّظام السّياسيّ اللّبنانيّ مبنيّ على التّوازن الدّيموغرافيّ، وإذا استمرّ هذا الرّجحان الدّيموغرافيّ نعم سيسبّب خطرًا على لبنان فتتغيّر صورته وهويّته. ولأجل ذلك ننادي الأمم من أجل مواجهة ومعالجة هذه الأزمة الخطيرة.

ونسأل دائمًا لماذا على لبنان أن يدفع دائمًا ثمن الحرب؟ فإذا كنتم تحبّون لبنان فعلاً ساعدوه ليحافظ على هويّته ورسالته ودوره في الشّرق والعالم، لبنان النّموذج الّذي يحتذى والقول الّذي نردّده دائمًا للبابا يوحنّا بولس الثّاني أنّ لبنان هو النّموذج للغرب والشّرق بلد الغنى في التّنوّع والتّعدّد والكبير في الثّقافة والرّوحانيّة.

وعن القرار الأميركيّ بجعل القدس عاصمة لدولة إسرائيل، أجاب الرّاعي: "نحن نرفض هذا القرار الأميركيّ بشأن القدس، فمنذ سنة 1948 أخذ مجلس الأمن قرارًا ليكون حلّاً لمدينة القدس وأن تكون جسمًا منفصلاً ومدينة دوليّة مدينة للأديان السّماويّة الثّلاث المسيحيّة والإسلام واليهوديّة ويحقّ لكلّ الشّعوب العيش والتّواصل فيها، وهذا القرار الدّوليّ عادت وقبلت به إسرائيل سنة 1951، والفاتيكان أكّد بأن تكون القدس مدينة مفتوحة أمام الجميع وعلى مسافة واحدة من جميع الاطراف، ولكن جاء اليوم قرار الرئيس الاميركي ترامب الّذي ليس له الحقّ ليضرب كلّ ذلك ويولّد أزمات جديدة في المنطقة.

ولمواجهة هذا القرار عقدنا في مقرّ البطريركيّة المارونيّة قمّة روحيّة مسيحيّة إسلاميّة رفضًا لهذا القرار الأميركيّ، كما دعا الأزهر إلى مؤتمر لذلك.

ونحن الآن لن نقبل بأن تصبح المدينة المقدّسة مدينة الأديان السّماويّة الثّلاث مدينة يهوديّة.

وأضاف الرّاعي أنّ "لبنان هو جزء من العالم العربيّ ودفع الثّمن الأكبر نتيجة للنّزاع العربيّ الإسرائيليّ، ونحن نرفض الحرب ونعمل للسّلام فالسّلام يبنى بالسّلام وليس بالحرب. الأمر الثّالث هو أنّه مع هذه الأعداد الضّخمة من اللّاجئين السّوريّين، يتحوّل اللّبنانيّون إلى أقلّيّات وفقراء في وطنهم ما يدفعهم إلى ترك لبنان. نعم يوجد خطر كبير مع انعدام التّوازن الدّيموغرافيّ خاصّة أنّ النّظام السّياسيّ اللّبنانيّ مبنيّ على التّوازن الدّيموغرافيّ، وإذا استمرّ هذا الرّجحان الدّيموغرافيّ نعم سيسبّب خطرًا على لبنان فتتغيّر صورته وهويّته، ولأجل ذلك ننادي الأمم من أجل مواجهة ومعالجة هذه الأزمة الخطيرة".