لبنان
08 نيسان 2020, 06:30

ما هي وسائل الشّفاء الرّوحيّ من المرض الأخطر "الخطيئة"؟

تيلي لوميار/ نورسات
من كنيسة القدّيسين قزما ودميانوس في بلدة بزيزا- الكورة، رفع راعي أبرشيّة طرابلس المارونيّة المطران جورج بو جودة صلاة المساء وزيّاح المصلوب، بمشاركة النّائب العامّ الخوراسقف أنطوان ميخائيل، الخوري عزّت الطّحش، وخادم الرّعيّة الخوري شارل قصاص، وألقى عظة للمناسبة جاء فيها بحسب "الوكالة الوطنيّة للإعلام":

"في تقاليدنا الشّعبية المارونيّة نسمّي هذا اليوم، الأربعاء من أسبوع الآلام، أربعاء أيّوب لأنّنا نقرأ فيه فصل من سفر أيّوب يصف لنا المصائب والويلات الّتي حلّت بهذا الرّجل الّذي أصبح مثالاً للصّبر وتحمّل الآلام، ولثقته المطلقة بالله. هذا السّفر من العهد القديم ليس حادثة واقعيّة إنّما هو رواية رمزيّة تهدف إلى إعطائنا أمثولة في حياتنا اليوميّة الّتي نتعرّض فيها لمختلف أنواع الصّعوبات والمشاكل إن من النّاحية المادّيّة أو من النّاحية الجسديّة، والّتي قد توقعنا في تجربة إلقاء التّهمة على الله في كلّ ما يحلّ بنا، حتّى نصل إلى درجة الكفر به. أيّوب إنسان بارّ وصديق أنعم الله عليه بصحّة جيّدة وبوفرة من الخيرات. عائلته مترابطة متكاتفة يلتقي أبناؤه دوريًّا عند بعضهم البعض ويعيشون حياة الأُخوّة الصّحيحة والوفاق التّامّ. وخوفًا من أن يكونوا قد أخطأوا في تصرّفاتهم كان أيّوب يقول: لعلّ بني خطئوا فجدّفوا على الله في قلوبهم فكان يدعوهم ويطهّرهم ويبكّر في الصّباح فيصعد محرقات لعددهم جميعًا...

وتتوالى المصائب والضّربات على أيّوب، المادّيّة منها أوّلاً: الأعداء يقتلون خدمه ويسرقون بقره، ونار السّماء تحرق غنمه وتقتل رعيانه، ويغير الكلدانيّون على الإبل والجمال ويأخذونها بعد أن يقتلوا الخدم. وتهبّ ريح شديدة على بيت ابنه البكر، وقد اجتمع فيه كلّ أبناء أيّوب يأكلون ويشربون الخمر، فيسقط البيت عليهم ويقتلهم جميعًا. ومع كلّ ذلك لم يكفر أيّوب بالرّبّ، بل يرتمي على الأرض ويقول: عريانًا خرجت من جوف أمّي وعريانًا أعود إليه. الرّبّ أعطى والرّبّ أخذ، فليكن إسم الرّبّ مباركًا...

في الواقع فإنّ رواية أيّوب وما نعيشه اليوم على الصّعيد العالميّ بانتشار وباء الكورونا، تهدف إلى إعطائنا درسًا في قبول مشيئة الرّبّ الّذي يريد خيرنا لا بلوانا، وفي قبول ما يحصل لنا من صعوبات في حياتنا، نابعة من ظروف الحياة وبصورة خاصّة، بصورة غير مباشرة، من إرادتنا في جعل أنفسنا آلهة لأنفسنا وفي استغنائنا عن الرّبّ ورفضنا له، تمامًا كما حصل مع أبوينا الأوّلين، الّلذين استسلما لإرادة الشّيطان المجرّب واعتقدا أنّهما لن يحقّقا ذاتهما إلّا إذا اتّخذا هذا الموقف...

إنّ هذا الأسبوع الّذي نعيشه هو أسبوع الآلام الّذي في نهايته سيرفع المسيح فيه على الصّليب، ليموت فداء عن البشريّة جمعاء، ثمّ يعود فينتصر على الموت، وبانتصاره ينتصر الجنس البشريّ بكامله. وفي الواقع، أيّها الأحبّاء فإنّ حياتنا على هذه الأرض فيها الفرح والسّرور والتّعزية، وفيها العذاب والألم والموت. ونحن غالبًا ما نقف حيارى لا نفهم لماذا تحلّ بنا المصائب والويلات، فنوجّه اللّوم إلى الرّبّ ونسأله لماذا يا ربّ كلّ هذا العذاب والألم الّذي يصيبنا ونحن أبرياء. وقد يصل بنا الأمر في بعض الأحيان إلى الكفر بالله، وهي التّجربة الّتي عرضتها زوجة أيّوب عليه. لكن الكنيسة، ولأنّها فهمت تعليم المسيح وهي تنقله إلينا بأمانة، أعطتنا الوسائل الّتي تساعدنا على عيش إيماننا بصورة صحيحة. وقد وضعت بتصرّفنا وسائل لشفائنا الرّوحيّ من المرض الأخطر الّذي يتهدّدنا، وهو مرض الخطيئة، وأهمّها سرّ التّوبة المقدّس الّذي بواسطته ننال المغفرة بعد إقرارنا بخطيئتنا أمام الرّبّ المتمثّل أمامنا بالكاهن الّذي يقول لنا: مغفورة خطاياك، إذهب بسلام."