الفاتيكان
27 كانون الثاني 2025, 13:30

ما هي الأفعال الخمسة الّتي تميّز رسالة المسيح؟

تيلي لوميار/ نورسات
في أحد كلمة الله، منح البابا فرنسيس رتبة القارئ لعدد من الرّجال والنّساء من مختلف أنحاء العالم، وذلك خلال قدّاس إلهيّ ترأّسه في بازيليك القدّيس بطرس صباح الأحد، سلّط خلاله الضّوء على الأفعال الخمسة الّتي تميّز رسالة المسيح.

وفي تفاصيل عظته، قال البابا بحسب "فاتيكان نيوز": "يعلن لنا الإنجيل الّذي سمعناه تحقيق نبوءة تفيض بالرّوح القدس. والّذي يتمّمها هو الآتي "بِقُوَّةِ الرُّوحِ": يسوع، المخلّص.

كلمة الله هي حيّة: تسير معنا عبر القرون، وبقوّة الرّوح القدس تعمل في التّاريخ. إنّ الرّبّ في الواقع أمين دائمًا لوعده الّذي يفي به محبّة بالبشر. وهذا بالتّحديد ما قاله يسوع في مجمع النّاصرة: "اليوم تمّت هذه الآية بمسمع منكم". أيّها الإخوة والأخوات يا لها من مصادفة سعيدة! ففي أحد كلمة الله، وفي بداية اليوبيل، تُعلن هذه الصّفحة من إنجيل لوقا الّتي يُظهر فيها يسوع نفسه كالمسيح الّذي مسحه الرّوح وأرسله لكي يعلن "سنة رضا عند الرّبّ!" يسوع هو الكلمة الحيّة الّتي تجد فيها جميع الكتب تحقيقها الكامل. ونحن، في اللّيتورجيا المقدّسة اليوم، نحن معاصريه: نحن أيضًا، إذ نمتلئ بالدّهشة، نفتح قلوبنا وعقولنا لكي نصغي إليه، لأنّه "هو الّذي يتكلّم عندما تُقرأ الكتب المقدّسة في الكنيسة". وفي موقف الإيمان الفرِحِ هذا، نحن مدعوّون لكي نقبل النّبوءة القديمة كما خرجت من قلب المسيح، متوقّفين عند الأفعال الخمسة الّتي تميّز رسالة المسيح: رسالة فريدة وشاملة؛ فريدة لأنّه هو وحده القادر على تحقيقها؛ وشاملة لأنّه يريد أن يشرك الجميع.

أوّلًا هو يأتي مرسلًا ليبشّر الفقراء. هذا هو "الإنجيل"، البشرى السّارّة الّتي يعلنها يسوع: إنّ ملكوت الله قريب! وعندما يملك الله، يخلص الإنسان. إنّ الرّبّ يأتي لكي يفتقد شعبه، ويعتني بالمتواضعين والبائسين. هذا الإنجيل هو كلمة شفقة، تدعونا لكي نحبّ، ونغفر للقريب، وإلى التزام اجتماعيّ سخيّ. العمل الثّاني للمسيح هو أن يعلن "للمأسورين تخلية سبيلهم. إنّ أيّام الشّرّ معدودة، لأنّ المستقبل هو لله. وبقوّة الرّوح، يسوع يخلّصنا من كلّ ذنب ويحرّر قلوبنا من كلّ قيد داخليّ، ويحمل مغفرة الآب إلى العالم. هذا الإنجيل هو كلمة رحمة تدعونا لكي نصبح شهودًا شغوفين للسّلام والتّضامن والمصالحة.

العمل الثّالث الّذي يتمّم به يسوع النّبوءة هو أن يعطي "البصر للعميان". إنّ المسيح يفتح لنا عيون القلب الّتي غالبًا ما يبهرها سحر القوّة والغرور: أمراض النّفس الّتي تمنعنا من أن نتعرّف على حضور الله وتجعل الضّعفاء والمتألّمين غير مرئيّين. هذا الإنجيل هو كلمة نور، تدعونا إلى الحقّ وإلى شهادة الإيمان والثّبات في الحياة. العمل الرّابع هو "الإفراج عن المظلومين". لا يوجد عبوديّة تقاوم عمل المسيح الّذي يجعلنا إخوة باسمه. إنّ سجون الاضطهاد والموت تنفتح على مصراعيها بقوّة الله المحبّة. لأنَّ هذا الإنجيل هو كلمة حرّيّة، تدعونا إلى ارتداد القلب وصدق الفكر والمثابرة في التّجربة. وأخيرًا، العمل الخامس: لقد أُرسل يسوع لكي "يعلن سنة رضا عند الرّبّ". إنّه زمن جديد لا يستهلك الحياة بل يجدّدها. إنّه يوبيل مثل اليوبيل الّذي بدأناه، يهيّئنا بالرّجاء للقاء نهائيّ مع الفادي. الإنجيل هو كلمة فرح، تدعونا إلى الضّيافة والشّركة والسّير كحجّاج نحو ملكوت الله.

من خلال هذه الأعمال الخمسة، حقّق يسوع نبوءة أشعيا. وإذ حرّرنا، يعلن لنا أنّ الله يقترب من فقرنا، ويخلّصنا من الشّرّ، وينير عيوننا، ويكسر نير الظّلم، ويدخلنا في فرح زمن وتاريخ يحضُر فيه، لكي يسير معنا ويقودنا إلى الحياة الأبديّة. إنّ الخلاص الّذي يعطينا إيّاه لم يتحقّق بالكامل بعد؛ ومع ذلك لن تكون للحروب والظّلم والألم والموت الكلمة الأخيرة: لأنّ الإنجيل في الواقع هو كلمة حيّة وأكيدة لا تخيّب أبدًا. أيّها الإخوة والأخوات، في يوم الأحد المكرّس بشكل خاصّ لكلمة الله، لنشكر الآب لأنّه وجّه إلينا كلمته الّذي صار إنسانًا لخلاص العالم. هذا هو الحدث الّذي تتحدّث عنه جميع الكتب المقدّسة، الّتي كتبها البشر والرّوح القدس. فالكتاب المقدّس كلّه يذكر المسيح وعمله، والرّوح القدس يحقّقه بشكل آنيّ في حياتنا وفي التّاريخ. عندما نقرأ الكتاب المقدّس، عندما نصلّيه وندرسه، نحن لا نتلقّى فقط معلومات عن الله، بل ننال الرّوح القدس الّذي يذكّرنا بكلّ ما قاله يسوع وعمله. وهكذا ينتظر قلبنا الّذي يتّقد بالإيمان برجاء مجيء ملكوت الله.

لنُجب بحماسة على إعلان المسيح الفرح. لأنّ الرّبّ في الواقع لم يكلّمنا كمستمعين صامتين، بل كشهود، ويدعونا لكي نبشِّر في كلّ زمان ومكان. لقد جاء اليوم أربعون أخًا وأختًا من أماكن عديدة من العالم لكي ينالوا خدمة القارئ: لنكن ممتنّين لهم ولنصلِّ من أجلهم. لنلتزم جميعًا لكي نحمل البشرى السّارّة للفقراء، ونعلن إطلاق سراح الأسرى وعودة البصر للعميان، ونحرِّر المظلومين، ونعلن سنة رضا عند الرّبّ. عندها سنحوِّل العالم بحسب مشيئة الله الّذي خلقه وافتداه محبّة بنا".