ما هي أبرز المحطّات الّتي سجّلتها زيارة البابا إلى تايلاند؟
إذ، وبحسب "فاتيكان نيوز"، قام الأب الأقدس يوم الخميس بزيارة مستشفى القدّيس لويس في بانكوك، والّذي يعود تاريخ تأسيسه إلى العام 1898، حيث التقى الطّاقم الطّبّيّ والمرضى وذوي الاحتياجات الخاصّة.
وفي كلمته، ثمّن البابا الخدمة الّتي تقوم بها الكنيسة الكاثوليكيّة للشّعب التايلنديّ لاسيّما للأشدّ عوزًا، شاكرًا راهبات القدّيس بول دو شارتر لتفانيهنّ الصّامت والفرح، مشدّدًا على "أهمّيّة تنمية راعويّة الصّحّة حيث لا المرضى فقط، إنّما جميع أعضاء هذه الجماعة يشعرون بأنّهم مرافَقون ومؤازَرون في رسالتهم". وسأل العاملين في المستشفى، في الذّكرى الـ120 على تأسيسه، أن يعملوا "كي تكون هذه الرّسالة أكثر فأكثر على الدّوام علامة لكنيسة في انطلاق".
هذا وترأّس البابا القدّاس الإلهيّ عصرًا في الإستاد الوطنيّ في بانكوك تذكّر خلاله المرسلين الأوائل إلى تلك الأراضي، والّذين كانت تدفعهم قوّة الرّوح القدس، فـ"ملأوا حقيبتهم بالرّجاء الّذي يولد من بشرى الإنجيل السّارّة، انطلقوا في المسيرة بحثًا عن أعضاء جُدُد لعائلتهم هذه الّتي لم يكونوا يعرفوها".
ودعا الجماعة التّايلانديّة إلى السّير قدمًا في المسيرة على خُطى المرسلين الأوائل "لكي نلتقي ونكتشف ونعترف بفرح بجميع وجوه الأمّهات والآباء والإخوة الّذين يريد الرّبّ أن يعطينا إيّاهم والغائبين عن مائدة يوم الأحد".
أمّا صباح الجمعة فاجتمع الأب الأقدس مع الكهنة والرّهبان والمكرّسين والمكرّسات، الإكليريكيّين ومعلّمي التّعليم المسيحيّ في تايلاند، في رعيّة القدّيس بطرس في منطقة سام برام التّابعة لمدينة بانكوك، حيث أكّد أنّ "الحياة المكرّسة غير القادرة على الانفتاح على المفاجأة، على التّفاجؤ كلّ يوم إلى جانب الفرح والبكاء، تظلّ في منتصف الطّريق"، لافتًا إلى أنّ "الرّبّ لم يدعنا ليرسلنا إلى العالم كي نفرض واجبات على الأشخاص أو تحميلهم أعباء أكثر ممّا لديهم، بل لمقاسمة الفرح وأفق جميل جديد ومفاجئ".
هذا ودعا الإكليروس إلى البحث بشجاعة عن طرق لإعلان الإيمان باللّهجة المحلّيّة، بخاصّة بعد ما قرأه عن أنّ "المسيحيّة بالنّسبة لكثيرين في هذا البلد هي دين أجنبيّ، ديانة الأجانب"، كما إلى "جعل أصداء الإنجيل تتردّد بموسيقى هذه الأرض لتحرّك نفوس أخوتنا بالجمال ذاته الّذي ألهب قلوبنا".
وسجّل يوم الجمعة لقاء مع أساقفة البلاد واتّحاد مجالس أساقفة آسيا، في مزار الطّوباويّ نيكولاس بونكيرد كيتبامرونغ (1895 – 1944) الّذي كرّس حياته للبشارة والتّعليم المسيحيّ.
في كلمته، ذكّر البابا الأساقفة أنّ الرّوح القدس هو رائد الرّسالة، وبأنهّم خدّام، لافتًا إلى أنّ ذلك يعني "مرافقة مَن نخدهم بأناة ومحبّة، والإصغاء إليهم وتشجيع وتثمين مبادراتهم الرّسوليّة". كما ودعا الأساقفةَ إلى "أن يكونوا قريبين من الكهنة والإصغاء إليهم ومؤازرتهم، وحثَّهم على أن يفعلوا ذلك كآباء، وأن يخلقوا مناخ ثقة يعزّز الحوار الصّادق".
وعقد الأب الأقدس لقاءً مع القادة الرّوحيّين الّذين يمثّلون مختلف الدّيانات في تايلاند، في حرم جامعةChulalongkorn ، قام في بدايته بتحيّة القادة الدّينيّين فردًا فردًا، وأشار بعدها في خطابه إلى أنّ "هذا اللّقاء التّاريخيّ يشجّعنا اليوم على الالتزام في درب الحوار والتّفاهم المتبادل، وينبغي أن يتمّ هذا الأمر بروح من المشاركة الأخويّة ويساهم في وضع حدّ للأشكال المتعدّدة من العبوديّة الّتي ما تزال راهنةً في عالم اليوم، لاسيّما آفةِ الاتجار بالكائنات البشريّة".
هذا وشدّد البابا على أهمّيّة الاعتراف بالآخر واحترامه فضلاً عن التّعاون بين الدّيانات، لافتًا إلى أنّ "زمن انعزال الدّول ولّى، وبات يتعيّن علينا اليوم أن نتصوّر منطقَ اللّقاء والحوار كدربٍ واجب اتّباعها، ومنطقَ التّعارف المتبادل كنهجٍ ومعيار، وبهذه الطريقة نقدّم نموذجًا جديدًا لحلّ الصّراعات، ونساهم في تحقيق التّفاهم بين الأشخاص وفي حماية الخليقة".
ولم تخلُ زيارة البابا إلى تايلاند من لقائه الشّباب التّايلانديّ، وهذه المرّة في قدّاس إلهيّ ترأّسه عصر الجمعة في كاتدرائيّة سيّدة الانتقال- بانكوك، دعاهم خلاله إلى السّير قدمًا بفرح لأنّ الرّبّ ينتظرهم.
وخاطب البابا الشّباب بكلمات لعلّ أبرزها عندما قال لهم: "أنتم ورثة تاريخ بشارة عظيم قد نُقل لكم ككنز مقدّس... أنتم جيل جديد لديه رجاء جديد وأحلام جديدة وأسئلة جديدة وبالتّأكيد أيضًا بعض الشّكوك، ولكن إذ تتجذّرون في المسيح أدعوكم لكي تحافظوا على الفرح حيًّا وألّا تخافوا من النّظر إلى المستقبل بثقة. إذ تتجذّرون في المسيح أنظروا بفرح وثقة. هذه الحالة تولد من معرفتكم بأن الرّبّ يرغب فيكم ويلتقي بكم ويحبّكم بلا حدود". وأكّد لهم أنّ "الصّداقة الّتي تعزّزونها مع المسيح هي الزّيت الضّروريّ لإنارة المسيرة، مسيرتكم وإنّما أيضًا مسيرة جميع الّذين يحيطون بكم: أصدقاء وجيران وزملاء الدّراسة والعمل بما فيهم أولئك الّذين لا يتّفقون معكم"، مردّدًا على مسامعهم دعوته للشّباب: "لا تخافوا من المستقبل ولا تسمحوا لأحد بأن يخجلكم!".