الفاتيكان
23 آب 2022, 10:20

ما هو النّموذج الّذي يجب أن يلهم كلّ خدمة في الكنيسة؟

تيلي لوميار/ نورسات
لمناسبة الأسبوع اللّيتورجيّ الوطنيّ الثّاني والسّبعين حول موضوع "خدمات في خدمة كنيسة سينودسيّة"، وجّه البابا فرنسيس رسالة إلى المشاركين حملت توقيع أمين سرِّ دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين، أكّد فيها انطلاقًا من قول الرّبّ: "أنا بينكم كالّذي يخدم"، أنّ هذا هو النّموذج الّذي يجب أن يلهم كلّ خدمة في الكنيسة، فكتب بحسب "فاتيكان نيوز":

"يسعدني أن أنقل تحيّة الحبر الأعظم للمشاركين في الأسبوع اللّيتورجيّ الوطنيّ الثّاني والسّبعين، الّذي سيعقد في ساليرنو، وهي مدينة غنيّة بالجمال الطّبيعيّ والفنّيّ، والحارسة ليس فقط لأعمال قيِّمة للفنّ المقدّس، وإنّما أيضًا لذخائر القدّيس متّى الرّسول والإنجيليّ والحبر الأعظم غريغوريوس السّابع. إنَّ الموضوع الّذي ستتطرّقون إليه، "خدمات في خدمة كنيسة سينودسيّة"، له أهمّيّة خاصّة بالنّسبة للكنيسة في هذه المرحلة التّاريخيّة، وهو مرتبط بما قاله الأب الأقدس في افتتاح السّينودس حول السّينودسيّة. إذ حثّ على أن نعيش مسار السّينودس لنُصبح "خبراء في فنّ اللّقاء، ونلتقي وجهًا لوجه، ونسمح لأسئلة الأخوات والإخوة، بأن تساعدنا لكي يغنينا تنوّع المواهب والدّعوات والخدمات.

بعد مرور خمسين عامًا على الإرادة الرّسوليّة "Ministeria quaedam" الّتي استعرض من خلالها القدّيس بولس السّادس جميع الأمور المتعلّقة بالدّرجات الصّغرى محافظًا على درجة القارئ والشّدياق كخدمات قائمة، غير محفوظة لمرشّحي سرّ الكهنوت، يقترح مركز العمل اللّيتورجيّ بشكل مناسب تأمّلًا في الحركة اللّيتورجيّة لشعب الله بأسره، المدعوّ في تنوّع المهام والخدمات لكي يرفع الحمد والتّسبيح إلى ربّه. يمكن أيّام الدّراسة والمناقشة هذه أن تمثّل مكانًا مثاليًّا للتّحقّق من التّأثير الفعّال للخدمات الجديدة الّتي تمّ إنشاؤها للقارئ والشّدياق، وكذلك لأستاذ التّعليم المسيحيّ في الممارسة الكنسيّة، بالنّظر إلى ترقية الخدمات عينها في ضوء السّلطة التّعليميّة للبابا فرنسيس، الّذي تدعونا باستمرار إلى تجديد الشّكل الكنسيّ في مفتاح أكثر شراكة، والتّغلّب على جميع الإغراءات المتبقيّة للإكليروسيّة.

مع الإرادة الرّسوليّة "Spiritus Domini"، تخطّى القيد، الّذي كان قد تمَّ الحفاظ عليه، والّذي حدّد خدمات القارئ والشّدياق للرّجال فقط ورتّب لإدراج النّساء في الخدمات العلمانيّة مع تعديل المادّة ٢٣٠ § ٢. كذلك، مع الإرادة الرّسوليّة "Antiquum Ministerium" أعطى الكنيسة صورة خدمة التّعليم المسيحيّ. بعد ذلك وبطلب من الأب الأقدس وجّهت دائرة العبادة الإلهيّة وتنظيم الأسرار رسالة إلى رؤساء مجالس الأساقفة حول رتبة خدمة أساتذة التّعليم المسيحيّ، مرفقة بالرّتبة المناسبة. على هذا الخطّ من الدّراسة يقوم مؤتمركم، الّذي يجمع بين الأساقفة والكهنة والشّمامسة والرّهبان والرّاهبات والعديد من المؤمنين العلمانيّين الملتزمين في ممارسة خدمة متنوّعة. وبالتّالي يتمنّى الأب الأقدس أن تساهم هذه الجمعيّة المؤهّلة، الّتي تضع نفسها في خدمة العمل الرّاعويّ في الكنائس في إيطاليا، انطلاقًا من نظرة متنبِّهة على الوضع الرّاهن، بعد ستّين عامًا على بداية المجمع الفاتيكانيّ الثّاني، في التّعمّق اللّاهوتيّ- اللّيتورجيّ- الرّاعويّ لواقع الخدمات ويفتح آفاقًا يقدّمها للتّمييز الرّاعويّ للجماعة الكنسيّة.

يقول الرّبّ: "أنا بينكم كالّذي يخدم": هذا هو النّموذج الّذي يجب أن يلهم كلّ خدمة في الكنيسة. من هذا الدّرس الإنجيليّ، تتجدّد خدمة الكنيسة باستمرار، لكي يتسنّى لكلّ فرد أن يعيش في أصالة الإيمان ويخدم الدّور الّذي، بحكم المعموديّة ومواهب الرّوح، قد دُعي ليقوم به. إنَّ رؤية الكنيسة كسرِّ شركة، وإيلاء اهتمام أكبر لحضور الرّوح القدس وعمله، قد ساهما في تسليط الضّوء على دور العلمانيّين في الجماعة الكنسيّة بشكل أفضل. يتعلّق الأمر إذًا بتعزيز وعي أوضح في المؤمنين العلمانيّين لدعوتهم، يتمّ التّعبير عنه في تعدّد المهام والخدمات من أجل بنيان الشّعب المسيحيّ بأسره. وخلال التّعامل مع هذه المواضيع، من الضّروريّ الحرص على عدم الخلط بين الكهنوت المشترك والكهنوت الأسراريّ، والتّفسير التّعسّفيّ لمفهوم "الاستبدال" وبالتّالي المخاطرة بخلق بنية كنسيّة للخدمة موازية لتلك الّتي تأسّست على سرّ الكهنوت.

إنَّ الأب الأقدس يؤكّد لكم صلاته، وإذ يستمطر عليكم الحماية الوالديّة لمريم العذراء أمِّ الكنيسة، يمنح فيض البركة الرسوليّة للأبرشية المضيفة وراعيها، وإلى الأساقفة الآخرين، وإلى الكهنة، وإلى الشّمامسة والمكرّسين والمحاضرين وجميع المشاركين في هذا اللّقاء."