علوم
26 نيسان 2022, 13:15

ما سبب نفوق الحشرات؟

تيلي لوميار/ نورسات
باستخدام بيانات عن وفرة الحشرات والتنوع البيولوجي في أكثر من 6000 موقع مختلف في جميع أنحاء العالم، وجد "تشارلي أوثويت"، عالم البيئة لدى "جامعة لندن"، أن تغير وفرة الحشرات والتنوع البيولوجي في الـ 20 عامًا الماضية يرجع إلى عاملين: الكثافة الزراعية والاحترار المناخي. وسجلت المناطق ذات الاستخدام الزراعي المكثف أكبر الانخفاضات في أعداد الحشرات وثراء الأنواع، وقد شهدت أيضًا زيادات كبيرة في ارتفاع درجات الحرارة.

تُوصف الحشرات بأنها الكائنات الصغيرة التي تدير العالم، إذ يعتمد ما لا يقل عن 87 بالمئة من المحاصيل الرئيسة للبشرية عليها. ومن تسبب البشر في العديد من المشاكل البيئية للحشرات منها، إزالة مساحات شاسعة من موائلها الطبيعية، وإدخال مواد كيميائية سامة في بيئاتها؛ فضلًا عن ارتفاع درجات الحرارة. وقد أسهمت هذه العوامل في انخفاضات واسعة النطاق أو تغيرات في وفرة الأنواع. ووجد أوثويت أن المناطق التي ما تزال فيها ثلاثة أرباع الموائل الطبيعية سليمة، انخفضت أعداد الحشرات فيها بنسبة 7 بالمئة في المتوسط، وأعداد الأنواع المختلفة بنسبة 5 بالمئة بالمقارنة مع 61  و 63 بالمئة في المناطق التي يوجد بها أقل من ربع الموائل الطبيعية المتبقية. ويوضح عالم البيئة "تيم نيوبولد"، من "كلية لندن الجامعية"، أن الإدارة الحذرة للمناطق الزراعية مثل، الحفاظ على الموائل الطبيعية بالقرب من الأراضي الزراعية، قد تساعد في ضمان استمرار ازدهار الحشرات الحيوية، وقد يشمل خفض كثافة الزراعة من خلال تنويع أنواع المحاصيل المزروعة في منطقة واحدة (الابتعاد عن الزراعة الأحادية) واستخدام أقل للمبيدات الحشرية والأسمدة. هذه الخطوات من شأنها أن توفر للحشرات مناطق أكثر أمانًا لتعود إليها خلال الطقس الحار بالإضافة إلى ضمان وجود ما يكفي من الطعام والموارد الأخرى لها، حتى تتمكن من الاستمرار في القيام بالعمل الذي نعتمد عليه جميعًا.

ووجد الباحثون أن الأماكن الأكثر تضررًا كانت في المناطق الاستوائية والبحر المتوسط، حيث ثبت أن هناك مزيج من الاضطراب بين الموائل وارتفاع درجات الحرارة أكثر من اللازم بالنسبة للعديد من الأنواع. على سبيل المثال، انخفض نحل "الأوركيد" في البرازيل بنحو 50 بالمئة. ومع ذلك، شهدت المناطق المعتدلة زيادة في التنوع البيولوجي مع الاحترار، ولم تكن كل الأنواع أسوأ، فقد كشفت دراسات أخرى عن زيادة عالمية في أعداد حشرات المياه العذبة. وقد تم الإبلاغ عن العديد من هذه الاتجاهات الإيجابية في المناطق غير الاستوائية مثل المملكة المتحدة وأوروبا، حيث تم اتخاذ العديد من الإجراءات لتحسين جودة مياه الأنهار في السنوات الأخيرة، بعد التدهور السابق.

مع وجود حوالى 5.5 مليون نوع، تُشكل الحشرات نحو نصف جميع الكائنات الحية المعروفة على الأرض، وهي جزء هائل من كل أشكال الحياة على وجه الأرض، ولا نفهم تمامًا بعد إلى أي مدى أفسدنا ذلك. هذه النتائج تلقي الضوء على الحاجة الملحة لاتخاذ إجراءات للحفاظ على الموائل الطبيعية وصونها، بضرورة إبطاء التوسع في الزراعة عالية الكثافة، وخفض الانبعاثات للتخفيف من تغير المناخ. وقد خلص الباحثون إلى أن الآثار المشتركة لتغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي، وهما وجهان لعملة واحدة، تعني أن صحة ورفاهية وسبل عيش العديد من الناس في المناطق الاستوائية وما وراءها باتت على المحك.

 

المصدر:National Geographic