الفاتيكان
05 تشرين الثاني 2021, 08:50

ما الثّقافة الّتي دعا إليها البابا فرنسيس لحماية الأطفال؟

تيلي لوميار/ نورسات
إنّ مسيرة الارتداد تتطلّب تنشئة متجدّدة لجميع الأشخاص الّذين يتبوّؤون مناصب مسؤولة في المجال التّربويّ، ويعملون مع القاصرين ضمن الكنيسة والمجتمع والعائلة"، هو ما شدّد عليه البابا فرنسيس في رسالته إلى المشاركين في مؤتمر عقد في روما حول موضوع "تعزيز حماية الأطفال في زمن الجائحة وما بعدها"، بتنظيم من جماعة البابا يوحنّا الثّالث والعشرين بالتّعاون مع هيئة العمل الكاثوليكيّ الإيطاليّة والمركز الرّياضيّ الإيطاليّ وجامعة بولونيا.

وفي تفاصيل رسالته وبعد تحيّة المشاركين حضوريًّا وعن بُعد، وممثّلي البرلمانين الأوروبيّ والإيطاليّ وباقي المؤسّسات لاسيّما الشّرطة البريديّة، توقّف البابا بحسب "فاتيكان نيوز"، "عند ما جاء في رسالته إلى شعب الله في العشرين من آب أغسطس 2018، الّتي تحدّث فيها عن ضرورة السّعي إلى بناء ثقافة تضمن عدم تكرار التّعدّيات على الأطفال، وتحول دون التّغطية عليها واستمرارها. ولفت إلى أنّ لقاء الإصغاء اليوم يحصد ثمار سنتين من العمل الدّؤوب والبحث والتّنشئة. وهو عمل انطلق من القاعدة، تعبيرًا عن المشاركة النّاشطة لشعب الله في مسيرة الارتداد الشّخصيّ والجماعيّ. وهي مسيرة لا بدّ أن نقوم بها معًا ككنيسة، مع الخجل الّذي سبّبه الفشل في حماية القاصرين الّذين أوكلوا إلى الخدمات التّربويّة والاجتماعيّة للكنيسة.

وأكّد فرنسيس أنّ مسيرة الارتداد تتطلّب تنشئة متجدّدة لجميع الأشخاص الّذين يتبوّؤون مناصب مسؤولة في المجال التّربويّ، ويعملون مع القاصرين ضمن الكنيسة والمجتمع والعائلة. وأشار إلى أنّه بهذه الطّريقة فقط يمكن استئصال ثقافة الموت الّتي تحمل كلّ شكل من أشكال التّعدّي الجنسيّ والمعنويّ. وقال الحبر الأعظم: "إذا كانت هذه التّجاوزات تشكّل خيانة للثّقة وتحكم بالموت على من يتعرّض لها، وتولّد انشقاقًا عميقًا، ينبغي على الوقاية أن تكون مسيرة دائمة لتعزيز ثقة القاصرين تجاه الحياة والمستقبل. ولا بدّ أن نسعى كبالغين إلى توفير هذا الظّرف لهم، ونعيد اكتشاف دعوتنا كصانعي التّربية، ونحافظ على أمانتنا. وهذا يتطلّب احترام الأشخاص الّذين نرافقهم، وضمان حرّيّتهم وكرامتهم، والتّصدّي بشتّى الوسائل لكلّ المغريات".

بعدها أكّد البابا فرنسيس أنّه ينظر بثقة وأمل إلى العديد من الشّبّان الّذين نالوا التّنشئة ضمن المشروع الّذي أطلقه المؤتمرون. وقال إنّ هؤلاء الشّبّان يطلبون منّا اتّخاذ خطوات مقرّرة للتّجدّد حيال الجراح التي تركتها التّعدّيات عند أترابهم، موضحًا أنّه يفكّر بالعبارة الّتي قالها البابا بولس السّادس "شبّان رسلٌ للشّبّان"، وهذا الأمر يتحقّق من خلال القرب الأخويّ والتّضامن. كما أنّ إسهام الشّبّان سيؤدّي إلى التّعرّف على أوضاع الخطر وإلى وضع الجماعة كلّها أمام مسؤوليّاتها في الحفاظ على القاصرين، وتوفير جمال التّلاقي والحوار واللّعب والحلم.

لم تخلُ رسالة البابا من التّوجّه إلى البالغين الّذين شاركوا في هذه المسيرة إلى جانب الشّبّان وتمنّى لهم أن يحافظوا على مصداقيّتهم، وأن يكونوا مسؤولين في الرّعاية ومنسجمين في الشّهادة. وأمل أن يكونوا أيضًا روّادًا لتحالف تربويّ متجدّد بين الأجيال وفي مختلف البيئات الّتي ينمو فيها القاصرون، خصوصًا في زمن الجائحة هذا. وتوجّه الحبر الأعظم أيضًا إلى الجمعيّات العلمانيّة الملتزمة في هذا المشروع وحثّها على المثابرة في برامج التّنشئة على المسؤوليّة المتقاسمة والحوار والشّفافيّة، مشدّدًا على ضرورة أن تبقى حماية القاصرين أولويّة مطلقة ضمن النّشاط التّربويّ للكنيسة، وأن تُعزّز الخدمة المنفتحة والجديرة بالثّقة ضدّ أيّ شكل من أشكال التّسلّط والإساءة والصّمت المتواطئ.

في ختام رسالته إلى المشاركين في المؤتمر تمنّى البابا أن تكون الأعمال مثمرة وأن يكون اللّقاء أساسًا صلبًا لمتابعة الخدمة لصالح الأطفال والفتيان والعائلات والجماعة الكنسيّة والمدنيّة ككلّ."