مصر
05 تشرين الأول 2023, 11:15

ماذا يقول تواضروس الثّاني عن الغنى والصّلاح؟

تيلي لوميار/ نورسات
في إطار تعاليمه حول "سلسلة صلوات قصيرة من القدّاس"، تناول بابا الإسكندريّة وبطريرك الكرازة المرقسيّة تواضروس الثّاني جزءًا من الأصحاح الرّابع عشر من إنجيل متّى والأعداد (١٤ – ٢١)، وأشار إلى طِلبة قصيرة من الطِّلبات الّتي ترفعها الكنيسة في القدّاس الغريغوريّ، وهي: "صلاحًا للأغنياء"، موضحًا أنّ المقصود بالغنى هو "البركة"، معدّدًا أنواع هذا الغنى، فهو بـ"طاقة حبّ، والعطاء، والإيمان، والوصيّة وكلام الله، وبالسّتر".

وأشار البابا إلى الغنى المادّيّ الّذي تحلّى به كثيرون من القدّيسين في التّاريخ المسيحيّ، مثال: سليمان الحكيم ويوسف الرّامي والقديس الأنبا أنطونيوس والقدّيسة الملكة هيلانة والقدّيس المعلّم إبراهيم الجوهري.

هذا وأوضح أهمّيّة "الصّلاح" والّذي هو "صفة من صفات الله"، والمقصود به "التّدبير الحسن". وفسّر هذه الكلمة من خلال حروفها، فقال بحسب "المتحدّث بإسم الكنيسة القبطيّة الأرثوذكسيّة":  

"ص: الصّدق، أن يكون الإنسان صادقًا ولا يكسب ماله بطرق ملتوية لأنّه يسلك باستقامة، "اَلسَّالِكُ بِالْكَمَالِ يَخْلُصُ، وَالْمُلْتَوِي فِي طَرِيقَيْنِ يَسْقُطُ فِي إِحْدَاهُمَا" (أم ٢٨: ١٨).

ل: اللّين، أن يكون الإنسان رحيمًا وقلبه ممتلئًا حنانًا، "لأَنَّ مَحَبَّةَ الْمَالِ أَصْلٌ لِكُلِّ الشُّرُورِ" (١تي ٦: ١٠).

أ: الاكتفاء، أن لا يكون الإنسان جشعًا أو أنانيًّا، "فَفِي يَوْمٍ مُعَيَّنٍ لَبِسَ هِيرُودُسُ الْحُلَّةَ الْمُلُوكِيَّةَ، وَجَلَسَ عَلَى كُرْسِيِّ الْمُلْكِ وَجَعَلَ يُخَاطِبُهُمْ. فَصَرَخَ الشَّعْبُ: "هذَا صَوْتُ إِلهٍ لاَ صَوْتُ إِنْسَانٍ!" فَفِي الْحَالِ ضَرَبَهُ مَلاَكُ الرَّبِّ لأَنَّهُ لَمْ يُعْطِ الْمَجْدَ للهِ، فَصَارَ يَأْكُلُهُ الدُّودُ وَمَاتَ." (أع ١٢: ٢١ - ٢٣).

ح: الحكمة، أن يكون الإنسان لديه حكمة التّصرّف، كما يقول القدّيس يوحنّا ذهبيّ الفمّ: "ليس هناك أيّ خطيئة أن تكون غنيًّا لكن أن تكون غنيًّا بدون عقل".  

وبعدها قارن بابا الأقباط بين "الغنيّ الغبيّ" والطّفل صاحب الخمس خبزات وسمكتين، فـ:

"1- الغنيّ الغبيّ لديه أموالًا كثيرة، أمّا الطّفلف لديه طعام قليل.  

٢- الغنيّ فكّر في نفسه فقط، أمّا الطفل فقدّم ما لديه للآخرين.

٣- النّتيجة أنّ الغنيّ أخذ لعنة، أمّا الطّفل فأخذ بركة."

ووضع خطّة لعبارة "صلاحًا للأغنياء"، وهي مقتبسة من رسالة القدّيس بولس الرّسول الأولى لتلميذه تيموثاوس، وهي تنقسم إلى ثلاثة أجزاء، ففي الجزء الأوّل الأمور الّتي نهى عنها، وفي الجزء الثّاني الأمور الّتي ينبغي أن نفعلها، وفي الجزء الثّالث الأهداف الواجب تحقيقها، كالتّالي:  

1- "أَوْصِ الأَغْنِيَاءَ فِي الدَّهْرِ الْحَاضِرِ أَنْ لاَ يَسْتَكْبِرُوا، وَلاَ يُلْقُوا رَجَاءَهُمْ عَلَى غَيْرِ يَقِينِيَّةِ الْغِنَى، بَلْ عَلَى اللهِ الْحَيِّ الَّذِي يَمْنَحُنَا كُلَّ شَيْءٍ بِغِنًى لِلتَّمَتُّعِ." (١تي ٦: ١٧):

- ألّا يستكبر الإنسان لأنّ "قَبْلَ الْكَسْرِ الْكِبْرِيَاءُ، وَقَبْلَ السُّقُوطِ تَشَامُخُ الرُّوحِ" (أم ١٦: ١٨).

- ألّا يلق الإنسان رجاءه على المال، "مَنْ يُحِبُّ الْفِضَّةَ لاَ يَشْبَعُ مِنَ الْفِضَّةِ، وَمَنْ يُحِبُّ الثَّرْوَةَ لاَ يَشْبَعُ مِنْ دَخْل. هذَا أَيْضًا بَاطِلٌ" (جا ٥: ١٠).

2- "وَأَنْ يَصْنَعُوا صَلاَحًا، وَأَنْ يَكُونُوا أَغْنِيَاءَ فِي أَعْمَال صَالِحَةٍ، وَأَنْ يَكُونُوا أَسْخِيَاءَ فِي الْعَطَاءِ، كُرَمَاءَ فِي التَّوْزِيعِ" (١تي ٦: ١٨):

- "أَنْ يَصْنَعُوا صَلاَحًا"، أن يستخدم الإنسان المال في الصّلاح.

- "أَنْ يَكُونُوا أَغْنِيَاءَ فِي أَعْمَال صَالِحَةٍ"، أن يتّسع ذهن الإنسان في تقديم ماله لأعمال الخدمات الّتي تقدّمها الكنيسة مثل: قناة مي سات أو المعاهد اللّاهوتية والكلّيّات كالإكليريكيّة أو مشروع "بنت الملك".  

- "أَنْ يَكُونُوا أَسْخِيَاءَ فِي الْعَطَاءِ"، أن يكون الإنسان سخيًّا، فهذا السّخاء يعود على الإنسان بنِعَم كثيرة، ويكون الله سخيًا معه.

- "كُرَمَاءَ فِي التَّوْزِيعِ"، أن يكون الإنسان كريمًا في التّوزيع.  

3- "مُدَّخِرِينَ لأَنْفُسِهِمْ أَسَاسًا حَسَنًا لِلْمُسْتَقْبِلِ، لِكَيْ يُمْسِكُوا بِالْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ" (١تي ٦: ١٩):

- "مُدَّخِرِينَ لأَنْفُسِهِمْ أَسَاسًا حَسَنًا لِلْمُسْتَقْبِلِ"، أن يكون الإنسان مدبّرًا صالحًا وبذلك يضع أساسًا صالحًا للمستقبل.

- "لِكَيْ يُمْسِكُوا بِالْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ"، أن ينظر الإنسان دائمًا للحياة الأبديّة".