ماذا يقول السّفير بورجيا في ذكرى انفجار مرفأ بيروت؟
وقال بورجيا في تفاصيل المقابلة: "هذه السّنة، ومن بين المبادرات العديدة الّتي نُظّمت لمناسبة الذّكرى السّنويّة الخامسة لانفجار مرفأ بيروت في الرّابع من آب أغسطس ٢٠٢٠، الّذي سبّب سقوط مائتين وخمسة وأربعين ضحيّة، وستّة آلاف جريح، أقيمت أمسية صلاة في منطقة كرنتينا القريبة المرفأ، والّتي كانت من بين المناطق الأشدّ تضرّرًا. أمسية الصّلاة كانت مؤثّرة جدًّا، وشارك فيها أهالي الضّحايا والعديد من المصابين نتيجة الانفجار. وتخلّلتها شهادات ومسيرة صامتة نحو حديقة مجاورة للمرفأ حيث غُرست– خلال الأيّام الماضية– خمس وسبعون شجرة، حملت أسماء الضّحايا، كما من المرتقب أن تُغرس لاحقًا أشجار أخرى. وأضاف سيادته أنّ لحظات الصّلاة كانت مؤثّرة جدًّا لأنّ الجراح ما تزال عميقة. وقال: ستّة آلاف وخمسمائة جريح نُقلوا إلى مستشفيات بيروت، وصور الضّحايا في الشّوارع ما تزال حاضرة في إذهان اللّبنانيّين. وقد شاء البابا أن يوجّه رسالة في هذه المناسبة، حملت توقيع أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان، إنّها رسالة تشجيع، تعبّر عن قربه الشّخصيّ وعن قرب الكرسيّ الرّسوليّ الّذي أبدى خلال هذه السّنوات اهتمامًا خاصًّا تجاه الضّحايا وعائلاتهم.
تابع السّفير البابويّ في لبنان حديثه لموقعنا مذكّرًا بأنّ البابا فرنسيس استقبل، العام الماضي، وفدًا من أهالي الضّحايا، بالإضافة إلى عدد من الجرحى وأهلهم، ومن بينهم من أصيبوا بجراح بالغة. وأعاد إطلاق الصّرخة أو النّداء إلى العدالة والحقيقة، وهو المطلب الّذي ينادي به الضّحايا منذ خمس سنوات. قال البابا فرنسيس إنّ المسألة معقّدة وشائكة، كما نعلم، وهي مرتبطة بمصالح متضاربة، لكن لا بدّ أن تتفوّق العدالة والحقيقة على كلّ شيء آخر. اليوم هناك أمل، لأنّ ثمّة خطوات إلى الأمام على صعيد التّحقيقات، ولدى عائلات الضّحايا اليوم شيء من الأمل في المستقبل، لكن ممّا لا شكّ فيه أنّ الدّرب ما تزال طويلة.
ردًّا على سؤال بشأن مجريات التّحقيقات قال سيادته إنّنا اليوم ما نزال في مرحلة التّحقيقات التّمهيديّة، ولم يوجّه القضاء أيّة اتّهامات، ولم تُعقد أيّ جلسات، ولم يتمّ الاستماع إلى إفادات الشّهود، وهذا أمر يتطلّب مسيرة طويلة، ونأمل بالتّوصّل إلى الحقيقة لأنّ الضّحايا، كما البلد بأسره، يريدون معرفة الحقيقة ويريدون أن تُطبّق العدالة، ولم يُعرف لغاية اليوم السّبب الّذي أدّى إلى الانفجار وسقوط الضّحايا وهذا الأمر يلقي بثقله على أسر الضّحايا، وعلى البلاد برمّتها.
في معرض حديثه على الأوضاع الّتي يعيشها المواطنون اللّبنانيّون خصوصًا في أعقاب الحرب الأخيرة الّتي شهدها لبنان قال السّفير البابويّ: إنّنا عشنا الحرب في الخريف الماضي، مع العلم أنّ التّوتّرات كانت سائدة قبل ذلك بسنتين تقريبًا في جنوب لبنان، أيّ منذ تشرين الأوّل أكتوبر ٢٠٢٣. واليوم على الرّغم من وقف إطلاق النّار، هناك أجواء من التّوتّر، وعدد من المشاكل السّياسيّة داخل البلاد وخارجها، لا بدّ أن تُحلّ. لكن الأمل ما يزال موجودًا، أمل التّوصّل إلى السّلام داخل البلاد وعلى الحدود. بالطّبع إنّ المسيرة ليست سهلة، إنّها معقّدة لكن ثمّة أمل في حلّ العقد السّياسيّة أكان داخل البلاد أو على الصّعيد الدّوليّ.
بعدها سئل سيادته عن مشاركة العديد من الشّبّان والشّابّات اللّبنانيّين في يوبيل الشّبيبة بروما خلال الأيّام الماضية، وعمّا تمثّل الأجيال الفتيّة بالنّسبة للبنان. وقال إنّ هؤلاء الشّبّان يعبّرون عن إيمانهم وعن الحسّ الدّينيّ العميق جدًّا الّذي يُعاش في لبنان، بأشكال مختلفة، كما يعبّرون عن تمسّكهم بالبابا وبالكنيسة الجامعة. إنّها شهادة تقدّمها الشّبيبة الّتي تبحث عن الولادة من جديد، وتريد بلدًا مختلفًا. وهناك أيضًا في لبنان مشكلة أخرى تتمثّل في رغبة العديد من الشّبّان والشّابّات في الهجرة، والتّوجّه إلى أوروبا، الولايات المتّحدة، كندا أو أستراليا، بحثًا عن ظروف حياتيّة أفضل. لكن هناك شبّان وشابّات يريدون البقاء في لبنان والعمل في بلادهم.
ختم السفير البابوي في لبنان قائلًا: لدى الجميع الرّغبة في إيجاد ظروف أفضل على الصّعيد السّياسيّ والاجتماعيّ والاقتصاديّ، وهي غير متوفّرة اليوم، والّتي يمكن أن تسمح للعديد من المغتربين اللّبنانيّين الّذين اختاروا الهجرة بأن يعودوا إلى هذا البلد الجميل."