الفاتيكان
15 أيلول 2023, 13:20

ماذا يقول البابا فرنسيس عن البحث عن الله والشّغف بالإنجيل والضّيافة؟

تيلي لوميار/ نورسات
عند كاريزما الرّهنة البندكتيّة، توقّف البابا فرنسيس في كلمة توجّه بها إلى المشاركين في المؤتمر العالميّ الخامس للرّهبنة البندكتيّة خلال استقبالهم صباحًا، هذه الكاريزما الّتي يمكن "اعتبارها قد اُختصرت في التّعبير الجميل للقدّيس بندكتس حيث دعا إلى التّحلّي بقلوب وسعتها سيادة المحبّة الّتي لا توصف".

وتابع الأب الأقدس قائلاً بحسب "فاتيكان نيوز": "إنّ هذا القلب هو ما يميّز الرّوح البندكتيّة الّتي غذّت الرّوحانيّة في العالم الغربيّ ثمّ انتشرت في كلّ القارّات. إنّ هذا القلب المتّسع هو سرّ عمل الكرازة الكبير الّذي تقوم به الرّهبانيّة البندكتيّة، وتشاركون فيه أنتم أيضًا على خطى القدّيس بندكتس".

ثمّ تأمّل البابا في ثلاثة جوانب لهذا القلب المتّسع ألا وهي: البحث عن الله، الشّغف بالإنجيل، والضّيافة. وواصل متحدّثًا عن الجانب الأوّل فقال: "إنّ الحياة البندكتيّة تتميّز قبل كلّ شيء بالبحث الدّائم عن الله ومشيئته وما يصنع من عجائب، ويحدث هذا البحث أوّلاً في الكلمة ثمّ في التّأمّل في الخليقة والتّساؤل حول الأحداث اليوميّة وعيش العمل كصلاة وأخيرًا في الأشخاص، الأخوة والأخوات الّذين تجعلكم العناية الإلهيّة تلتقونهم. أنتم مدعوّون في كلّ ذهذا إلى البحث عن الله".

وعن الجانب الثّاني أيّ الشّغف بالإنجيل، قال: "في هذا السّياق إنّ حياة مَن يتبع القدّيس بندكتس تكون موهَبة وممتلئة وزخمة. أنتم مدعوّون إلى أن تحوِّلوا أينما تعيشون أطر الحياة اليوميّة عاملين وكأنّهم خميرة، وذلك بكفاءة ومسؤوليّة وفي الوقت ذاته بتواضع وشفقة."  

وعاد البابا هنا إلى المجمع الفاتيكانيّ الثّانيّ الّذي "أشار إلى هذا الشّغف الرّسوليّ بوضوح حين تحدّث عن دور العلمانيّين في الكنيسة، وذلك في الدّستور العقائديّ في الكنيسة "نور الأمم " (Lumen Gentium)، حيث هم مدعوّون إلى أن يطلبوا ملكوت الله بينما يتعاطون الأشياء الزّمنيّة ويوجِّهونها وفقًا لإرادة الله وذلك من الدّاخل كالخميرة". ودعا إلى التّأمل في فترة الانتقال من سقوط الامبراطوريّة الرّومانيّة إلى نشأة مجتمع العصور الوسطى وإلى التّفكير في ما شكّلت الرّهبنة وما قدّمت من نموذج للحياة الإنجيليّة القائمة على الصّلاة والعمل. وأكمل: "اليوم، وفي العالم المعاصر المعولَم والمفكَّك في الوقت ذاته، المتسرّع والمتمركز على الاستهلاك، وحيثما يبدو أنّ الجذور العائليّة والاجتماعيّة في تفكّك، ليست هناك حاجة إلى مسيحيّين يوجّهون أصابع الاتّهام بل إلى شهود شغوفين ينشرون الإنجيل في الحياة من خلال الحياة".

أمّا عن الجانب الثّالث للتّقاليد البندكتيّة، أيّ الضّيافة، فذكّر البابا فرنسيس بأنّ "القدّيس بندكتس قد خصّص لها فصلاً كاملاً في القانون. وقد بدأ هذا الفصل متحدّثًا عن أنّ كلّ الضّيوف الّذين يأتون إلى الدّير يحبّ استقبالهم كالمسيح الّذي قال: كنت غريبًا فآويتموني. إنّ القدّيس بندكتس يتابع الحديث عن هذا الأمر مشيرًا إلى عدد من التّصرّفات اللّازم القيام بها إزاء الضّيوف من قِبل الجماعة بكاملها، ومن بينها تقاسم أسمى الأشياء معهم، أيّ تبادل السّلام. ويتوقّف القدّيس بندكتس عند ضرورة استقبال الفقراء والحجّاج بكلّ حنان لأنّ فيهم بشكل خاصّ يتمّ استقبال المسيح. إنّ ديركم هو العالم، المدن وأماكن العمل، وأنتم مدعوّون إلى أن تكونوا نموذجًا لاستقبال واحترام مَن يقرع أبوابكم، مع اهتمام خاصّ بالفقراء."  

وحذّر الأب الأقدس ضيوفه في هذا السّياق من الانغلاق والثّرثرة، ودعاهم ختامًا إلى مواصلة توسيع القلوب وتكريسها يوميًّا لمحبّة الله، وإلى عدم التّوقّف أبدًا عن البحث عن الله وعن الشّهادة له بشغف واستقباله في أكثر الأشخاص فقرًا.