لبنان
29 حزيران 2021, 13:30

ماذا يقول الأب الياس كرم عن الصّليب وأبطال الكرة؟

تيلي لوميار/ نورسات
عن بطولة أووربا في كرة القدم، ورسم اللّاعبين لإشارة الصّليب عند دخولهم إلى الملعب، اختار الأب الياس كرم أن يكتب السّطور التّالية:

"جاءت بطولة أوروبا في كرة القدم كنافذة ومتنفّس لنا، بعد سنتين من الحجر العالميّ، بسبب جائحة الكورونا. فعاد اللّاعبون إلى الملاعب، وعاد الجمهور إلى المدرّجات، ولو بنسبة معيّنة. كم أنّنا في لبنان، ورغم الإجحاف، في نقل هذه البطولة، وارتفاع كلفة النّقل المباشر، إلّا أنّ اللّبنانيّين، ومن خلال بعض الشّاشات الكبرى، سواء في المطاعم والملاهي، أم في السّاحات العامّة، أم في منازلهم، استطاعوا، وبالحدّ الأدنى، أن يشاهدوا ويتابعوا هذه البطولة، الّتي أنعشت قلوب محبّي هذه الرّياضة العالميّة، بعد طول انقطاع للأسباب الّتي ذكرت. وبالتّالي، أنستنا همومنا المعيشيّة ومصائبنا الاقتصاديّة والسّياسيّة، أقلّه خلال فترة عرض المباريات.  

كواحد من المحبّين والمتابعين والمشجّعين لهذه اللّعبة، لفتني جدًّا رسم إشارة الصّليب لدى فئة كبيرة من اللّاعبين، عند دخولهم أو خروجهم من الملعب، أم عند تسجيل الأهداف. وهذا ما يؤكّد أنّ الدّول الأوروبيّة، ليست بالمجمل دولاً بعيدةً عن الإيمان والتّقوى وممارسة الشّعائر الدّينيّة. قد نتباهى نحن، في هذا الشّرق، بإيماننا، مدّعين حصريّة الإيمان، ظانّين أنّ "ربّنا خلقنا وكسر القالب".  

كنت في مطلع الشّباب، وقبل انتسابي إلى حركة الشّبيبة الأرثوذكسيّة، وبالتّالي قبل أن أفهم الإيمان بعمقه، وأستوعب ضرورات الالتزام الكنسيّ، وممارسة الشّعائر الدّينيّة بمحبّة وفهم وانفتاح، ودون خجل أو خوف، كنت أستحي برسم إشارة الصّليب، عندما أكون برفقة مجموعة من الشّباب، منعًا وخوفًا من الانتقاد، حيث لم أشهد على ممارسة، بالإجمال، من هذا النّوع، لدى معظمهم، خصوصًا لدى مرورنا أمام كنيسة، أو مزار، أم لدى انطلاقنا برحلة أو نزهة بالسّيّارة، وما إليه.  

الإنسان التّقيّ والمؤمن والعارف للإيمان، ليس كالجاهل. فرسم إشارة الصّليب هي من البديهيّات والمُسَلّمات في حياة كلّ مسيحيّ مؤمن، سواء كان ملتزمًا وممارسًا لإيمانه، أم غير ذلك. وكأنّي بهؤلاء الأبطال، برسمهم إشارة الصّليب، يقولون لنا، إنهم متكّلون على الله، بنعمة صليبه، لدى دخولهم الملعب أم عند خروجهم.

ذكّرني، وأكّد لي هذا المشهد، أنّه بالصّليب أتى الفرح لكلّ العالم. وكما قال الله للقدّيس قسطنطين الكبير: "بهذه العلامة تنتصر". وبعد ذلك عثر مع أمّه القدّيسة هيلانة على عود الصّليب عند تلّة الجلجلة، بعد مرور أكثر من ثلاثمائة سنة على حدث القيامة.

بالصّليب نواجه كلّ حروب الشّرّ، بالصّليب نتحصّن من الوقوع بالخطيئة، وبه ننجو من الكوارث والمصائب والمشاكل والأوبئة. بالصّليب نتذكّر دائمّا محبّة الله لشعبه، الّتي ترجمها عندما بسط يديه على الصّليب، وضمّنا إلى خاصّته، ورفعنا معه إلى مجده السّماويّ. وقد ورد عند بولس الرّسول: "وَأَمَّا مِنْ جِهَتِي، فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِهِ قَدْ صُلِبَ الْعَالَمُ لِي وَأَنَا لِلْعَالَمِ." (غل 6: 14).

ليتنا لا نخجل من لطفه غير المنطوق به؛ إنّه لم يخجل من أن يُصلب لأجلنا، فهل نخجل من الاعتراف بعنايته غير المحدودة.

شكرًا لبطولة أوروبا، الّتي أيقظت فيَّ تواضع الأبطال، باتّكالهم على الرّبّ، لا فقط على قوّتهم الذّاتيّة. علّهم يكونون قدوة لشبابنا، سواء في بيوتهم أو مدارسهم وجامعاتهم، أو في أعمالهم، أو في الملاعب وأينما كانوا، لا ينسوا رسم إشارة الصّليب، لأنّه فخرنا ورجاؤنا بالفعل، لا بالأقوال والتّباهي أو المزايدات."