لبنان
22 آذار 2021, 08:50

ماذا يقول الأب الياس كرم عن استقامة الإيمان والأعمال؟

تيلي لوميار/ نورسات
على أحد الأرثوذكسيّة الّذي أحيته كنيسة الرّوم الأرثوذكس في الأحد الأوّل من زمن الصّوم، أضاء الأب الياس كرم في مقاله الجديد اليوم، فكتب:

"يُسمّى الأحد الأوّل من زمن الصّوم المبارك أحد الأرثوذكسيّة، حيث نعيّد فيه لتذكار رفع الأيقونات المقدّسة بعد حقبة طويلة من السّنين، عُرفت بحرب الأيقونات وذلك في القرنين الثّامن والتّاسع.

"الأرثوذكسيّة" هي كلمةٌ يونانيّة تعني استقامة الرّأي واستقامة التّمجيد.  

الأرثوذكسيّة هي الإيمان السّليم، إيمان آبائنا القدّيسين الّذي تسلّموه من الرّسل، والمسلّم بحدّ ذاته من الرّبّ يسوع نفسه، والمستمرّ بالكنيسة مدى الأجيال بالرّوح القدس، تُرجم صلوات وتراتيل ومواعظ وأناشيد، تعبّر كلّها عن الإيمان الّذي هو التّسليم الشّريف، وهذا التّسليم يجمع بالتّساوي الكتاب المقدّس واللّيتورجيا وتعاليم الآباء القدّيسين.

فإذا قارنّا العقيدة بصلواتنا والتّرتيل والكتاب المقدّس نرى أنّهم واحد. وهذا ما تعلنه المجامع المسكونيّة السّبعة وحياة الكنيسة كلّها. إذًا أحد الأرثوذكسيّة يُشدّد على تعليم الكنيسة المستقيم وعلى عقيدة التّجسّد الإلهيّ والّتي اختارت الكنيسة المقدّسة أن تضع أحد الأرثوذكسيّة في بداية الصّوم الكبير لتقول لنا إنّ استقامة الأعمال تتطلّب استقامة الإيمان (العقيدة) واستقامة العقيدة تترجم باستقامة الأعمال أيّ الصّوم والصّلاة والصّدقة. إستقامة المُعتقد واستقامة الأعمال لا ينفصلان عن بعضهما البعض.  

هذا ما ترجمه مستشفى القدّيس جاورجيوس الجامعيّ (مستشفى الرّوم) الّذي وعلى الرّغم من النّكبة الّتي أصابته في ٤ آب المشؤوم من العام الفائت، استطاع أن ينهض من تحت الرّكام ويقدّم لتاريخه أفضل أنواع الخدمة على صعيد جائحة الكورونا وبقدرات محدودة، وغدا كلّ من الطّبيبين عيد عازار وجورج جوفلكيان مرجعين في مواكبة مرضى هذا الوباء ومواكبة تفشّيه بإدارة طبّيّة حكيمة من الدّكتور إسكندر نعمة، دون أن ننسى كافّة الأطبّاء الصّامدين في هذا المشفى وسائر الطّاقم الطّبّيّ والإداري وكلّ العاملين الّذين جاهدوا معًا باللّحم الحيّ لأجل أن يعود هذا المستشفى بقوّةٍ أكثر كما كان قبل انفجار المرفأ، ولا يسعنا إلّا أن نترحّم على الّذين استشهدوا من  الممرّضات في مستشفى الرّوم، ونترحّم على سائر الشّهداء الّذين سقطوا جرّاء هذا الانفجار الّذي لم تُعرف وتُكشف أسبابه لتاريخه.  

إستقامة المُعتقد واستقامة الأعمال في مستشفى الرّوم كانت وما زالت بسبب الأبوّة الرّوحيّة والرّعاية الكبيرة والاهتمام المميّز والمتابعة الحثيثة لراعي أبرشيّة بيروت للرّوم الأرثوذكس سيادة المطران الياس عودة الجزيل الاحترام. والّذي على الرّغم من الكارثة الّتي طالت أبناء أبرشيّته والمؤسّسات التّابعة لها، وبالرّغم من تقدّمه في السّنّ وحزنه وألمه كانت البوصلة واضحة في توجيهاته لخدمة المحتاجين كأولويّة، وأن تبقى مستشفى الرّوم تقدّم الخدمة الطّبّيّة رغم ظروفها الصّعبة، فتحيّة من القلب إلى هذا الأسقف الجليل وإلى كهنة وأبناء أبرشيّته والقيّمين على مؤسّساتها الكنسيّة والاستشفائيّة والتّربويّة والكشفيّة، الّذين بقوّة الإيمان المستقيم استطاعوا أن يتخطّوا مرحلة صعبة ويصمدوا ويواجهوا التّحدّيات والصّعاب بمساندة متطوّعين من كلّ لبنان في سبيل كرامة الإنسان.  

كيفما جلت في أرجاء مستشفى الرّوم تجد أيقونات معلّقة تشير إلى الرّب يسوع والعذراء مريم وفي أسفل الأيقونة القدّيس جاورجيوس وفي الوسط مجسّم لمبنى المستشفى محمولاً من الملائكة، فكاتب هذه الأيقونة يشير بوضوح إلى الإيمان المستقيم الرّأي بأنّ الرّبّ يسوع يبارك ويحفظ هذا المستشفى بشفاعة والدة الإله والقدّيس جاورجيوس "الّذي للمرضى طبيبٌ وشافٍ وعن المؤمنين مكافحٌ ومحاربٌ". هذا الإيمان حفظ الجسم الطّبّيّ والمرضى من الموت الجماعيّ نتيجة الانفجار الهائل، هذا الإيمان المستقيم جعل من الحجارة الّتي تهدّمت في بيروت أبناءً لإبراهيم. وقد علّمنا الإنجيل أنّ مَن له إيمان كحبّة الخردل يستطيع أن ينقل الجبال.

ليكن إيماننا في هذا الوطن ثابت ومستقيم وسننهض بإذن الله مجدّدًا من كلّ العواصف الّتي تواجهنا، كما سعت مؤسّسات كثيرة في بيروت للنّهوض من بين الرّكام كمستشفى الرّوم وغيرها من المؤسّسات، على رجاء أن ينقذنا الله من هذا الوباء ويعضد الطّواقم الطّبّيّة العاملة في مستشفى القدّيس جاورجيوس الجامعيّ وسائر المستشفيات ولاسيّما مستشفى رفيق الحريري لأجل أن يقوموا برسالتهم المقدّسة باستقامة وتفاني".