الفاتيكان
29 آذار 2023, 08:40

ماذا نريد في أعماقنا وكيف نتخيّل خدمتنا؟

تيلي لوميار/ نورسات
على هذا هو السّؤال شدّد البابا فرنسيس في كلمته خلال استقباله الأساقفة والرّؤساء العامّين والمكوِّنين والإكليريكيّين القادمين من مقاطعة كالابريا في جنوب إيطاليا، منطلقًا من كلمات إنجيل القدّيس يوحنّا "فأقاما عنده"، مذكّرًا أنّ جوهر كلّ شيء هو البقاء مع الرّب وجعله أساس الخدمة.

في كلمته إلى زوّار، وبحسب "فاتيكان نيوز"، "عاد البابا فرنسيس إلى السّؤال الأوّل الّذي طرحه يسوع على التّلميذَين وهو ماذا تريدان؟ وقال الأب الأقدس إنّنا عادة ما نبحث عن طرق سهلة بينما يبدأ يسوع بسؤال يدعونا إلى النّظر إلى داخلنا للتّعرّف على مبرّرات مسيرتنا، واليوم أريد أن أوجّه إليكم هذا السّؤال، تابع البابا. ووجه هنا كلامه إلى الإكليريكيّين في المقام الأوّل: ماذا تريدون؟ ما هي الرّغبة الّتي جعلتكم تنطلقون للقاء الرّبّ ولاتّباعه على درب الكهنوت؟ عمَّ تبحثون في الإكليريكيّة وفي الكهنوت؟ وأكّد الأب الأقدس ضرورة أن نطرح على أنفسنا هذه الأسئلة، وذلك لأنّه في بعض الأحيان يكون هناك وراء مظاهر التّديّن بل وحتّى حبّ الكنيسة البحث عن المجد البشريّ والرّفاهيّة الشّخصيّة. وواصل البابا أنّنا قد نسعى إلى الخدمة الكهنوتيّة كملجأ نختبئ خلفه أو دور يمنحنا مهابة، لا رغبةً منّا في أن نكون رعاة لدينا قلب يسوع الشّفوق والرّحوم. وشدّد الأب الأقدس في هذا السّياق على أنّ الإكليريكيّة هي زمن إبراز الحقيقة لأنفسنا وإسقاط الأقنعة والمظاهر. وفي مسيرة التّمييز هذه، تابع قداسة البابا، ندع الرّبّ يعمل فسيجعل منكم رعاة تحاكون قلبه.

ثم أراد البابا فرنسيس توجيه سؤال يسوع ذاته إلى الأساقفة: ماذا تريدون؟ وتابع: ماذا تتمنّون لمستقبل أرضكم وما هي الكنيسة الّتي تحلمون بها؟ وما هي صورة الكاهن الّتي تتخيّلونها لشعبكم؟ وشدّد الأب الأقدس على أنّ هذا التّمييز ضروريّ اليوم أكثر من أيّ وقت مضى، حيث ومع غياب شكل مسيحيّة الماضي ينفتح أمامنا موسم كنسيّ جديد لا يزال يستدعي التّأمّل في شخص وخدمة الكاهن. وقال البابا فرنسيس إنّه ليس بالإمكان تخيُّل الكاهن كراعٍ منعزل في رعيّته، بل من الضّروريّ توحيد القوى وتقاسم الأفكار من أجل مواجهة بعض التّحدّيات الرّعويّة. وأعطى قداسته هنا بعض الأمثلة فتحدّث عن الكرازة بالإنجيل للشّباب ومسيرات الابتداء المسيحيّ، التّقوى الشّعبيّة الّتي تحتاج إلى اختيارات موحَّدة مستلهَمة من الإنجيل، وأيضًا عن ضرورة أعمال المحبّة وتعزيز ثقافة الشّرعيّة.

وانطلاقًا من هذه التّحدّيات توقّف البابا فرنسيس عند الحاجة الضّروريّة إلى تنشئة كهنة قادرين، رغم الأطر المختلفة الّتي يأتون منها، على إنماء رؤية مشتركة للمكان الّذي يخدمون فيه، ويتمتّعون بتكوين إنسانيّ وروحيّ ولاهوتيّ موحَّد. وواصل الأب الأقدس داعيًا الأساقفة إلى اختيار واضح للتّنشئة الكهنوتيّة، أيّ توجيه كلّ الطّاقات البشريّة والرّوحيّة واللّاهوتيّة في إكليريكيّة واحدة أو ربّما اثنتين أو التّوصّل إلى وحدة عليهم هم أن يحدّدوا شكلها. وقال البابا إنّ هذا ليس اختيارًا لوجستيًّا أو حسابيًّا بل هو اختيار يهدف إلى التّوصّل معًا إلى رؤية كنسيّة وأفق للحياة الكهنوتيّة بدلاً من هدر القوى من خلال أعداد كبيرة من أماكن تنشئة وإكليريكيّات صغيرة. وأضاف قداسته أنّ هذه المسيرة هي في انطلاق في مناطق كثيرة في العالم وأنّ من الطّبيعيّ أن تكون هناك مقاومة وصعوبة في القيام بهذه الخطوة. وشدّد هنا على الحاجة إلى أعين مفتوحة وقلوب منتبهة للتّعرّف على علامات الأزمنة والنّظر إلى الأمام. ودعا البابا الأساقفة بشكل خاصّ، والّذين يحلمون بالخير لأرضهم ويهتمّون بتنشئة كهنة المستقبل، إلى ألّا يَدَعوا الحنين إلى الماضي يشلّهم.

وفي ختام كلمته إلى الأساقفة والرّؤساء العامّين والمكوِّنين والإكليريكيّين القادمين من مقاطعة كالابريا في جنوب إيطاليا ذكَّر البابا فرنسيس بالاحتفال في ٢٧ آذار مارس بذكرى ميلاد شفيع كالابريا القدّيس فرنسيس الباولي سنة ١٤١٦، وأضاف الأب الأقدس أنّ هذا القدّيس قال لأخوته على فراش الموت إنّ ليس لديه أيّ شيء يمكنه أن يتركه لهم، إلّا أنّه دعاهم إلى أن يحبّوا بعضهم بعضًا وأن يفعلوا كلّ شيء بمحبّة. وقال البابا لضيوفه: هذا ما تنتظره منكم كالأبرياء، عمل كلّ شيء بمحبّة ووحدة وأخوّة."