الفاتيكان
23 آب 2023, 10:50

ماذا قال البابا فرنسيس عن القديس خوان دييغو وعذراء غوادالوبيه؟

تيلي لوميار/ نورسات
أجرى البابا فرنسيس صباح اليوم الأربعاء المقابلة العامّة مع المؤمنين وسلّط الضّوء في تعليمه الأسبوعيّ على شخصيّة القدّيس خوان دييغو بحسب "فاتيكان نيوز".

وتحدّث البابا فرنسيس "عن التّعب النّاجم عن إعلان بشارة الإنجيل، هذا الإعلان الذي لا يخلو من الصعوبات والعراقيل. حيثما توجد الجهوزيّة والطّاعة يمكن أن يصنع الله أمورًا غير متوقّعة، في أوقات وطرق لا يمكن أن نتنبأ بها."

وقال: " في مسيرة البحث عن شغف إعلان الإنجيل تتوجّه أنظارنا اليوم إلى الأمريكتين، حيث يوجد لإعلان البشارة نبع حيّ دومًا ألا وهو غوادالوبيه. البشارة وصلت إلى تلك البقاع قبل تلك الظّهورات، لكن رافقتها مصالح دنيويّة. وعوضًا عن اتّباع درب الانثقاف، تمّ العمل على فرض نماذج معدّة مسبقًا، أوروبيّة على سبيل المثال، بعيدًا عن احترام السّكان الأصليّين. أمّا عذراء غوادالوبيه فظهرت بلباس السّكان الأصليّين، وتكلّمت بلغتهم، وتقبّلت ثقافة المنطقة وأحبّتها. إنّها أمّ ويجد كلّ ابن مكانًا له تحت معطفها. إنّه في مريم تجسّد الله، ومن خلالها يستمرّ في التّجسّد في حياة الشّعوب. وقد أعلنت العذراء عن الله بلغة الأمّ، وهي تكلّمنا نحن أيضًا بلغة الأمّ، اللّغة التي نفهمها جيّدًا. والإنجيل يُنقل بلغة الأمّ، وهنا لا بدّ من توجيه كلمة شكر إلى الأمّهات والجدّات اللّواتي ينقلنه إلى أبنائهنّ وأحفادهنّ. فالإيمان يُنقل من خلال الحياة، لذا فإنّ الأمّهات والجدّات هنّ أوّل من يعلن الإنجيل. ويتمّ نقله ببساطة، كما فعلت العذراء التي اختارت البسطاء، على تلّة تيبيياك بالمكسيك، وفي لورد وفاطمة، لقد خاطبت كلّ واحد منهم بلغة تلاءم الجميع، ويفهمها الكلّ، كلغة يسوع."

وتوقّف البابا عند شهادة القدّيس خوان دييغو، رسول عذراء غوادالوبيه، فقال: "إنّه كان شخصًا متواضعًا من السّكان الأصليّين. وقد توجّه نحوه نظر الله، الذي يحب أن يصنع المعجزات بواسطة الصّغار. وقد آمن خوان دييغو عندما كان بالغًا ومتأهّلًا، في سنذ الخامسة والخمسين، وذلك عام ١٥٣١. ففيما كان سائرًا شاهد والدة الله، تناديه قائلة له "يا بنيّ الصّغير والحبيب خوانيتو". ثم أرسلته إلى الأسقف طالبة أن يبني معبدًا لها في ذلك المكان حيث ظهرت. وهذا ما فعله خوان دييغو، لكنّ الأسقف لم يصدّقه، فرأى العذراء مجدّدًا التي طلبت منه المحاولة من جديد. وبعد أن التقى بالأسقف طلب هذا الأخير من بعض الرّجال أن يرافقوه.

وهذا الأمر يعكس التّعب النّاجم عن إعلان البشارة. فعلى الرّغم من الحماسة يأتي ما ليس متوقّعًا، ومن طرف الكنيسة أحيانًا. فإعلان البشارة يتطلّب من الإنسان أن يعرف كيف يحتمّل الشّرّ. المسيحيّ يصنع الخير لكنّه يحتمل الشّرّ. واليوم أيضًا في العديد من المناطق يتطلّب انثقاف الإنجيل وتبشير الثّقافات مثابرة وصبرًا، يتطلّبان عدم الخوف من الصّراعات وعدم الإحباط." 

ولفت البابا فرنسيس "إلى أنه يفكّر ببلد يُضطهد فيه المسيحيّون لكونهم مسيحيّين، وحيث لا يستطيعون أن يمارسوا دينهم بسلام. وبعد أن فقد العزيمة سأل خوان دييغو العذراء أن تعفيه من هذه المهمّة وتكلّف بها شخصًا آخر، أكثر كفاءة منه. بيد أنّها دعته إلى المثابرة."

ولفت البابا أيضًا "إلى وجود خطر الاستسلام عندما يواجه الإنسان المشاكل فيفقد الشّجاعة، وينغلق على ذاته أو ضمن مجموعات صغيرة تمنحه بعض الثّقة. لكنّ العذراء تعزّينا وتطلب منّا أن نسير قدمًا، وتساعدنا على النّموّ كأمّ صالحة، التي تتبع خطوات ابنها وتطلقه وسط تحدّيات العالم.

إنّ خوان دييغو عاد إلى الأسقف الذي طلب منه علامة. فدعت العذراء خوان دييغو للصّعود إلى قمّة التّلّة الجرداء ليقطف بعض الزّهور، وكان فصل الشّتاء. فوجد زهورًا جميلة جدًّا، وقدّمها إلى العذراء التي سألته أن يأخذها للأسقف كدليل على ما جرى. وعندما وصل إلى الأسقف وفتح معطفه ليريه الزّهور، ظهرت صورة العذراء، هذه الصّورة الرّائعة التي نعرفها. هذه هي مفاجأة الله. فعندما توجد الجهوزيّة والطّاعة يمكنه أن يصنع أمورًا غير متوقّعة، في أوقات وطرق لا يمكن أن نتنبأ بها. وهكذا تمّ بناء المعبد كما طلبت العذراء، المعبد الذي يمكن أن نزوره اليوم. بعدها قرر خوان دييغو أن يتخلّى عن كلّ شيء، وبإذن من الأسقف كرّس حياته لخدمة هذا المعبد. فاستقبل الحجّاج وبشّرهم بالإنجيل.

هذا ما يحصل اليوم في المعابد والمزارات المريميّة التي يقصدها الحجّاج، وتتحوّل إلى فسحات لإعلان البشارة، وحيث كلّ شخص يشعر أنّه في بيته ويحن إلى موطنه السّماويّ. وهناك يتمّ قبول الإيمان بطريقة بسيطة وصادقة، وحيث تستمع العذراء إلى بكائنا وتعالج آلامنا، كما قالت للقدّيس خوان دييغو." 

ودعا البابا فرنسيس المؤمنين "إلى زيارة واحات العزاء والرّحمة هذه، حيث يتمّ التّعبير عن الإيمان بلغة الأمّ، وحيث توضع متاعب الحياة بين ذراعي العذراء وينعم الإنسان مجدّدًا بسلام القلب، بسلام الأطفال"، وطلب منهم "أن يصلّوا من أجل الأخوة والأخوات المتألّمين كثيرًا في أوكرانيا مذكّرًا بقساوة الحرب حيث يُفقد العديد من الأطفال ويموت أناس كثيرون. لنصلّ من أجلهم ودعونا لا ننسى أوكرانيا."