ماذا عن محبّة الرّوح القدس لمريم العذراء؟
"كُلُّكِ جميلة يا عذراء، كُلُّكِ جميلة ولا عيب فيكِ...
ألهمتِ الرّسّامين البارعين كي يرسموكِ، لكن ريشَتهم لم تظهر ما أنتِ عليه من الجمال والبهاء...
لم يظهروكِ كما أنتِ حقيقةً. إنّكِ أجمل من الخيال...
ضعيفة هي رسومات البشر، يا عذراء. ضعيفة ومحدودة وأنتِ تعرفين ذلك.
بواسطتي، أنا الرُّوح القُدُس، ألهمتِ الشّعراء والكُتّاب ليظهروا جمالكِ، لكن أقلامهم رغم كلّ براعتها عجزت عن إيفائكِ حقَّكِ من الوصف... إذ بقيتي أجمل وأسمى من كُلِّ وصفٍ ومديح...
ضعيفةٌ هي لغةُ البشر، يا عذراء. ضعيفةٌ ومحدودة وأنت تعلمين ذلك...
لذلك تركتِ البشر وطرقهم، وأمرتِ فيالق الملائكة كُلّهم أن ينشدوا قصائد غزل في وصفكِ...
جعلتِ الكاروبيم يتموّجون بِحُبِّكِ والسّاروفيم يُرنّمون لكِ...
ولكنّهم لم يَتغنّوا بكِ كفاية يا جميلة بين النّساء...
لم يمضي وقت حتّى أدركت عجز الملائكة، بكلّ ما نالوا من مواهب عن التّعبير عن حسنكِ...
فعرفتُ حينها أنّ الدّهشة هي الحلّ الوحيد، وأنّ الصّمت هو أكبر تعبيرٍ عن جمالكِ وعن الإعجاب بكِ...
إخترتُ عندها، يا عروستي، دهشة وانذهالِ رئيس الملائكة جبرائيل حين بشَّرَكِ بالحبلِ الإلهيّ...
وقرّرتُ أن أحملكِ في قلبي وعلى جناحيّ، وأطوفُ بكِ العالم، كي أُعَرِّفَ البشر بِكِ وأقول: كُلُكِ جميلة يا مريم، ولا عيبَ فيكِ...".