ماذا سيتضمّن برنامج زيارة البابا إلى مستشفى دير الصّليب؟
بداية، رحّب مدير المركز الكاثوليكيّ المونسنيور عبده أبو كسم بالحضور، وقال: "عندما طلب منّا خلال التّحضير لبرنامج زيارة البابا لاون اختيار مكان فيه عمل إنسانيّ واجتماعيّ مجّانيّ بامتياز، وقع الاختيار من دون أيّ تفكير على جمعيّة راهبات دير الصّليب لأنّ رسالتها هي الأعجوبة الدّائمة الّتي تركها مؤسّس الجمعيّة الطّوباويّ أبونا يعقوب على الصّعيد الوطنيّ وربّما في الشّرق الأوسط."
أضاف: "البابا اختار عنوانًا لزيارته "طوبى لفاعلي السّلام"، وهو في 2 كانون الأوّل سيزور "طيور السّلام"، لأنّ نزلاء دير الصّليب يحملون في قلبهم السّلام والمحبّة والبراءة، وكذلك الرّاهبات يحملن المحبّة والعفويّة والبساطة وكذلك العاملين في الدّير يخدمون بفرح، فدير الصّليب هو مكان للسّلام والفرح والرّاحة. ولذلك نحن في انتظار زيارة البابا إلى دير الصّليب مرورًا بمنطقة جلّ الدّيب ليقدّسها بخطواته حاملًا معه رسالة السّلام."
وإختتم: "شكرًا لمحبّة قداسة البابا لاون الرّابع عشر للبنان وللفقراء وشكرًا لراهبات أبونا يعقوب على أمل أن تكون بداية فرج وخير وسلام للبنان ولكلّ اللّبنانيّين وللكنيسة الّتي يجب أن تتجدّد أكثر فأكثر لتستمرّ في عمل المحبّة."
ثمّ تحدّثت الأمّ مخلوف عن الزّيارة فقالت: "يشكّل حضور قداسة البابا لاون الرّابع عشر بين اللّبنانيّين لحظة إيمان جامعة، تعيد تأكيد الرّوابط التّاريخيّة الّتي تجمع الكنيسة في روما بالكنائس الشّرقيّة، كما تعطي سائر المسيحيّين امتدادًا معنويًّا يعزّز ثباتهم في أرضهم، ويجدّد شعورهم بدورهم في محيطهم. وتكتسب الزّيارة أهمّيّتها، أيضًا، في لحظة مضطربة من تاريخ لبنان والشّرق، كم نحتاج فيها إلى العودة إلى جوهر إيماننا، وإلى تعاليم المسيح الّذي تجسّد في هذا الشّرق، وحمل رسالة سلام إلى أصقاع الأرض كلّها. وها هو قداسة البابا يحمل، قادمًا إلى لبنان، رسالة سلام تعلي شأن الحوار بين المسيحيّين والمسلمين، وتؤكّد قدرة هذا البلد الصّغير على أداء دور الجسر بين الشّرق والغرب. وما أحوجنا إلى بناء الجسور بدل هدمها. فالبشريّة بحاجة إلى المسيح مثل احتياجها إلى الجسر لكي يصل إليها الله ومحبّته. سيّما وأنّ هذه الزّيارة تشكّل مناسبة لإعادة تظهير هويّة لبنان: أرض رسالة، ولقاء، ولتجديد الالتزام بالقيم الّتي تجعل منه وطنًا فريدًا في محيطه، وملتقى حضاريًّا للرّوحانيّة، والانفتاح، والتّواصل الإنسانيّ."
أضافت: "حين نتحدّث عن جمعيّتنا، جمعيّة راهبات الصّليب، الّتي قدّر لي، بنعمة الرّوح القدس، وفضل أخواتي الرّاهبات، أن أكون رئيستها، يحضر، فورًا، اسم أبونا يعقوب، الطّوباويّ السّائر على طريق القداسة المستحقّة.
وحين نذكر مستشفى الصّليب للأمراض العقليّة والنّفسيّة، الّذي يتّسع لألف سرير، يحضر الاسم نفسه، أبونا يعقوب، كمثل حضوره في مؤسّساته الاستشفائيّة الّتي تضمّ ثلاثة آلاف مريض، وهذه، جميعًا، تواصل عملها، وتسهر، بدأب، على خدمة كلّ إنسان، أيًّا كان انتماؤه الطّائفيّ أو المناطقيّ، بوصفه واحدًا من إخوة يسوع الصّغار، فتطعم الجائع، وتسقي العطشان، وتداوي المريض، وتكسي العريان، وتربّي النّشء، وتزرع روح المسيحيّة بالصّلاة، والخدمة، معًا".
وتابعت: "إنّ استمراريّة عمل هذه المؤسّسات، هي معجزة أبونا يعقوب اليوميّة، في الحروب، والأزمات، وفي كلّ الأيّام… نقسم الرّغيف مع المريض، ونشرّع أبواب أديرتنا لكلّ محتاج، أو باحث عن إيواء، ولكلّ مهمّش في مجتمع يزداد قسوة. وبالعناية الإلهيّة تصغر الشّدائد، وبالعزيمة نجتاز المحن، والتّحدّيات. وكم نردّد ما كان يقوله أبونا يعقوب، عند مواجهة حالة صعبة: "هيدي خرج هالدّقن". وقد باتت "ذقوننا" كذقن الطّوباويّ الّذي يشكّل نموذجًا يحتذى في الإنسانيّة؛ وكلّما كنّا إنسانيّين أكثر، أصبحنا مسيحيّين أكثر."
وقالت: "ربّما يسأل البعض: لماذا اختار قداسة البابا زيارة مستشفى الصّليب؟ نوضح، ونشدّد على أنّ قداسته قد اختار زيارة المرضى، لا المبنى. المرضى هم رسالتنا. هم صلاتنا اليوميّة. هم ابتسامتنا الصّباحيّة. هم نذورنا الّتي نجدّدها معهم، في كلّ يوم، وكلّ ساعة، ونتذكّر، إن نسينا يومًا، أنّ هذه شهادتنا، وهذا صليبنا الّذي نحمله بابتسامة رضى، وشكر على نعم الرّبّ الوفيرة. وقد اخترنا، كما علّمنا المؤسّس، ألّا نرفض مريضًا، أيًّا كانت ظروفه، وألّا تشكّل المادّة، يومًا، عائقًا أمام علاج مريض، أو تعليم تلميذ، أو إيواء عجوز. وما كان ذلك، كلّه، ليتحقّق لولا الإيمان برسالتنا، ولولا مؤازرة من وقف إلى جانبنا، مادّيًّا، ومعنويًّا. وهذا، كلّه، من صنيعة أبونا يعقوب، وهذه أعجوبته المستمرّة."
وأردفت: "سيكون قداسة البابا بيننا، في مستشفى الصّليب للأمراض العقليّة والنّفسيّة، في صباح الثّاني من كانون الأوّل المقبل. وكم كان يسرّنا أن يكون المؤمنون الرّاغبون، جميعًا، بيننا، في هذا اليوم، إلّا أنّ سعة المكان، والإجراءات المتّبعة، جعلتنا نحدّد عدد المشاركين في داخل المستشفى الّذي يشكّل استقباله لقداسته حدثًا تاريخيًّا، بالنّسبة إلى جمعيّتنا، كمثل حدث تطويب أبونا يعقوب، تمامًا. ولعلّ من أبرز ما يميّز هذه الزّيارة، الخلوة الّتي اختار قداسته أن يعقدها مع الأطفال المرضى، في قسم السّان دومينيك. هناك، سيقف أمام براءة لا مثيل لها، وستكون صلاته معهم، وإصغاؤه إلى كلماتهم، وأنين وجعهم، العلامة الأكثر تميّزًا، في زيارة الأيّام الثّلاثة. هنا تتجسّد المسيحيّة، في عمقها، فعل محبّة لا حدود لها، تمامًا كمحبّة المسيح الّذي نحتفل، بعد أسابيع، بذكرى تجسّده بيننا إنسانًا تألّم، وصلب، ومات، وقام. إنّ زيارة قداسة البابا مسؤوليّة ألقيت على عاتقنا، أنا وأخواتي الرّاهبات، ونحن نعمل بكدّ لإنجاحها، من غير أن نفقد البساطة الّتي اعتدنا عليها، وأصبحت سمة حياتنا، يعاوننا، في ذلك، محبّون، وأصحاب نخوة، ومؤمنون برسالتنا ودورنا. نشكر هؤلاء، جميعًا، ونعتذر ممّن لن يتّسع لهم المكان ليشاركونا الحدث، وقد أعطينا المرضى الأولويّة، وهم جوهر الزّيارة. وندعو الجميع إلى المشاركة في هذا الحدث، عبر النّقل التّلفزيونيّ المباشر، والأهمّ أن يشاركونا الصّلاة، والتّأمّل، من أجل المرضى، إخوة يسوع."
وختمت: "أحبّائي؛ على التّلّة، حيث اختار أبونا يعقوب أن يؤسّس مستشفى شكّل، على مدى عقود، علامة إنسانيّة مضيئة، كمثل الصّليب الّذي يرتفع فوق كنيسته، سنشهد على لقاء تاريخيّ يجمع قداسة البابا لاون الرّابع عشر مع المرضى. فالشّكر لمن سعى، وساعد، وساند. الشّكر لسعادة السّفير البابويّ ﭘاولو بورجيا، وللّجنة المركزيّة المنظّمة للزّيارة، وللّجنة الّتي حضّرت معنا أدقّ التّفاصيل، وللقوى الأمنيّة، ولكلّ من عاوننا في جمعيّة راهبات الصّليب، ولمن صلّى لنجاح هذه الزّيارة، ولوسائل الإعلام الّتي ستواكبه. والشّكر لمرضانا، جوهر الزّيارة، وجوهر الرّسالة؛ معهم تستمرّ أعجوبة أبونا يعقوب الّذي سيكون حاضرًا، حتمًا، بيننا، يوم الثّاني من كانون الأوّل، نحمله في قلوبنا، ورسالتنا، وسبحة صلاتنا".
من جهته اعتبر يحشوشي أنّ "هذه الزّيارة ليست مجرّد محطّة في برنامج بابويّ، بل هي انحناءة محبّة أمام الجراح الصّامتة واعتراف بكرامة الإنسان في أضعف حالاته. إنّها وقفة صلاة أمام من طواهم النّسيان، وتحيّة تقدير لرسالة المحبّة والرّحمة الّتي تحملها راهبات الصّليب منذ نحو قرن من الزّمن على خطى الطّوباويّ أبونا يعقوب الّذي رأى في كلّ مريض ومحتاج وجه المسيح المتألّم".
أضاف: "منذ أشهر ونحن نعمل على التّحضير لهذا الحدث بكلّ محبّة وتفان بإشراف الرّئيسة العامّة الأمّ ماري مخلوف وبالتّعاون مع المراجع الرّسميّة والجيش اللّبنانيّ ولهم منّا كلّ الشّكر واسمحوا لي أن أخصّ بالشّكر لواء الحرس الجمهوريّ وأودّ أن أحيّي من القلب كلّ أعضاء اللّجنة الّذين يعملون بروح واحدة هي روح المحبّة والعطاء والّذين يشكّلون الحجر الأساس في هذا البناء الرّوحيّ والوطنيّ".
وأشار إلى أنّ "زيارة الأب الأقدس إلى مستشفى الصّليب هي شهادة حيّة على أنّ لبنان، رغم ألمه، لا يزال يزخر بالقداسة ويثمر رحمة ويهدي العالم عبقًا لا يشبهه شيء"، وقال: "هي صلاة على جراحنا وتكريس لكرامة الإنسان وتأكيد على أنّ لبنان هو أرض قداسة. فلنصغ معًا إلى صمت المرضى وهمس أرواحهم وأرواح المحتاجين، فلنصغ إلى نداء الطّوباويّ أبونا يعقوب."
وعن برنامج اللّقاء لفت يحشوشي إلى أنّه من المقرّر أن يصل البابا لاون إلى الباحة الخارجيّة لدير الصّليب عند الثّامنة والنّصف صباحًا، حيث ستكون في استقباله عائلة جمعيّة راهبات الصّليب من كلّ مؤسّساتها التّربويّة والكشفيّة والطّبّيّة، ثمّ يتوجّه إلى القاعة الدّاخليّة على وقع نشيد خاصّ بالمناسبة تنشده "جوقة ذخائر أبونا يعقوب" المؤلّفة من مرضى المستشفى من كلمات الشّاعر نزار فرنسيس وألحان المايسترو إيلي العليا.
ويتخلّل اللّقاء كلمة للأمّ مخلوف، وكلمة للمرضى، وتقديم هدايا تذكاريّة، وترتيلة لأبونا يعقوب ويختتم بكلمة لقداسة البابا، على أن ينتقل بعدها إلى مبنى سان دومينيك للقاء الأطفال فيه بعيدًا من الإعلام".
وأشار إلى أنّ "الزّيارة تترافق مع خطّة سير ستعلن عنها المديريّة العامّة لقوى الأمن الدّاخليّ لاحقًا، داعيًا إلى "الالتزام بها تسهيلًا للوصول إلى دير الصّليب، على أن تكون المواقف مؤمّنة".
