لبنان
05 أيلول 2024, 11:40

مؤتمر التربية على المواطنيّة للمدارس الكاثوليكيّة في لبنان

تيلي لوميار/ نورسات
إفتتحت الأمانة العامّة للمدارس الكاثوليكيّة في لبنان مؤتمرها السنويّ الـثلاثين بعنوان "التربية على المواطنيّة من أجل بناء مجتمع أكثر ديموقراطيّة" برعاية البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، رئيس مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان وحضور شخصيّات دينيّة وفاعليّات سياسيّة ومدنيّة وتعليميّة، ورؤساء اتّحادات لجان الأهل في المدارس الكاثوليكيّة، وعدد من المديرات والمدراء والأساتذة والأهل والتلامذة، في جامعة الروح القدس الكسليك حيث رحَّب الأب طلال الهاشم، رئيس الجامعة بالحضور متمنيًّا لهم نجاح المؤتمر في أعماله "بما ينعكس إيجابًا على الرسالة التربويّة بعامّة والمواطنيّة بخاصّة سواء على مستوى مدارسنا أو جامعاتنا الكاثوليكيّة".

 

كانت كلماتٌ لبعض المشاركين في المؤتمر، منهم:

الأب يوسف نصر، الأمين العامّ للمدراس الكاثوليكيّة فقال: "ينعقد هذا المؤتمر وسط تحدّياتٍ جسيمة تمرّ بها بلادنا، لنؤكّد إصرارنا على بناء مستقبل تربويّ يليق بتطلّعات أجيالنا الصاعدة"، مستلهمًا في كلمته رؤية البطريرك الحويّك للبنان كوطنٍ موحَّدٍ بتنوّعه وحيث "سلامة الوطن لا تقوم إلّا بخدمة المصلحة العامّة"؛ فالمنتظر من هذا المؤتمرِ هو رسمُ أفقٍ واضحٍ للتربية على المواطنيّة والخروجُ بخطّة عمل قابلة للتطبيق، "تلتزم بها مدارسنا الكاثوليكيّة كلّها، لكي تبقى نموذجًا حيًّا يُحتذى به في محبّة الوطن والزود عنه".  

وعند التطرّق إلى المواضيع الساخنة، لفت الأب نصر إلى أنّ الأزمات المتلاحقة، مع غياب فاضح للدولة وإحجامٍ عن أداء واجبها تجاه المدرسة الخاصّة، وبخاصّةٍ المجّانيّة منها، هذا كلّه يعرّض بعض المدارس سنويًّا إلى خطر إقفالٍ قسريّ في ظلّ انحسار الخدمة التربويّة التي يؤمّنها القطاع العامّ؛ ما يجعل من الملحّ القيام بسلَّة إصلاحاتٍ قانونيّة متكاملة ولكن من دون المسّ بالمسلّمات والتوازنات التي قامتْ عليها التربية وقام عليها التعليم الخاصّ منذ تأسيسه. فالحاجة ماسّة إلى تشريعٍ جديد لمعالجة قضايا الضمان وتعويض نهاية الخدمة للمعلّمين، عبر إقرار سلسلة رُتَب ورواتب جديدة".  

كما شدّد الأمين العامّ على "اللحمة الداخليّةُ كسبيل وحيد للمواجهة، مبنيّة على إيمان ثابت برسالة الكنيسة التربويّة، قوامها العدل والرحمة والإحسان، مع التشديد على إنصاف المعلّمين من دون أن نثقّل على كاهل الأهل، مع أخذ بعين الاعتبار وضع الطبقة الأكثر فقرًا في مجتمعِنا، والسعي إلى ضمان استمرار فرصة التعلُّم لكلّ تلميذ لبنانيّ.  

وأشار إلى تفعيل دور هيئات الأمانة العامّة وتعزيز التعاون والتشاور مع الفرقاء المعنيّين بالتربية، ونوّه بشكل خاصّ بمبادرات الدولة الفرنسيّة تجاه لبنان، وثمّن صدور مناهج تربويّة جديدة تراعي الحداثة والتطوّر من دون المساس بالثوابت الأخلاقيّة والقيم الإنسانيّةِ، وعبّر عن التزام الأمانة العامّة بموآزرة المدارس الكاثوليكيّة العشرة المتواجدة على الحدود الجنوبيّة.

 

قدّمت سابين سيورتينو كلمة السفير الفرنسيّ، حيث أشارت إلى أهمّيّة النظام التربويّ المتجدّد والمعزّز في نهضة لبنان، مؤكّدة "دور المدارس الكاثوليكيّة المفصليّ والحاسم في تنشئة مواطني لبنان الغد، عبر المثابرة على قيم العيش معًا وتعزيز التعدّديّة اللغويّة والتنشئة على الحرّيّة"، كما عبّرت عن "استمرار مساندة الحكومة الفرنسيّة للنظام التعليميّ في لبنان، من خلال برنامج دعم منهجيّ يضع جودة التعليم في سلّم أولويّاته".

 

قال المطران حنّا رحمة في كلمته: "يشكّل المؤتمر فرصة لإعادة صياغة رسالتنا التعليميّة عبر إعادة تعريف التعليم الدينيّ كأساس للهويّة الوطنيّة والنظر إليه كفرصة لتقديس الوطن من خلال تربية مواطنين قدّيسين، يقدّسون مجتمعهم في الحقول كافّة. كما ينبغي تعزيز التربية الأخلاقيّة كحصن ضدّ الانهيار الاجتماعيّ، تُترجم بمشاريع اجتماعيّة ومبادرات تربويّة إبداعيّة لترسيخ القيم الأخلاقيّة والمبادئ في نفوس المتعلِّمين. ومن هنا تأتي التربية على المواطنيّة كاستجابة للتحدّيات الوجوديّة في لبنان تتخطّى الإطار القانونيّ للانخراط في المشاركة الاجتماعيّة والسياسيّة الفعّالة لإحداث تغيير إيجابيّ مع تقدير التنوّع الثقافيّ والجينيّ كميزة للوحدة الوطنيّة وتغدو الديمقراطيّة اللبنانيّة أساسًا يبنى عليه المجتمع العادل في لبنان مع تعزيز روح الابتكار والمبادرة كعوامل للتغيير".

 

تحدّث المونسنيور جيوفاني بيكيري، السفير البابويّ عن أسس المواطنيّة الحقّة القائمة على احترام المكانة الرفيعة للشخص البشريّ وكرامته الإنسانيّة" مؤكّدًا "دور لبنان الرياديّ كنموذج للعيش معًا والحوار والتسامح والتلاقي".

 

واعتبر البطريرك الراعي أنّ "التربية على المواطنيّة أساس في الانتماء إلى الدولة وهي في صلب الكيان اللبنانيّ الذي يفصل بين الدين والدولة، وبفضل هذه الميزة يتمّ الانتماء إلى لبنان من خلال المواطنيّة، لا من خلال الدين. فالدولة اللبنانيّة تفصل الدين عن السياسة، ولكن لا تفصل السياسة عن الله. وبهذا يتميّز لبنان عن الدول المجاورة وعن الدول الغربيّة، وأيضًا بإقرار "نظام الأحوال الشخصيّة" في كلّ ما يمسّ بجوهر الأديان فيه، فالدولة لا تسنّ شرائع منافية لجوهر أيّ دين".

ختم البطريرك كلمته بالإشارة إلى أنّ "التربية على المواطنيّة تنفي الخوف والتردّد والازدواجيّة، فهي تربّي المواطنين على العيش في مجتمع أكثر ديموقراطيّة..."