لبنان
10 شباط 2023, 13:30

لولا رحمة السّماء لكانت الأرض ابتلعتنا!

تيلي لوميار/ نورسات
على ضعف الكائن البشريّ ومعطوبيّته أضاء الأب البروفيسور يوسف مونّس في مقال جديد على ضوء الخوف الّذي سكن النّاس أثناء وبعد زلزال تركيا وسوريا، فكتب:

"الهزّة تعصف بلبنان، كلّ شيء يهتزّ ويتراقص ويرتجف. الهلع يرجف أجسادنا كورق الخريف الأصفر المتساقط. والفزع يضرب قلوبنا وأجسادنا. والرّعب يجعلنا نعرف معطوبيّتنا وضعفنا، وأنّه لم يبق لنا إلّا السّماء نصرخ إليها.

إكتشفنا فجأة عجزنا وضعفنا وهشاشة وجودنا وفراغنا من كبريائنا وادّعائنا وعنجهيّتنا وغطرستنا وثقتنا بنفسنا. فإذًا كلّ شي باطل وزائل، إلّا رحمة الله وشفقته علينا ولطفه بنا ومدّ يد العون لسندنا وحماية عجزنا وهزالة وجودنا.

فإذًا نحن وجود مهدّد بالزّوال وكائن المعطوبيّة والزّوال être de Fragilité et de Finitude، وكلّ شيء يهتزّ ويرتجف ويتشقّق ويتساقط حولنا وعلينا، ونحن نصرخ "يا عدرا"، "يا ربّ"، "يا الله الرّحمة والحماية". "يا عدرا يا عدرا، يا يسوع يا يسوع، يا مار شربل احمونا!"، والحيطان تتساقط والسّقف ينهار والزّجاج يتطاير والرّعب يملأ المكان، والفزع يتساقط عرقًا باردًا من أيدينا وأجسادنا.  

سقط وهم القوّة، وظهر ضعف وهزالة الوجود البشريّ والإنسانيّ وغرور الكبرياء والإنسانيّة تفجّر فراغًا وخوفًا وزوالاً. وحدها قوّة الله الخارقة بقيت مع الصّرخة "يا عدرا، يا ربّ"، وتجلّت محدوديّة الإنسان أمام جنون الطّبيعة وقوّتها وعظمتها.

كنّا نعيش على سطح الوهم وقشور الغرور والكبرياء والادّعاء، فجأة اجتاحتنا حاجتنا لربّنا ولشفاعة القدّيسين وحمايتهم وحنان العذراء وحمايتها.

إستيقظنا ليلاً ونحن نصرخ للرّبّ وللعذراء، ونطلب الخلاص والحماية من السّماء وأن يوقف الرّعب بقدرته غضب الطّبيعة وثورانها.

إرحم يا ربّ، إرحم شعبك. ولا تسخط علينا إلى الأبد، لأنّ إلى الأبد رحمتك ونحن عبيدك وخليقتك وجبلة يديك.

وإرحم يا ربّ لبنان وشعبه، وارحم أنفس الموتى في تركيا وسوريا، واشف الجرحى وأنقذ من هم تحت الأنقاض بقوّة يمينك وعظمة رحمتك وقدرتك.

نحن نصلّي ليبعد عنّا هذه الفواجع وعن جميع النّاس بخاصّة في تركيا وسوريا، في هذه الأيّام الباردة حيث الصّقيع وتساقط الثّلج، ويرحم الرّبّ أنفس الّذين ماتوا من الزّلزال والهزّة الأرضيّة برحمته، ويرأف بنا ونحن نعرف ضعفنا وسرعة معطوبيّتنا. وليساعد الرّبّ جميع الّذين ما زالوا أحياءً تحت الأنقاض."