لبنان
03 حزيران 2021, 05:00

لهذا السّبب زار البطريرك الرّاعي بعبدا!

تيلي لوميار/ نورسات
زار البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بعد ظهر الأربعاء، رئيس الجمهوريّة اللّبنانيّة العماد ميشال عون في قصر بعبدا، وعرض معه الأوضاع العامّة في لبنان ولاسيّما المتعلّقة بمساعي الدّفع بعمليّة تشكيل الحكومة، كما وضعه في أجواء التّحضير للّقاء الّذي سيعقده البطاركة مع البابا فرنسيس في الأوّل من شهر تمّوز القادم في الفاتيكان.

مستويات لا يمكن التّصوّر أنّنا بلغنا إليها، حتّى أنّ البنك الدّوليّ قال إنّنا أصبحنا بين أوّل ستّة بلدان في العالم من حيث المآسي في القرن العشرين، وهذا ما يقتضي ضرورة وجود حكومة لمواجهة هذه القضايا، ولم يعد هناك من مبرّر يمنع وجود حكومة وقيام تفاهم بين فخامة رئيس الجمهوريّة والرّئيس المكلّف وهما المعنيّان مباشرة بالتّأليف. من منّا يجهل ما يحصل؟ الحكومة يجب أن تكون فوق كلّ اعتبار، هذا وجع جميع اللّبنانيّين. ونحن نقول بأنّ لبنان بلد الحوار، يجب أن نتحاور دون إهانة بعضنا البعض. يمكن أن نختلف بالرّأي والنّظرة والتّطلّع والبرنامج والحلّ، أمّا أن نصل إلى أن يهين الواحد الآخر، فهذا أمر غير مقبول بأيّ شكل من الأشكال، وهو خارج عن ثقافتنا اللّبنانيّة. لذلك، نحن مجروحون إذا ما كانت هذه اللّغة الّتي ستعتمد للتّخاطب، وقد استهجنت كلّ هذا الموضوع".

وأضاف: "في كلّ هذه القضايا، نتوقّف اليوم عند عدد 24 أو غيره، وكيف تقسّم الحصص، ومن يعيّن الوزراء، أو الوزيرين المسيحيّين، كلّ هذه الأمور "تبوخ" أمام الواقع الّذي نعيشه في لبنان. منذ فترة وأنا أفكّر وأقول بصوت عال، وأقولها اليوم معكم، إذا عدنا إلى الوراء يوم خرجنا من ثورة العام 1958، والرّئيس شهاب شكّل حكومة أقطاب من أربعة أشخاص وانشأوا دولة ومؤسّسات لا يختلف اثنان على أنّها كانت أهمّ دولة، فهل سنبقى نختلف على العدد والتّسميات؟ لماذا لا تقوم حكومة أقطاب كما حصل سابقًا، ما الّذي يمنع؟ نحن نريد حكومة إنقاذيّة تنتشل لبنان وشعبه من الجحيم الّذي هو فيه، وعلينا ألّا ننسى أنّه حين نقول لبنان إنّما نعني الشّعب والأرض والكيان. وعندما نقول دولة لا نقول بأشخاص، بل بشعب، فلماذا لا يشكّل الأمر مخرجًا، أتساءل أين الإرادات الطّيّبة في لبنان؟ عن المسؤولين السّياسيّين الّذين أرغب في تسميتهم بالإرادات الطّيّبة، أين دوركم؟ وما هو عمل السّياسيّ؟ هو فنّ خدمة الخير العامّ، لماذا تختبؤون؟ فليتفضّلوا لأنّ البلد بحاجة إلى إنقاذ وليس إلى إطلاق نار معنويّ، وعلى الإعلام مساعدتنا في هذا المجال ليقيم السّلام بين النّاس. أتينا وكلّنا أمل في أن نسير إلى الأمام، وإذ نقرأ بكلّ أسف ما تناقلته وسائل الإعلام وكأنّنا نعود إلى الوراء، و هذا أمر غير مقبول. هذا جرح في القلب".

ثمّ أجاب البطريرك الرّاعي على أسئلة الصّحافيّين، فسئل: فشلتم سابقًا في جمع الرّئيس عون بالرّئيس الحريري، وفي ظلّ الخلاف في وجهات النّظر بينهما هل تقبلون في تسمية الوزيرين المسيحيّين؟

أجاب: "تمنّيت وأتمنّى يوميًّا أن يحصل هذا اللّقاء. وطبعًا لا أقبل بتمسية الوزيرين لأنّه ليس من شأني تسمية الوزراء ولا تحديد وزارات، نحن موقفنا بتشكيل حكومة إنقاذيّة ومن أشخاص غير حزبيّين".

سئل: هل طرحت على فخامة الرّئيس حكومة أقطاب؟

أجاب: "اليوم لم يتسنّ لي المجال أن أطرح الفكرة معه، فقد خطرت لي خلال حديثي الآن معكم، وكنت قد تحدّثت معه سابقًا في حكومات سابقة، وأتمنّى من كلّ قلبي قيام حكومة أقطاب للخروج من هذه الحالة الّتي نعيشها. وما الوقت المتبقّي من الحكومة؟ عام واحد، ألا نريد إنقاذ البلد؟ إنّ العالم يرجونا من أجل تشكيل الحكومة، ونحن نعاني من نقص في الرّغيف والدّواء والمحروقات، ما الّذي ننتظره؟ الشّكليّات أم الجوهر؟ فلنذهب إلى الجوهر ونترك الشّكليّات، وعلينا احترام بعضنا فالإهانات لا تساعد لا بل تعكّر الأمور، وهي سيّئة وبعيدة عن الثّقافة والحضارة، ماذا سيقول عنّا النّاس في ظلّ ما تنقله وسائل الإعلام؟ نحن بلد الحوار والدّيمقراطيّة، علينا الحفاظ على كرامتنا وكرامة بعضنا البعض".

سئل: بعد ارتفاع حدّة السّجال، هل من الممكن العودة إلى المبادرة المطروحة وإلى حلّ مشكلة الوزيرين؟

أجاب: "تصوّر أنّ البلد ينازع والشّعب يموت، ونحن نتكلّم عن وزيرين".

سئل: ماذا تحدّثتم اليوم مع فخامة الرّئيس، وماذا تعنون بحكومة أقطاب؟ هل هي حكومة سياسيّين؟

أجاب: "ما المانع؟ نريد أقلّ عدد ممكن من الوزراء وأن يكون بإمكانهم اتّخاذ القرارات، والأقطاب هم الّذين يقرّرون وغير مضطرّين للعودة إلى من كلّفهم. هذا ما أقوله، وهذا ما حصل مع الرّئيس شهاب".

سئل: قبل أشهر عديدة، تحدّثتم بعموميّات على مستوى الوطن لتقريب وجهات النّظر. وما دمتم المرجعيّة الأولى على المستوى المسيحيّ ولدى الكثير من المسلمين، فلماذا لا تتّخذ موقفًا في الشّأن الحكوميّ؟

أجاب: "نحن لا نقف جانبًا، بل نعمل من أجل التّقريب بين المسؤولين، ونحن نقول ونسعى وسنبقى في هذا السّعي، ولكن نرغب في مساعدتهم لنا كي يبقى الجوّ محترمًا، وعدم انتهاك الكرامة فهي تعطّل".

سئل: تقصد بيان تيّار المستقبل؟

أجاب: "طبعًا، علينا أن نعرف كيفيّة التّخاطب مع بعضنا ولو اختلفنا في الرّأي والتّطلّع إنّما من دون إهانة، هذا يتنافى مع ثقافتنا اللّبنانيّة والعالميّة. ونحن سنواصل السّعي لتقريب السّياسيّين والمسؤولين، فهذا هو عملنا من دون الدّخول في التّقنيّات لجهة العدد والتّعيينات، ولكنّنا نريد حلّاً، "لم نعد نحتمل، متنا".

وردًّا على سؤال: "تمّ انتخاب الرّئيس شهاب توافقيًّا بعد حرب أدّت إلى ثلاثة آلاف قتيل. هل تخشى سيناريو مماثلاً قبل الوصول إلى تسوية جديدة؟ وتردّدت معلومات أنّك كنت تنوي الاتّصال بالرّئيس الحريري من قصر بعبدا لإعادة التّواصل مع رئيس الجمهوريّة، فهل حصل ذلك؟

أجاب: "من الواجب الوطنيّ والضّميريّ أن يلتقي فخامة الرّئيس ودولة الرّئيس المكلّف، حول طاولة لتشكيل الحكومة". أنا ذكرت المغفور له الرّئيس شهاب للقول إنّه شكّل حكومة من أربعة أقطاب وأثمرت أفضل دولة في تاريخ لبنان، وبعدها انطلقت الأمور من جديد، فقبلها وبعدها كانت الحكومات تضمّ أكثر من أربعة أشخاص، ولكن خلال هذه الفترة أنقذوا البلد. وما أقوله إنّ الوضع الحاليّ، يقتضي اتّخاذ قرار من هذا النّوع، وهذا ما أتمنّاه".

سئل: هل تؤيّدون الدّعوة إلى طاولة حوار؟

أجاب: "ليس من الضّرورة قيام طاولة حوار، إذ يمكن التّحاور بين فخامة الرّئيس ودولة الرّئيس المكلّف دون الحاجة إلى طاولة حوار موسّعة. يكفي أن يلتقيا.

سئل: هل تمّ نسف كلّ المبادرات وهل صحيح أنّ الوقت لم يعد يسمح بتشكيل حكومة؟ ماذا قال لك فخامة الرّئيس في هذا المجال؟

أجاب: "فخامة الرّئيس، وبالرّغم من كلّ شيء يريد الحكومة الآن وفورًا".

سئل: وهذا ما يقوله الرّئيس الحريري أيضًا، فمن الّذي لا يريد الحكومة؟

أجاب: "يجب أن يجتمعا معًا، ونحن نسعى عندهما في سبيل ذلك".