لبنان
22 كانون الثاني 2021, 08:50

لماذا الوحدة وما تبعات تحقيقها؟

تيلي لوميار/ نورسات
"الصّلاة هي إحدى السّبل ذات الفاعليّة من أجل وحدة الجماعة المؤمنة. لكن الوصول إلى الوحدة وتضامن الجماعة يتطلّب مسارات أخرى. فالوحدة هي غاية بحدّ ذاتها، ودونها تضحيات ومعاناة. لكن الهدف يستحّق أن يبذل الإنسان ما أوتي من عطاءات من أجل بلوغه. لماذا الوحدة، وما تبعات تحقيقها على حياة الجماعة ومصيرها؟".

بهذه الكلمات، استهلّ الأمين العامّ لمجلس كنائس الشّرق الأوسط د. ميشال عبس كلامه في الوحدة والتّضامن، تحت عنوان "كونوا واحدًا"، وتابع كاتبًا نقلاً عن موقع المجلس الرّسميّ:

"الوحدة قيمة بحدّ ذاتها!

منذ بدايات الحضارة، ومع الأسئلة الأولى الّتي طرحتها البشريّة عن علّة وجود الإنسان والكون ومصيرهما، والعقل البشريّ يبحث عن أجوبة، فوجدها في وحدانيّة الكون ووحدانيّة الخالق. هذه الوحدانيّة وضع الاهتداء إليها البشريّة جمعاء أمام تطلّعات إيمانيّة وعلاقات اجتماعيّة جديدة.

لقد تظهّر التّجلّي الإلهيّ على الخلق في صورة إله واحد نعبده ونشكره على عطاياه، ونلجأ إليه في الملمّات، وبين يديه نضع مصيرنا، وإليه نعود في كلّ ما نحياه وما نعانيه.

الإله الواحد المتجسّد هو إذًا المئال النّهائيّ، الألف والياء، لوحدة الكون، وحدة الخلق ووحدة الخليقة الّتي هي مدعوّة أنّ تتوّحد على صورة الخالق ومِثاله.

الثّالوث القدّوس هو إله واحد متجسّد، ممّا ينبي البشريّة بأنّ اتّخذي الشّكل الّذي تريدين ولكن كوني واحدة أحدة في الخالق. "كونوا واحدًا" قال لنا السّيِّد.

وكذلك الجماعة المؤمنة. البيعة، في عهدها، من الأزل وإلى الأبد، مع الخالق.

"اُثْبُتُوا فِيَّ وَأَنَا فِيكُمْ. كَمَا أَنَّ الْغُصْنَ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَأْتِيَ بِثَمَرٍ مِنْ ذَاتِهِ إِنْ لَمْ يَثْبُتْ فِي الْكَرْمَةِ، كَذلِكَ أَنْتُمْ أَيْضًا إِنْ لَمْ تَثْبُتُوا فِيَّ." قال السّيِّد.

إذا انشّق الغصن ولم يتوحّد مع الكرمة فإنّه لن يثمر وسوف يكون مصيره اليباس.

الوحدة نقيضها الانقسام، التّشرذم، التّشتّت، الضّياع والمصير المجهول.

أن تتنوّع الجماعة المؤمنة لا يعني أنها تنقسم. التّنوّع غنى والانقسام بؤس.

إنعدام التّنوّع هو خنق للإبداع البشريّ وهو مسّ بالكرامة الإنسانيّة والتّقدّم الاجتماعيّ.  

الوحدة ليست انعدامًا للتّنوّع بل منظّم له. المهّم أن تبقى الوحدة في التّنوّع، أيّ أن يكون للجماعة الوحدة الرّوحيّة وووحدة الاتّجاه مهما تشكّلت وتنوّعت طرق تعبيرها عن عقيدتها.

فقط في الوحدة يتماسك الوجود وتتوطّد الجماعة ويصلُب عودها وتنتصر في صراع البقاء.

مهما كانت وسائل تجلّيات الجماعة المؤمنة، عليها أن تموضع نفسها من ضمن مسار الوحدة مهما اختلفت مع نظيراتها لأنّ السّيِّد قال لهم إنّ "كُلُّ مَمْلَكَةٍ مُنْقَسِمَةٍ عَلَى ذَاتِهَا تُخْرَبُ، وَكُلُّ مَدِينَةٍ أَوْ بَيْتٍ مُنْقَسِمٍ عَلَى ذَاتِهِ لاَ يَثْبُتُ".

متى استطاعت الجماعة أن تتنوّع من ضمن الوحدة، "فِي ذلِكَ الْيَوْمِ تَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا فِي أَبِي، وَأَنْتُمْ فِيَّ، وَأَنَا فِيكُمْ".

"أحبّوا بعضكم بعضًا كما أحببتكم".

إمّا أن تكونوا حُزمَة مُتراصّة عَصيّة على الفناء، أو أن تُكسروا عودًا عودًا.

القرار قراركم!".