لبنان
13 كانون الأول 2022, 14:20

لعبة كرة القدم وطقوسها الصّارمة كأنّها طقس دينيّ

تيلي لوميار/ نورسات
وفيما العيون شاخصة في الأسابيع الأخيرة نحو كأس العالم في كرة القدم، اختار البروفيسور الأب يوسف مونّس في مقال هذا الأسبوع أن يغوص في لعبة كرة القدم وطقوسها، فكتب:

"للعبة كرة القدم طقوسها الصّارمة كأنّها طقوس ليتورجيّة محترمة ولا يمكن المساس بها.

فكما في الاحتفالات الطّقسيّة للألوان دورها الهامّ، كذلك لباس اللّاعبين "المحتفلين" بطقس اللّعبة لباسهم الملوّن الّذي يعرّف عن هويّتهم. مثلاً اللّون الأصفر للاعبي البرازيل، اللّون الأزرق للاعبي فرنسا...  

ويبتدأ الاحتفال الطّقسيّ للّعبة: هناك حكّام للمباراة باللّباس المميّز وصفّاراتهم الحاسمة. وهناك صفوف منظّمة للّاعبين منهم في الدّفاع ومنهم في الهجوم، وآخرون في الوسط، وجميعهم يوزّعون الكرة لبعضهم البعض. أمّا اللّاعب المميّز فهو حارس المرمى الّذي يمكنه أن يمنع خسارة الفريق أو يسير به إلى النّصر.  

أمّا لعبة الموت فهي في لمس الكرة وعدم تجاوز الخطوط المحرّم تجاوزها. وهناك محرّمات وممنوعات مماثلة في حال تجاوزها وتخطّاها ببطاقة صفراء تعني تحذيرًا شديدًا. أمّا البطاقة الحمراء فتعني ضربة قاتلة لخطأ كبير أو تجاوز ممنوعات ومحرّمات في طقوس اللّعبة وهذا هو نوع من الجزاء والعقاب، كالطّرد من فردوس الملعب إلى خارج جنّة اللّعب والمباراة.

وللكورس في المسرحيّة الإغريقيّة دور هامّ، وهنا في طقوس لعبة كرة القدم يقوم الشّعب بدور الكورس، فهو يهتف ويصرخ ويضرب الطّبل أو ينفخ في البوق أو يتمايل راقصًا يصفّق ويحمّس لاعبي فريقه ويردّد هتافًا واحدًا تعيده الجماعة طوال مدّة الاحتفال باللّعب. وهناك خطوط تشكّل فواصل بين المسموح والممنوع ومن تجاوزها أخطأ "ومات".

جميع حياة الإنسان من الولادة إلى الموت تخضع لطقوسيّة صارمة في جميع المراحل والأوقات والمناسبات، ولها كلامها الخاصّ بها في الأفراح والأحزان، ولها حركاتها المميّزة والمدروسة، ولا يمكن تجاوزها في تابوهات، ولا يمكن العبث بها وإلّا تعرّض الإنسان للانتقاد والبطش الاجتماعيّ والاستهزاء والاحتقار والعقاب والقصاص والرّذل والطّرد.

فالسّلام له طقوسه، والكلام له طقوسه، والحياة لها طقوسها ولباسها وألوانها من الولادة حتّى الموت، ولها كيانها وجماهيرها ولاعبيها، والويل لمن لا يتبعها."