لعبة الزّمن وأنتروبولوجيا الموت والحياة
"في 21 من شهر آذار يبتدئ الاعتدال الرّبيعيّ ويكون اليوم العالميّ لعيد الأمّ. إنّه يوم الأمّ ويوم الأرض والطّبيعة والحياة والنّيروز. إنّه يوم مواعيد الزّراعة والمحاصيل وحصادها. إنّه يوم الحياة، وأحشاء الأمّ هي أحشاء الحياة موعد مع الشّمس.
إنّه يوم الاعتدال الرّبيعيّ حيث تكون الشّمس على خطّ الاستواء ويتساوى اللّيل والنّهار، ويبتدئ فصل الرّبيع وتبدأ الحياة. إنّه Equinoxe الشّمس عموديّة على خطّ الاستواء للأرض.
هذا التّعلّق بالشّمس والنّور تجلّى أنتربولوجيًّا في حضارة وثقافة الشّعوب يدلّ على ذلك المعبد الهندوسيّ في كمبوديا، ومعبد المايا في المكسيك، ومعبد الأقصر في مصر، وتباعد عظمة عبادة الشّمس والحياة في هياكل الشّمس في بعلبك.
أمّا ميثة Le mythe الإله أدونيس فتجسّد أنتروبولوجيا كلّ طقوس الموت والحياة والمواسم والحصاد والغلال والدّمّ في اللّون الأحمر في زهور شقائق النّعمان. فأدونيس ينبعث إلى الحياة في الرّبيع مع بداية الرّبيع في الطّبيعة، وينضج في الصّيف، ويتمّ الحصاد في الخريف، والموت والانمحاء في عتم وليل الشتاء، ليعود إلى الحياة وجمال الوجود مع الرّبيع، ويعيد ميثة Le mythe التّجدّد والانبعاث الّتي تعيشها الثّقافة والحضارة الفينيقيّة مع طائر الفينيق المنبعث من الرّماد والموت، ليجدّد زمن الخليقة والوجود ويوقف سيلان المعطوبيّة والفناء في قعر وجودنا النّاهد دومًا إلى الأزليّة والبقاء وقهر الموت والزّوال وجرف نهر العبور إلى الموت والانتهاء.
أمّا لعبة الزّمن والموت والحياة والقيامة فلها في المسيحيّة بعدًا تيولوجيًّا أبعد من بعدها الأنتروبولجيّ لأنّه يستند على قول السّيّد المسيح: أنا القيامة والحياة. فليس هنا ترداد وإعادة للزّمن كما إعادة زمن الفصول في الأنتروبولجيا الفينيقيّة. فالمسيح هو البقاء والخلود والحياة الدّائمة بعد موته وقيامته لأنّه قهر الموت بالموت وأعطى الحياة للّذين في القبور.
ليس هنا سلطة تكراريّة للزّمن من البداية إلى النّهاية، فالمسيح تيولوجيًّا وأنتروبولوجيًّا هو الألف والياء والبداية والنّهاية والحياة لأنّه خبز الحياة وقوت الأرواح وعربون الحياة الأبديّة.
الفرق كبير جدًّا بين الميثة Le mytheالأدونيسيّة والميثة الانبعاثيّة الفينيقيّة: طائر الفينيق والحقيقة المسيحانيّة لأنّه قام مرّة واحدة حقًّا قام، ونحن شهود على ذلك. والفرق كبير بين المسيح الحياة وChronos الزّمن المتحوّل مع الموت Thanos، لأنّ المسيح المائت بالجسد على الصّليب والقائم بالجسد من القبر انعتق من معطوبيّة الفناء والزّوال وأصبح هو الكلّيّ الوجود Pantocrator وهو ملء الوجود وهو الزّمن لذاته وبذاته. فتبتعد المسيحيّة عن الأبيقوريّة Epicurisme ولا تقول خسرت نهاري Carpe diem إذا لم تعش لذّة النّهار، فالمسيح هو في ذاته كلّ السّعادة والفرح، ونحن نسكر بلقائنا به ومشاهدته إلى الأبد إذا استأهلنا هذه النّعمة بجهدنا في الحياة والموت عن العالم والعيش له كما فعل شربل والقدّيسون."