"لا سلام بالسيف والحربُ لا تصنعُ السلام": البطريرك ساكو
قال البطريرك ساكو: " عالمنا فقد توازنه الجيوسياسيّ والجيوستراتيجيّ، لذا يعيش ازمات متراكمة، وحالة من العسكرة militarisationوحملة من التضليل الفكريّ والدينيّ، وتراجعًا للحوار والتفاهم وانعدام الثقة، ما خلَّفَ ظروفًا مثقلة بالأحداث المؤلمة. منها، حرق الكرامات و سدّ سبل العيش بسلام وأمان.
الظروف تزداد خطورة بسبب الأوضاع المتوتّرة في العالم ومن ضمنها بلدان الشرق الأوسط. أذكر على سبيل المثال الأراضي المقدّسة، حيث الحرب اقتربت من شهرها الثامن، والسكّان يعيشون في الرعب والهلع والقلق، بسب استخدام القُوّة الخشنة (السلاح للقتل)، والقوّة الناعمة (التهديد والابتزاز من أجل المال والاستحواذ على الأملاك). تخيّلوا أنّ ثمّة حتّى اليوم أكثر من 36 ألف قتيل، وأكثر من 82 ألف جريح ودمار 50 ألف وحدة سكنيّة، فيما يواجه الملايين خطر المجاعة والمرض. هكذا الحال في السودان وأوكرانيا ودول أخرى".
وتساءل: "لماذا يُخرّب البشر ما خلقه الله "ورأى أنّه جميل وحسن" (سفر التكوين 1/1-22)؟ لماذا لا يعيش الناس في حالة من السلام والجمال بفرح. لماذا يستغلّون الدين لأهداف شيطانيّة، بينما الدين إنسانيّ يدافع عن كرامة الإنسان، ويرفض احتقاره وتدمير مسكنه وتهجيره وقتله؟ "
ثمّ، قال: "نحن أمام مسألة حياة أو موت. الناس يعيشون في اليأس، ويبحثون عن مخرج دائم للصراعات، فالحروب فاشلة وخاسرة، ويدفع ثمنها المدنيّون الأبرياء، كما قال البابا فرنسيس. على الجميع التصرّف بمسؤوليّة، وعدم خلق مشاكل وصراعات.
السلام عطيّة من الله للناس:”المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام" (لوقا 2/14). السلام عطيّة ليحيا الناس بسلام كإخوة وأخوات، في قلب المجتمع الذي يعيشون فيه، ويساعدوا بعضهم البعض على النموّ بروح إنسانيّة، ويجعلوا قلوبهم تزخر بالمحبّة والرحمة.
السلام يتحقّق بالتغلّب على كلّ عداء وانتقام، وباحترام المال العامّ، وإحلال العدالة."
وأكّد البططريرك ساكو: "الناس لا يريدون الحرب، بل يحلمون بوطن آمن ومستقرّ، حاضنٍ للحرّيّات والعدالة، والتنوّع والتعدّديّة. ويأملون بقيام دولة تخدم الوطن والمواطنين، وتوفّر لهم الخدمات والعيش الكريم. هذا حقّ مقدّس.
أمام من لا يحسبون لأي شيء حساب، ما خلا للسلطة والمال، يحتاج عالمنا إلى قيادة مستنيرة، تدير التنوّع، وتعمل بقلب واحد على تحقيق المصالحة الوطنيّة والسلام والاستقرار، وتعزيز القيم الروحيّة والأخلاقيّة، والتفاهم والاحترام المتبادل".
وأضاف: "سيبقى الناس يبحثون عن حلّ لن يأتي ما دام السياسيّون بعيدين عن الاهتداء إلى الطريق الذي يقودهم إلى إرادة وطنيّة توحّدهم في مواجهة التحدّيات الكثيرة من خلال إيجاد خطّة مدروسة للتغلّب على النزاعات والفكر الإلغائيّ وحلّ الأزمات بالحكمة، عبر الحوار والتفاوض بالطرق الدبلوماسيّة، وتعزيز العلاقة الاجتماعيّة و الشراكة. الحوار هو السبيل الكفيل لمعالجة المشاكل والإصلاح، وتحقيق السلام الشامل والدائم، والعمل على التنشئة السليمة خصوصًا للجيل الجديد، وإشاعة ثقافة السلام والتسامح والتضامن الأخويّ والوطنيّ والقيم المشتركة، في المدارس وبيوت العبادة والإعلام. وتكثيف اللقاءات حول هذه العناوين الكبرى والندوات لإعداد مستقبل أفضل".
أخيرًا، وجّه هذا النداء الصارخ: "يا زعماء العالم، أيّها السياسيّون، اطلبوا السلام من أجل المنطقة والعالم حتّى تكفّ الحروب والصراعات المدمّرة، فينعم البشر بالخير."