أوروبا
07 آب 2023, 05:55

"لا تخافوا" دعوة البابا للشّباب في ختام اليوم العالميّ للشّباب و"سيول" مقرًّا لهذا الحدث عام 2027

تيلي لوميار/ نورسات
ترأّس البابا فرنسيس صباح الأحد في منتزه تيجو، القدّاس الإلهيّ الختاميّ لليوم العالميّ السّابع والثّلاثين للشّباب، أعطى خلاله موعدًا لشباب العالم بأسره للّقاء في روما عام 2025 للاحتفال معًا بيوبيل الشّباب، معلنًا أنّ اليوم العالميّ للشّباب لعام 2027 سيكون في آسيا، وتحديدًا في سيول في كوريا الجنوبيّة.

وللمناسبة ألقى البابا عظة قال فيها بحسب "فاتيكان نيوز": ""يا ربّ، حَسَنٌ أَن نكونَ ههُنا" هذه الكلمات الّتي قالها بطرس الرّسول على جبل التّجلّي هي الكلمات الّتي بعد هذه الأيّام المكثّفة نريد أن نتبنّاها. جميل ما اختبرناه مع يسوع، وما عشناه معًا وكيف صلّينا. وبالتّالي يمكننا أن نسأل أنفسنا: ماذا نحمل معنا إذ نعود إلى وادي الحياة اليوميّة؟ على أساس الإنجيل الّذي سمعناه، أودّ أن أجيب على هذا السّؤال بثلاثة أفعال: الإشعاع، الإصغاء، وعدم الخوف.

الإشعاع. تجلّى يسوع- ويقول الإنجيل- "فأَشَعَّ وَجهُه كالشَّمس". فهو كان قد أعلن قبل فترة قصيرة عن آلامه وموته على الصّليب، محطِّمًا هكذا صورة المسيح القويّ والدّنيويّ، وخيّب انتظارات التّلاميذ. أمّا الآن، ولكي يساعدهم على قبول مشروع محبّة الله، أخذ يسوع ثلاثة منهم، بطرس ويعقوب ويوحنّا، وقادهم إلى أعلى الجبل وتَجلَّى بِمَرأًى مِنهُم. و"حمام النّور" هذا يُعدّهم لليل الآلام.

أيّها الأصدقاء، نحن أيضًا بحاجة إلى بعض ومضات نور لكي نواجه الظّلمات الّتي تهاجمنا في الحياة، والكثير من أشكال الفشل اليوميّة الّتي علينا أن نواجهها بنور قيامة يسوع، لأنّ يسوع هو النّور الّذي لا يغيب أبدًا ويشعُّ حتّى في اللّيل. "لِيُنِيرَ إِلهُنَا أَعْيُنَنَا" يقول الكاهن عزرا. إنّ إلهنا ينير، ينير نظرتنا وينير قلوبنا وينير أذهاننا وينير رغبتنا في فعل شيء ما في الحياة، دائمًا بنور الرّبّ.

ولكن أريد أن أقول لكم إنّنا لا نصبح منيرين عندما نضع أنفسنا تحت الأضواء؛ لا لا نصبح منيرين عندما نعرض صورة مثاليّة عن أنفسنا ونشعر بأنّنا أقوياء ومنتصرين. لا! نحن نصبح منيرين ونشعّ فقط عندما نقبل يسوع ونتعلّم أن نحبّ مثله. إنّ الحبّ على مثال يسوع هو الّذي يجعلنا منيرين ويحملنا على القيام بأعمال الحبّ. لا تخدع نفسك، يا أيّها الصّديق، وأيّتها الصّديقة، ستكون نورًا فقط في اليوم الّذي تقوم فيه بأعمال حبّ. لكن عندما تركّز على نفسك وتكون أنانيًّا بدلًا من أن تقوم بأعمال الحبّ إلى الخارج، عندها سينطفئ النّور.

الفعل الثّاني هو الإصغاء. على الجبل، ظلّل غمام نيّر التّلاميذ، ومن هذا الغمام تكلّم الآب، وماذا قال؟ هذا هَو ابنيَ الحَبيبُ الَّذي عَنهُ رَضيت، فلَهُ اسمَعوا. هذا كلّ شيء: كلّ ما يجب فعله في الحياة يكمن في هذه الكلمة: لَهُ اسمَعوا. علينا أن نصغي إلى يسوع، هذا هو السّرّ. أصغِ إلى ما يقوله لك يسوع. قد يقول لي أحدكم: "ولكن أنا لا أعرف ما يقوله لي؟" خذ الإنجيل واقرأ ما يقوله يسوع وما يقوله في قلبك، لأنّ عنده كلام الحياة الأبديّة؛ وهو يكشف أنّ الله هو أب ومحبّة. هو يعلّمنا درب المحبّة، أصغِ إلى يسوع. لأنّنا مع حسن نيّتنا نسير في دروب تبدو وكأنّها دروب محبّة، ولكنّها في النّهاية أنانيّة مُقنَّعة في زيّ الحبّ. كُن حذرًا مع الأنانيّة الّتي تتنكّر في زيّ الحبّ. أصغِ إلى يسوع، لأنّه سيقول لك أيّهما هو طريق الحبّ. إسمعوا له.

الإشعاع هو الكلمة الأولى لكي تكونوا منيرين، والإصغاء لكي لا تُخطئوا في الطّريق، وأخيرًا الكلمة الثّالثة عدم الخوف. "لا تَخافوا": كلمة تتكرّر كثيرًا في الكتاب المقدّس، وفي الأناجيل، "لا تخافوا". وقد كانت هذه الكلمات الأخيرة الّتي قالها يسوع للتّلاميذ في لحظة التّجلّي هذه. لا تخافوا.

إليكم أيّها الشّباب الّذين عشته فرح هذا اللّقاء والّذين تعزّزون أحلامًا كبيرة ولكن غالبًا ما يطغى عليهم الخوف من عدم رؤيتها تتحقّق؛ إليكم أيّها الشّباب الّذين تعتقدون أحيانًا بأنّكم لن تنجحوا؛ إليكم أيّها الشّباب، الّذين تتعرّضون في هذا الوقت لتجربة الإحباط، والحكم على أنفسكم بعدم الكفاءة أو بإخفاء ألمكم بابتسامة؛ إليكم أيّها الشّباب الّذين تريدون أن تغيّروا العالم وتكافحوا من أجل العدالة والسّلام؛ إليكم أيّها الشّباب الّذين تجتهدون بالتزام وإبداع ولكن يبدو لكم أنّ ذلك لا يكفي؛  إليكم أيّها الشّباب الّذين تحتاج إليهم الكنيسة والعالم مثل الأرض إلى المطر؛  إليكم أيّها الشّباب الّذين هم الحاضر والمستقبل. نعم، بالضّبط إليكم أيّها الشّباب، يقول يسوع: "لا تخافوا!". في برهة من الصّمت، ليردّد كلّ واحد في نفسه، في قلبه، هذه الكلمات: "لا تخافوا".

أيّها الشّباب الأعزّاء، أريد أن أنظر في عيون كلّ واحد منكم وأقول لكم: لا تخافوا! لا بل سأقول لكم شيئًا أجمل: إنّ يسوع نفسه ينظر إليكم في هذه اللّحظة، هو يعرفكم، يعرف قلب كلّ واحد منكم، يعرف حياة كلّ واحد منكم، يعرف الأفراح، يعرف الأحزان والنّجاحات والفشل، يعرف قلوبكم وهو يقول لكم اليوم، هنا في لشبونة، في هذا اليوم العالميّ للشّباب: "لا تخافوا". تشجّعوا ولا تخافوا."

في ختام الذّبيحة الإلهيّة، تلا البابا فرنسيس مع الشّباب والمؤمنين الحاضرين صلاة التّبشير الملائكيّ. وقبل الصّلاة ألقى الأب الأقدس كلمة قال فيها: "أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، لقد تردّدت كلمة واحدة عدّة مرّات هذه الأيّام: "شكرًا"، أو بالأحرى "obrigado".  جميل ما قاله لنا بطريرك لشبونة للتّوّ، أيّ أنّ كلمة "obrigado" لا تعبّر فقط عن الامتنان لما نلناه، ولكن أيضًا عن الرّغبة في مبادلة الخير. جميعنا، في حدث النّعمة هذا، قد نلنا شيئًا ما والآن يجعلنا الرّبّ نشعر بالحاجة، إذ نعود إلى بيوتنا، لكي نشارك ونعطي بدورنا، ونشهد بفرح ومجّانيّة للخير الّذي وضعه الله في قلوبنا.

ولكن قبل أن أرسلكم، أريد أنا أيضًا أن أقول شكرًا. أوّلاً شكرًا للكاردينال كليمنتي ومعه للكنيسة والشّعب البرتغاليّ بأسره! شكرًا لرئيس الجمهوريّة الّذي رافقنا في أحداث هذه الأيّام، شكرًا للمؤسّسات الوطنيّة والمحلّيّة؛ شكرًا للأساقفة والكهنة والمكرّسين والعلمانيّين؛ شكرًا لكِ يا لشبونة الّتي ستبقين في ذاكرة هؤلاء الشّباب كـ"بيت أخوّة" و"مدينة الأحلام"! ثمّ أعبّر عن امتناني العميق للكاردينال فاريل وللّذين رافقوا هذه الأيّام بالصّلاة. شكرًا للمتطوّعين، الّذين يتوجّه إليهم تصفيق الجميع على الخدمة الرّائعة الّتي قدّموها! شكر خاصّ للّذين سهروا على اليوم العالميّ للشّباب من السّماء، أيّ لشفعاء الحدث: ولواحد منهم بشكل خاصّ، يوحنّا بولس الثّاني، الّذي أعطى الحياة للأيّام العالميّة للشّباب.

شكرًا لكم جميعًا أيّها الشّباب الأعزّاء! إنَّ الله يرى كلّ الخير الّذي أنتم عليه، وهو وحده يعرف ما زرعه في قلوبكم. من فضلكم حافظوا عليه بعناية. أريد أن أقول لكم: تذكّروا، وثبّتوا في أذهانكم أجمل اللّحظات. ومن ثمّ، عندما تأتي لحظة حتميّة من التّعب والإحباط، وربّما التّجربة للتّوقّف خلال المسيرة أو للانغلاق على أنفسكم، أعيدوا إحياء خبرات ونعمة هذه الأيّام، لأنّه- ولا تنسوا هذا أبدًا- هذا هو الواقع، هذا ما أنتم عليه. أنتم: شعب الله المقدّس الّذي يسير في فرح الإنجيل! أرغب أيضًا في أن أرسل تحيّة إلى الشّباب الّذين لم يتمكّنوا من الحضور هنا، ولكنّهم شاركوا في مبادرات نظّمتها في بلدانهم مجالس الأساقفة والأبرشيّات.

بشكل خاصّ لنرافق بأفكارنا وصلواتنا الّذين لم يتمكّنوا من القدوم بسبب الصّراعات والحروب. هناك الكثير من الحروب في العالم. وإذ أفكّر في هذه القارّة، أشعر بألم شديد لأوكرانيا العزيزة، الّتي لا تزال تتألّم كثيرًا. أيّها الأصدقاء، اسمحوا لي، أنا المُسنّ، أن أشاطركم أيّها الشّباب بالحلم الّذي أحمله في داخلي: إنّه حلم السّلام، حلم الشّباب الّذين يصلُّون من أجل السّلام، ويعيشون بسلام ويبنون مستقبل سلام. من خلال صلاة التّبشير الملائكيّ نضع مستقبل البشريّة في يدي مريم، سلطانة السّلام. وهناك شكر أرغب في أن أسلّط الضّوء عليه، شكرًا لجذورنا، لأجدادنا الّذين نقلوا لنا الإيمان ونقلوا لنا أفق الحياة. إنّهم جذورنا. وإذ تعودون إلى بيوتكم، واصلوا من فضلكم الصّلاة من أجل السّلام. أنتم علامة سلام للعالم، وشهادة على كيف يمكن للجنسيّات واللّغات والقصص أن توحّد بدلاً من أن تفرِّق. أنتم رجاء عالم مختلف. شكرًا على هذا. سيروا قدمًا!

والآن لحظة منتظرة: الإعلان عن المرحلة التّالية من المسيرة. قبل أن أخبركم بموقع اليوم العالميّ الحادي والأربعين للشّباب، سأوجه لكم دعوة. سأُعطي موعدًا لشباب العالم بأسره في عام ٢٠٢٥ في روما، للاحتفال معًا بيوبيل الشّباب! وسيُقام اليوم العالميّ للشّباب في آسيا: سيكون في كوريا الجنوبيّة، في سيول! وهكذا في عام ٢٠٢٧، من الحدود الغربيّة لأوروبا سينتقل اليوم العالميّ للشّباب إلى الشّرق الأقصى: إنّها علامة جميلة على شموليّة الكنيسة وعلى حلم الوحدة الّذي أنتم شهود له!

والشّكر الأخير، والأكبر نوجّهه إلى شخصين مميّزين، الرّائدين الرّئيسيّين لهذا اللّقاء. لقد كانا هنا معنا، لكنّهما معنا على الدّوام، ولا يغفلان أبدًا عن حياتنا ويحبونها بشكل لا مثيل له: شكرًا لك أيّها الرّبّ يسوع وشكرً لكِ يا أمّنا مريم."

أمّا مساءً فاتلقى البابا فرنسيس بمتطوّعي اليوم العالميّ للشّباب في ختام زيارته الرّسوليّة إلى البرتغال، فتوجّه إليهم بكلمة تحدّث فيها عن عملهم المنطلق من المحبّة والسّير معًا وعن أهمّيّة لقاء يسوع ولقاء الآخرين وخدمتهم. وشكرهم على ما قاموا به من عمل، فـ"إنّ ما قاموا به، وأكثر منه عمل، هو خدمة"، مشجّعًا الجميع على مواصلة اعتلاء "موجة المحبّة"، مختتمًا كلمته قائلاً: "لتكن خدمة اليوم العالميّ للشّباب الأولى من موجات خير كثيرة ستحملهم إلى الأعلى كلّ مرة، أكثر قربًا من الله، وهذا سيجعلهم يرون طريقهم من منظور أفضل."