لبنان
30 تشرين الثاني 2018, 07:30

كيف نتحضّر لأعياد القدّيسة بربارة والميلاد ورأس السّنة؟

"التّحضير للأعياد"، تحت هذا العنوان، عُقدت، قبل ظهر الخميس، ندوة في المركز الكاثوليكيّ للإعلام، بدعوة من اللّجنة الأسقفيّة لوسائل الإعلام، شارك فيها مدير المركز الخوري عبده أبو كسم، وأمين عامّ جمعيّة الكتاب المقدّس مايك باسوس.

بداية تحدّث أبوكسم عن معنى العيد ورموزه وقال: "أردنا هذا اللّقاء قبل الأعياد المجيدة، نتمنّاها مباركة على كلّ اللّبنانيّين والعالم، ولنوجّه النّاس على كيفيّة الاحتفال بهذه الأعياد، البربارة، عيد الميلاد ورأس السّنة. كلّها لها بعد روحيّ وإنسانيّ وتعكس الفرح على حياتنا الإنسانيّة.
عن عيد البربارة، هناك تقليدين عن حياة القدّيسة بربارة الأوّل يقول إنّها من مدينة بعلبك، والثّاني إنّها من مدينة نيقومدية وكان والدها غنيًّا وثنيًّا متعصّبًا، أحسن تربيتها وبما أنّها جميلة جدًّا خاف عليها ووضعها في حصن ومن حولها الأصنام لتظلّ وثنيّة ومتعبّدة للاصنام. أخذت تتأمّل في هذا الكون وفي قدرة الخالق، ولم تر في الأصنام سوى حجارة لا يرجى منها شيء. فأتاح لها الله أن اتّصلت بالمعلّم فالنتيانوس فشرح لها أسرار الدّيانة المسيحيّة وتعاليم الإنجيل، فآمنت بهذه التّعاليم وبيسوع المسيح وتركت حياة الوثنيّة ونذرت بتوليّتها للرّبّ يسوع.
وعندما علم والدها غضب عليها وأوسعها ضربًا وشتمًا واشتكاها للوالي الّذي اراد إثناءها عن الدّين المسيحيّ، فأمر بضربها وتعريتها من ثيابها وسيقها عارية في الشّارع. بعد ذلك أمر بجلدها ولكن بقدرة الرّبّ يسوع لم يبق أيّ أثر من الجروح على جسدها، بعدها قطع رأسها وماتت.
وفي عيد الميلاد نعمل زيارات للبيوت، ونسلق القمح وهو دلالة على حبّة القمح الّتي ماتت وأعطت ثمارًا كثيرة ونحضّر الحلو منها على سبيل المثال القطايف.. نحن نشجّع رعايانا وضيعنا إقامة هذا العيد على هذا الشّكل.
هناك خلط بين عيد البربارة وعيد هالوين، خلقوا لنا طقسًا آخر ووضعوه في عيد جميع القدّيسين وأخذوا القناع لأنّه شيطانيّ ووضعوا وجوهًا شيطانيّة ترمز إلى الشّيطان. فطقس هالوين يقام بالتّنكّر، أفلام مرعبة وجوه مخيفة، ارتداء ملابس تنكّريّة فيها رعب وخوف وطقوس تبعد النّاس عن وجه الله، ويقيموا حفلات فيها مجون وطقوس شيطانيّة.
علينا أن لا نخلط بين الهالوين وعيد البربارة، علينا اختيار قناع جيّد وجميل، فأقنعة اليوم تلحق البدع. وفي المناسبة أناشد التّجّار بعدم استغلال هذا العيد وإحضار أزياء تمسّ بالدّين فيها رعب وتسوّق للشّيطان في مجتمعنا.
وعن زينة عيد الميلاد والشجّرة، نحن نفرح عندما نرى الزّينة في الشّوارع، لكن علينا أن لا نستغلّ هذه الزّينة لنعمل منها دعاية. فشجرة الميلاد هي شجرة الحياة ترمز إلى يسوع المسيح المتجسّد، والزّينة ترمز إلى نور المسيح النّور الحقيقيّ، وهذه الأشياء الجميلة ترمز إلى الفرح، والكثير من إخواننا المسلمين يضعون الشّجرة وهي ترمز للفرح وللحياة.
والمغارة فهي ترمز إلى حدث الولادة من مريم العذراء فقد ولد في مذود وحوله الحيوانات رمز التّواضع. والشّجرة بركة في البيت، حتّى المحزونين بإمكانهم عمل مغارة في بيوتهم وأن يكون في قلبنا رمز الفرح للميلاد. وتبادل الهدايا يرمز إلى الهدّيّة السّماويّة سيّدنا يسوع المسيح، واختيار الهدايا هو تعبير عن محبّتنا لبعضنا البعض.
وأمام هذه الأزمة الاقتصاديّة الّتي نعيشها علينا الالتفات إلى الفقراء والمعوزين، وإذا كلّ واحد منّا ساهم بذلك لا يبقى فقراء. نتهافت على شراء الثّياب والهدايا بعيد الميلاد، تجتمع العائلة، تقام الحفلات، عيد الميلاد ليس هو حفل راقص، العائلة تجتمع، تصلّي وتقدّس، وتذهب إلى القدّاس، وهو أكبر عيد للعائلة، ونترجّى كلّ المؤسّسات عدم الخلط بين الحفلات والعيد.
العيد الحقيقيّ هو صلاة العائلة مع بعضها البعض، وأقول لأهلنا ومؤمنينا لا تنسوا أن تغلّبوا الطّابع الرّوحيّ وال تخلطوا بين هالوين وعيد البربارة ولا تضعوا أقنعة على وجوهكم ولا تنسوا الفقراء، وللتّجّار أصدقائنا أقول رموزنا الدّينيّة لا تشوّهوها".
ثمّ اختتم النّدوة مايك باسوس فقال: "أرى في ما قاله النّبيّ إرميا، الّذي عاش في القرن السّادس ق.م. صورة لما يحدث في أيّامنا في مسألة التّحضير للأعياد المجيدة. ينقل لنا النّبيّ إرميا قول الله: "شعبي يرتكب شرّين: تركوني أنا ينبوع المياه الحيّة وحفروا لهم آبارًا مشقّقة لا تمسك الماء". كان إرميا يتكلّم عن شعب الله في العهد القديم، وهم تركوا الله الحيّ وذهبوا وراء أوثان ليست آلهة. إنّها خطيئة مزدوجة: ترك الإله، وتأليه الأوثان. لقد تركوا الله، نبع الحياة، وحفروا لأنفسهم مستنقعات مائيّة، ويا له من فرق شاسع بين النّبع والمستنقع.
ألا نرى شعبنا يقوم بالعمل نفسه في هذه الأيّام في التّحضير للأعياد المجيدة؟ لقد نسوا صاحب العيد، المعنى الرّوحيّ للعيد، جوهر المناسبة، وصبّوا اهتمامهم كلّه على شكليّات وتقاليد وعادات غربيّة تحمل أحيانًا معاني شيطانيّة. لقد صنّم شعبنا الشّكليّات والتّقاليد وعبدوها بدون صاحب العيد وموضوعه الرّئيس الّذي هو الله المتجسّد في ابنه يسوع.
أنا لا أتكلّم عن عاداتنا الحلوة الّتي تجلب لنا الفرح في الأعياد، بل أتكلّم عن عادات جلبناها إلى مجتمعاتنا وهي تحمل معاني مناقضة لمعنى العيد. وأتكلّم عن تركيزنا للتّقاليد والعادات وإهمالنا لصاحب العيد. فلنعد إلى أصالتنا المسيحيّة، ولنحتفل بالأعياد المجيدة بمعانيها المسيحيّة العميقة، ولا مانع من التّقاليد الحلوة الّتي تجلب لنا الفرح ولا تناقض معنى العيد".