لبنان
15 شباط 2019, 14:29

كيف قرأ المركز الكاثوليكيّ للإعلام وثيقة الأخوّة الإنسانيّة؟

عقدت قبل ظهر اليوم ندوة صحفيّة في المركز الكاثوليكيّ للإعلام، بدعوة من اللّجنة الأسقفيّة لوسائل الإعلام، حول "وثيقة الأخوّة الإنسانيّة من أجل السّلام العالميّ والعيش المشترك" التّي وقّعها البابا فرنسيس أثناء زيارته الرّسوليّة إلى الإمارات العربيّة المتّحدة مع شيخ الأزهر الشّريف أحمد الطّيّب، أبو ظبي في 4 شباط/ فبراير الحاليّ.

 

شارك في النّدوة رئيس أساقفة بيروت للموارنة ورئيس اللّجنة الأسقفيّة لوسائل الإعلام المطران بولس مطر، ومدير المركز الكاثوليكيّ للإعلام الخوري عبده أبو كسم، والأمينان العامّان للّجنة الوطنيّة الإسلاميّة المسيحيّة للحوار الأمير حارث شهاب والدّكتور محمّد السّمّاك، وحضرها أعضاء من اللّجنة وعدد من الإعلاميّين والمهتمّين.

 

مطر

بداية رحّب المطران بولس مطر بالحضور وقال:

"يسعدنا في هذا اليوم المبارك أن نلتقي في المركز الكاثوليكيّ للإعلام مع شخصيّتين مسؤولتين كريمتين عن الحوار الإسلاميّ المسيحيّ في لبنان الدّكتور محمّد السّمّاك والأمير حارث شهاب، لنستمع لكليهما يحدّثاننا عن الوثيقة التّاريخيّة التّي صدرت إثر زيارة قداسة البابا فرنسيس إلى الخليج العربيّ لدولة الإمارات حيث التقى شيخ الأزهر الدّكتور أحمد الطّيّب، وكان لهما لقاءان أو أكثر اتّفقا خلالهما على إصدار هذه الوثيقة الهامّة جدًّا.
ليست الوثيقة وحسب بل هي برنامج عمل حضاريّ وتثقيفيّ وإعلاميّ لأشياء جميلة، وأكاد أقول إنّها مفترق طرق بيت ماض ومستقبل، علمًا بأنّ الحوار الإسلاميّ المسيحيّ قد عرف مستجدّات مباركة مع المجمع الفاتيكانيّ الثّاني نطلاقًا من هذا المجمع سنة 1965 انفتح باب للحوار الأخويّ بين المسلمين والمسيحيّين  وأعطى ثمارًا طيّبة ولو كنّا في الأيّام الأخيرة قد تعرّضنا لنكسة أتت من الإرهابيّين الّذين استعملوا الإسلام استعمالاً سيّئًا وتصدّى لهم المسلمون بشجاعة ومحبّة.
إنّما أقول بعض الأمور، أنشأنا على هذا القول لعلي ابن أبي طالب "النّاس هم إنّما أخوة لكم في الدّين…"، ونضيف على هذا الكلام أنّنا أخوة وقد سمعنا هذا الكلام مباشرة يقوله لأوّل مرّة أمامي الشّيخ أحمد الطّيّب في أوّل مؤتمر في القاهرة "نحن والمسيحيّين أخوة" والآن تكرّس هذا القول من قبل البابا والشّيخ أحمد الطّيّب.
عنوان الوثيقة "الأخوّة الإنسانيّة" أيّ أنّ المسلمين والمسيحيّين وجميع النّاس هم أخوة بعضهم البعض في الإنسانيّة. طبعًا نحن أخوة بمشيئة الله، يجب أن نكون أخوة ولا ننسين أنّ الأخّوة هي مسيرة، إذ أوّل أخ في التّاريخ قتل أخاه وافتديت الأخوّة بالمسيح يسوع الّذي لم يقتل أخاه بل مات هو فداءً عن أخيه فقلب الأمور وجعل الأخوّة فرصة لأنّ ترتيب الدّور وتنظم النّاس على أساس أنّهم أخوّة بعضهم لبعض، وهذه المسيرة على الرّغم من كلّ ذلك تتعثّر وتتغثر.
المجتمع ليس مجتمعًا متآخيًا ولا مجتمع أخويًّا، المجتمع هو مجتمع ثورات وعنف وإرهاب واستهداف، قداسة البابا فرنسيس والشّيخ أحمد الطّيّب يريدان أن يضعا برنامجًا لتغيير وجه الكون وأن نعمل معًا مسلمين ومسيحيّين وكلّ الأديان في سبيل عالم للأخوّة فيه مكان ومكان.
لذلك تقول هذه الوثيقة نحن أخوة لأنّ الله خلقنا كذلك والله يريدنا متساوين والله حرّم القتل وأمرنا بالإحسان وبنصرة الضّعيف، والله أمرنا بالمحبّة، كلّ هذه الأمور توافق عليه قداسة البابا والشّيخ أحمد الطّيّب وقال "أن نتّخذ الحوار دربًا والتّعاون سبيلاً والتّعارف نهجًاً".
الأزمة أزمة أخلاق وقلّة دين، الكاردينال توران الّذي زار السّعوديّة شهرًا قبل موته وأقام القدّاس في رغبة من السّلطات علامة على تقدّم في العلاقات بين السّعوديّة والفاتيكان، يقول في آخر له "الدّين جزء من الحلّ ولا جزء من المشكلة"، شرط أن نفهم الأديان فهمًا صحيحًا والوثيقة تتبصّر بذلك. الدّين ليس مسؤولاً عن الحروب فهم الدّين الخاطىء مسؤول عن الحروب، استغلال الدّين مسؤول عن الحروب عند المسيحيّين وعند المسلمين، لا بالصّليبيّة ولا بالفتوحات الدّين كان يأمر بقتل النّاس وإساءة التّعامل معهم، لذلك يجب أن ندرك معنى الدّين إدراكًا صحيحًا ونفهم أنّ الدّين يدعو إلى السّلام وإلى الحكمة، يدعو إلى الحرّيّة لا إكراه في الدّين، لذلك في هذه الوثيقة دعوة لأن نفهم كلّ دينه ودين الآخر في آن معًا وأن يصبح الدّينان فرصة للعالم كي يجد الأخوّة ويجد لها سبيلاً.
فوجئنا بكلمة طيّبة جدًّا في هذه الوثيقة حول التّعاون بين المسيحيّة والإسلام حيث يقول الكاتبان "الغرب يحتاج إلى الشّرق وإلى روحانيّة الشّرق والشّرق يحتاج إلى الغرب وتطوّره"، أيّ تعالوا يا مسلمين ويا مسيحيّين لنعمل معًا في سبيل عالم متآخ، إنّ المسيحيّة والإسلام هما عدديًّا نصف سكّان الأرض، إذا تمّ التّوافق انطلاقًا من هذه الوثيقة ونشرنا حضارة متجدّدة ربحنا الرّهان في العالم كلّه.
كلّنا شكر لقداسة البابا ولشيخ أحمد الطّيّب الّتي يجب أن ننكبّ عليها وأن نوصلها إلى مدارسنا وجامعاتنا وإلى العالم كلّه حتّى نعطي أنفسنا فرصة ومجالاً لاستعادة ما فقدناه من أخوّة فيما بيننا".

السّمّاك

ثمّ تحدث د. محمد السّمّاك عن مضمون الوثيقة فقال:

"لم تهبط قمّة البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، وإمام الأزهر الشّريف الشّيخ أحمد الطّيّب، مائدة من السّماء. لقد تطلّب الوصول إلى هذه القمّة المرور في مراحل متعدّدة تميّزت كلّ مرحلة بمبادرة فقهيّة وفكريّة جديدة.
وثيقة الأخوّة الإنسانيّة 2019 بين البابا فرنسيس والإمام الشّيخ أحمد الطّيّب، تدخل العلاقات الإسلاميّة– المسيحيّة مرحلة جديدة من الانفتاح والثّقة والاحترام المتبادل والتّعاون المشترك. ذلك أنّ أهمّيّة هذه الوثيقة لا تقوم فقط على توقيع البابا والإمام عليها، ولكنّها تستمدّ أهمّيّتها أيضًا من مضمونها الجوهريّ والّذي يمكن اختصاره بالمبادئ التّالية:

تبنّي ثقافة الحوار دربًا، والتّعاون المشترك سبيلاً، والتّعارف المتبادل نهجًا وطريقًا.
اعتبار التّطرّف الدّينيّ والقوميّ والتّعصّب في الغرب أو الشّرق، منطلقًا لبوادر "حرب عالميّة ثالثة" على أجزاء، والتّحذير من خطورة ذلك على الإنسانيّة كلّها.
إيقاظ الحسّ الدّينيّ عن طريق التّربية الصّحيحة والتّنشئة السّليمة، والتّمسّك بالتّعاليم الدّينيّة القويمة لمواجهة النّزاعات الفرديّة والأنانيّة والصّداميّة، والتّطرّف والتّعصّب الأعمى بكلّ أشكاله وصوره .

التّأكيد على مبدأ أنّ الله الخالق أعطانا هبة الحياة لنحافظ عليها، هبة لا يحقّ لأيّ إنسان أن ينزعها أو يهدّدها أو يتصرّف بها كما يشاء.
إدانة كلّ الممارسات التّي تهدّد الحياة كالإبادة الجماعيّة والعمليّات الإرهابيّة والتّهجير القسريّ والمتاجرة بالأعضاء البشريّة والإجهاض وما يطلَق عليه الموت "اللّارحيم".
التّأكيد على أنّ الأديان لم تكن أبدًا بريدًا للحروب أو باعثة لمشاعر الكراهيّة والعداء والتّعصّب أو مثيرة للعنف وإراقة الدّماء. وإعتبار ذلك كلّه حصيلة الانحراف عن التّعاليم الدّينيّة ونتيجة استغلال الأديان في السّياسة وكذا تأويلات طائفة من رجالات الدّين في بعض مراحل التّاريخ .
الدّعوة إلى وقف استخدام الأديان في تأجيج الكراهيّة والعنف والتّطرّف والتّعصّب الأعمى، والكفّ عن استخدام اسم الله لتبرير أعمال القتل والتّشريد والإرهاب والبطش.
التّمسّك بقيم السّلام وإعلاء قيم التّعارف المتبادل والأخوّة الإنسانيّة والعيش المشترك .
التّأكيد على أنّ الحرّيّة حقّ لكلّ إنسان اعتقادًا وفكرًا أو تعبيرًا وممارسة، وإنّ التّعدّديّة والاختلاف في الدّين واللّون والجنس والعرق واللّغة حكمة لمشيئة إلهيّة .
تجريم إكراه النّاس على دين بعينه أو ثقافة محدّدة أو فرض أسلوب حضاريّ لا يقبله الآخر .
احتواء المشكلات الاجتماعيّة والسّياسيّة والاقتصاديّة والبيئيّة من خلال الحوار والتّفاهم ونشر ثقافة التّسامح وقبول الآخر والتّعايش بين النّاس .
اعتبار حماية دور العبادة من معابد وكنائس ومساجد واجبًا تكفله كلّ الأديان والقيم الإنسانيّة والمواثيق والأعراف الدّوليّة، وكلّ اعتداء على أيّ منها يعتبر خروجًا صريحًا عن تعاليم الأديان وانتهاكًا واضحًا للثّوابت الدّوليّة .
فك الارتباط بين الإرهاب والدّين حتى وإن رفع الارهابيون لافتات الدّين ولبسوا شاراته ، واعتباره –اي الارهاب- نتيجة لتراكمات الفهوم الخاطئة لنصوص الاديان ولسياسات الجوع والفقر والظلم والبطش والتّعالي .
وقف دعم الحركات الإرهابيّة بالمال وبالسّلاح أو التّخطيط أو التّبرير أو بتوفير الغطاء الإعلاميّ لها. وإدانة هذا التّطرّف بكلّ أشكاله وصوره .
إعلاء شأن المواطنة التّي تقوم على المساواة في الواجبات والحقوق التّي ينعم في ظلالها الجميع بالعدل .
التّخلّي عن الاستخدام الإقصائيّ لمصطلح الأقلّيّات الّذي يحمل في طيّاته الإحساس بالعزلة والدّونيّة .
إعتبار العلاقة بين الشّرق والغرب ضرورة قصوى لكليهما .
الاعتراف بحقّ المرأة في التّعليم والعمل وممارسة حقوقها السّياسيّة وتعديل التّشريعات التّي تحول دون حصول النّساء على كامل حقوقهنّ .
التّأكيد على حقوق الأطفال في التّنشئة الأسريّة والتّغذيّة والتّعليم والرّعاية، وإدانة كلّ ممارسة تنال من كرامتهم أو تخلّ بحقوقهم .
حماية حقوق المسنّين والضّعفاء وذوي الحاجات الخاصّة والمستضعفين، واعتبار ذلك ضرورة دينيّة ومجتمعيّة .

إنّ إقرار هذه المبادئ والتزام العمل بها إسلاميًّا ومسيحيًّا– وعلى أعلى مستوى- يعني دخول العلاقات المسيحيّة– الإسلاميّة مرحلة متقدّمة من الثّقة والتّعاون. ويعني كذلك تكريس الانتصار المشترك على التّطرّف الإرهابيّ الّذي عانى منه المسلمون والمسيحيّون معًا، وعانت منه الإنسانيّة كلّها".

شهاب

ثمّ تحدّث الأمير حارس شهاب عن الوثيقة فقال: 

"إنَّ الوثيقة التّي صدرت إثر لقاء أبو ظبي تُشكّلُ نداء الصّحراء الرّحبة، هذا النّداء الّذي لم يضع في الفناء لكنّه وجد صداه في عاليات الجبال اللّبنانيّة الّتي ردّدته ونقلته إلى كلّ أنحاء العالم بعد أن كانت قد اعتمدته أساسًا لعيشنا الإسلاميّ المسيحيّ المُشترك.
وعشيّة الزّيارة الّتي رأى المراقبون أنّها زيارة مؤمن متعطّش للسّلام وعاملٍ في حقله، كان قداسة البابا قد عبّر في رسالةٍ له إلى شعب الإمارات عن سعادته لتَمكّنه من كتابة صفحةٍ جديدة في العلاقات بين الأديان.
إنَّ هذه الزّيارة ستعطي دفعًا للحوار بين المسيحيّين والمسلمين مع التّأكيد أنَّه لا ينطلقُ من الصّفر بل يستند إلى مسيرة طويلة سبقته، إلّا أنَّ الجديد فيه أنَّه يُركّز على المسائل الخلافيّة أو السّلبيّة. إنَّ الأساس موجود وقد أصبح من الممكن تحقيق تقدّم في هذا المجال والزّيارة بحدّ ذاتها مؤشّر إيجابيّ وعنوان أمل. إنّها هديّةٌ من السّماء وعنوان سلامٍ وأداة له. إنَّ الوثيقة التّاريخيّة تتحدّث عن الأخوّة الإنسانيّة ولا يمكننا إلاَّ أن نلاحظ هنا أنّ الإنسان شغل الحيّز الأكبر من أعمال المؤتمر والوثيقة الصّادرة عنه، وقد ركّزت على العديد من المحاور منها قيم السّلام وثقافة التّسامح وترسيخ الحوار وحماية دور العبادة وعلاقة الشّرق والغرب ومواجهة الإرهاب وحرّيّة الاعتقاد ومفهوم المواطنة وحقوق المرأة وحماية الفئات الضّعيفة.
ما بعد توقيع وثيقة "الأخوّة الإنسانيّة" ليس كما قبله، أمامنا فرصة لا يجب أن تضيع ونأمل أنَّ مستقبل الشّرق الأوسط عمومًا والعالم العربيّ خصوصًا لن يكون بعد زيارة البابا فرنسيس إلى الإمارات وإصدار الوثيقة كما قبلها. فهذه الزّيارة جمعت بين القطبين المسيحيّ والمسلم، البابا فرنسيس وشيخ الأزهر أحمد الطّيّب في لقاء "الأخوّة الإنسانيّة" في أبو ظبي بمشاركة حوالى ستمائة شخصيّة من المسؤولين في المسيحيّة والإسلام من لبنان ومن دول العالم، توّجت بتوقيع "وثيقة الأخوّة الإنسانيّة" التّاريخيّة من أجل السّلام العالميّ والعيش المشترك وترسيخ قيم الحوار الإنسانيّ بين الشّعوب.
ولدلالة على أهمّيّة الوثيقة، وفور إعلانها أثنى مجلس المطارنة الموارنة على مضمونها بمنطلقاتها الرّوحيّة والإنسانيّة والاجتماعيّة وبثوابتها، راجين أن تكون مادّة للتّعليم في المدارس والمعاهد والجامعات، وتوجيهًا تربويًّا في العائلة.
من جهة أخرى، أعطت الزّيارة أملاً جديدًا بمستقبل أفضل لمسيحيّي الشّرق، الّذين يئسوا من التّعصّب الطّائفيّ والاضطهاد والحروب باسم الدّين، وبدأوا يفكّرون بالهجرة إلى بلدان أوروبّيّة أو اميركيّة تحترم الاختلاف وتكرّس وتدعم الحرّيّات الدّينيّة، فجاءت هذه الزّيارة، والقدّاس الّذي ترأّسه البابا في مدينة زايد الرّياضيّة وضمّ أكثر من 135 ألف مسيحيّ جاؤوا حتّى من البلدان المجاورة للمشاركة فيه، لتبثّ الأمل من جديد في قلوبهم خطوةً إضافيّة على طريق التّلاقي والحوار والتّفاهم، كما على طريق السّلام الّذي طال انتظار شعوب الشَّرق الأوسط ودوله له كما أعلن المطارنة الموارنة.
إنّ المشهد بحدّ ذاته كان كافيًا لإعادة الأمل وشحنه بشحنة تفاؤل بعدما كاد اليأس يتسلّل ويسيطر على نفوس العاملين في حقل الحوار الإسلاميّ المسيحيّ، وأدرك كلّ العاملين في الشّأن العامّ، بعد اللّقاء، أهمّيّة أن تكون العلاقات المسيحيّة– الإسلاميّة على أمتن ما يكون، منعًا لخلافات قد يتأثّر بها العالم كلّه. وإنّ البابا وشيخ الأزهر أعطيا نموذجًا حقيقيًّا عن الأخوّة الإنسانيّة.
كما أنّ مشاركة بطاركة الطّوائف الشّرقيّة العربيّة كان لها مردود إيجابيّ نظرًا لما اتّسمت به من عمق وخصوصًا كلمة البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي والاتّصالات المتعدّدة التّي أجراها مع المشاركين ساعدت في إشاعة جوّ من الثّقة بالمستقبل.
الأنظار تتّجه نحو الدّول الإسلاميّة تُراقب أيّ حيّزٍ ستعطيه لتنفيذ بنودها، وما ستلحظه في تشريعاتها. ودون أيّ شك فإنّ الكنيسة الكاثوليكيّة متأثّرة بها. ونتوقّع تأثيرها كذلك في المجتمعات الإسلاميّة السّنّيّة ومنطقة الشّرق الأوسط وشبه الجزيرة العربيّة. لقد تمّت كتابة التّاريخ في أبو ظبي وعلينا واجب تطبيق ما كُتب.

أبو كسم

وإختتمت النّدوة بكلمة الخوري عبده أبو كسم جاء فيها:

"نلتقي اليوم في ندوة تضيء على وثيقة العصر، أعني وثيقة وثيقة "الأخوّة الإنسانيّة من أجل السّلام العالميّ والعيش المشترك" التّي وقّعها قداسة البابا فرنسيس رأس الكنيسة الكاثوليكيّة في العالم، وإمام المسلمين الشّيخ أحمد الطّيّب.
إنّ مسيرة قداسة البابا فرنسيس منذ انتخابه على السّدّة البطرسيّة، تشير إلى تعزيز ثقافة الحوار مع الآخر وقد أخذ الحوار المسيحيّ الإسلاميّ الحيّز الأكبر. فقد كثّف قداسته زياراته إلى الدّول الإسلاميّة فزار المملكة الأردنيّة الهاشميّة، وفلسطين ومصر، وألبانيا وتركيا والإمارات وسوف يزور المغرب ووعد بزيارة العراق، والهدف الأوّل هو تحقيق السّلام بين الشّعوب من خلال عمليّة الحوار المستدامة والتّي تهدف إلى تعزيز القيم الإنسانيّة والاجتماعيّة التّي بدورها تساهم في تعزيز الكرامة البشريّة.
هنيئًا لنا هذه الوثيقة التّاريخيّة مسيحيّين ومسلمين، شكرًا لدولة الإمارات التّي احتضنت هذا الحدث التّاريخيّ، يبقى أن نجعل من هذه الوثيقة خريطة طريق لشبابنا المؤتمنين على تحقيقها.
ولا ننسى أنّ لبنان هو المختبر التّي اندمجت فيه الطّوائف والمذاهب لتجعل منه بلد "الرّسالة". ولنتّحد جميعًا لنجعل من هذه الوثيقة نهجًا للسّلام وعيش المحبّة".