كيف ثمّن المطارنة الموارنة الشّؤون الكنسيّة والوطنيّة في بيانهم الشّهريّ؟
1- يُبدي الآباء ارتياحهم إلى تشكيل الحكومة بعد تسعةِ أشهرٍ من التّجاذبات بشأن حجم التّمثيل والحصص والحقائب، فيما تعطَّل عمل المجلس النّيابيّ الجديد، وعُلِّقت التّعيينات، وتفاقمت الأزمة الاقتصاديّة والاجتماعيّة والماليّة والمعيشيّة، واستشرى الفساد. حيال هذا الواقع، تجد الحكومة الجديدة نفسها أمام الواجب الوطنيّ في التّعويض عن خسائر التّسعة أشهر السّابقة. وهذا ما نأمله منها ولاسيّما من الوزراء التّقنوقراطيّين، وقد سمّت نفسها "حكومةً إلى العمل".
2- تحدّيات كبيرة تنتظر الحكومة، بدءًا بتحقيق الإصلاحات في القطاعات والهيكليّات التي أُقرّت في مؤتمر باريس سيدر، وبحسن توظيف الأحدَ عشر مليارًا ونصفِ المليار دولار وفقًا للآليّة الضّامنة. فيستعيد لبنان ثقة الدّول والمنظّمات المعنيّة. ومن تحدّياتها تلبية مطالب اللّبنانيِّين التي باتت معروفة، ومواجهة مشكلة النّازحين السّوريّين ومقاربتها بواقعيّةٍ وموضوعيّة، تأمينًا للّظروف الكفيلة بعودتهم إلى ديارهم واسترجاع حقوقهم المدنيّة، ومواصلة تاريخهم وثقافتهم.
3- يتمنّى الآباء على الصّحافة ووسائل الإعلام تغطية النّشاط الحكوميّ بعيدًا عن الاستثارات السّياسيّة، وبروحيّةٍ إنقاذيّة للبلاد وأهلها، تُشجِّع على تحويل العمل الإجرائيّ ورشة وطنيّة يشارك فيها المواطنون من أصحاب المطالب والمؤهّلات، كما وجمعيّات المجتمع المدنيّ والنّقابات على اختلافها، بوعيٍ ومسؤوليّة.
4- ثمّن الآباء زيارة السّلام التي قام بها قداسة البابا فرنسيس إلى دولة الإمارات العربيّة المتّحدة، ولقاءه السّلطات الإماراتيّة، وسماحة شيخ الأزهر الدّكتور أحمد الطّيّب، بمناسبة انعقاد المؤتمر الدّوليّ للأخوّة الإنسانيّة. فاختارا هذه المناسبة لتوقيع "وثيقة الأخوّة الإنسانيّة من أجل السّلام العالميّ والعيش المشترك". فيثني الآباء على مضمونها بمنطلقاتها الرّوحيّة والإنسانيّة والاجتماعيّة وبثوابتها، ويرجون أن تكون مادّة للتّعليم في المدارس والمعاهد والجامعات، وتوجيهًا تربويًّا في العائلة. وسرّهم أن يحتفل قداسته بالقدّاس الإلهيّ في أوّل عاصمة إسلاميّة من بلدان الخليج. وهم يرَون في ذلك خطوة إضافيّة على طريق التّلاقي والحوار والتّفاهم، كما على طريق السّلام الذي طال انتظار شعوب الشَّرق الأوسط ودوله له.
5- واكب الآباء باهتمامٍ كبير حدث اللّقاء التّشاوريّ النّيابيّ المارونيّ، الذي عُقِد في بكركي بدعوةٍ من صاحب الغبطة وبرئاسته. وإذ يُؤيِّدون كلمة صاحب الغبطة الافتتاحيّة، والنّقاشات الهادئة والموضوعيّة التي جرت، والبيان الختاميّ الواضح والجامع، يرجون أن تتقدّم لجنة المتابعة المنبثقة من اللّقاء بأعمالها، بحيث تترسّخ وحدة الرّؤية حول المواضيع الخلافيّة، إستنادًا إلى الدّستور واتّفاق الطّائف والميثاق الوطنيّ، فلا تكون اهتزازات في المؤسّسات الدّستوريّة عند كلّ استحقاق. فلبنان بحاجة إلى استقرار، لكي يستطيع التّقدّم إلى الأمام.
6- تحتفل الكنيسة المارونيّة في أواخر هذا الأسبوع، بعيد أبيها القدّيس مارون، النّاسك السّريانيّ الأنطاكيّ، الذي قضى حياته عائشًا في العراء على قمّة جبل، صارفًا حياته في محبّة الله وخلاصِ النّفوس، منكبًّا على الصّلاة والصّوم والتّقشف. فيدعو الآباء أبناءهم إلى إحياء هذا العيد بالتّقوى والتّوبة وأعمال الخير، سائلين الله بشفاعته أن يحفظ إيمان شعبه، وأن يمنّ على لبنان والمنطقة المعذّبة بالأمن والاستقرار والسّلام.