سوريا
23 أيلول 2025, 13:20

كنيسة مار اليان الشّيخ النّاسك في الفحيلة تحتضن ذخائره

تيلي لوميار/ نورسات
في عيد القدّيس اليان الشّيخ النّاسك، احتفل راعي أبرشيّة حمص وحماه وطرطوس وتوابعها للسّريان الأرثوذكس تيموثاوس متّى الخوري بالقدّاس الإلهيّ، في كنيسته في الفحيلة، بحضور لفيف من الإكليروس وحشد كبير من المؤمنين.

خلال القدّاس، أقام راعي الأبرشيّة خدمة تشمشت القدّيسين وطاف مع المطران يوليان يعقوب مراد بذخيرة القدّيس في أرجاء الكنيسة، ووُضعت بعدها في المقام الّذي أعدّ لحفظها.

هذا وكانت عظة للمطران تيموثاوس متّى الخوري، قال فيها بحسب إعلام الأبرشيّة:

"بفرح روحيّ عظيم، وقلوب ممتلئة شكرًا وبهجةً، نجتمع اليوم لنحتفل بعيد أحد عظماء قدّيسي الكنيسة الجامعة، القدّيس مار اليان الشّيخ النّاسك. ويتضاعف فرحنا بهذا اليوم التّاريخيّ، حيث نحتفي بنقل جزءٍ من رفات القدّيس مار اليان، من ضريحه العجائبيّ في القريتين، إلى كنيسة مار اليان في الفحيلة.

هذا الجزء الثّمين، الّذي سلّمه إلينا بكلّ محبّةٍ أخويّة سيادة أخينا الجليل المطران مار يوليان يعقوب مراد، إنّما هو ترجمة حيّة لما يتحلّى به سيادته من روح مسكونيّةٍ سامية، وإيمانٍ راسخ بالكنيسة الواحدة، مقدّمًا نموذجًا رائعًا في المحبّة والتّعاون. وقد ألهمنا الرّبّ أن نختار هذه الرّعيّة المباركة لتحفظ في كنيستها هذا الجزء النّفيس، ليكون نبع بركةٍ للكنيسة وأبنائها، ولكلّ من يتشفّع بالقدّيس مار اليان.

أشكركم، يا صاحب السّيادة، من أعماق قلبي، بالأصالة عن نفسي ونيابة عن كاهن هذه الرّعيّة الأب الوقور الخوري عبدالله سطاح، وعن السّادة أعضاء لجنة الوقف وفعاليّات الرّعيّة وجميع أبنائها. ونصلّي من أجلكم ليمدّكم الرّبّ دومًا بحكمته وعونه، عسى الله أن يلهمنا جميعًا لما فيه تمجيد اسمه القدّوس، وإعلاء شأن كنيسته المقدّسة، وخلاص نفوس أبنائها، ورفعة شأن السّريان والحفاظ على إرثهم الرّوحيّ والثّقافيّ العريق.

أيّها الأحبّاء، إنّها لحظة مهيبة نعيشها معًا، نستحضر فيها سيرة هذا القدّيس العظيم، الّذي كرّس حياته للنّسك والصّلاة والخدمة، فصار منارةً روحيّة وملجأً للمؤمنين على مدى أجيالٍ عديدة. بحضوره الدّائم في قلوب المؤمنين، وبشفاعاته الّتي لا تُحصى، نستمدّ العزيمة والقوّة لنحيا إيماننا بصدق وثبات.

إنّ نقل جزء من رفات القدّيس ليس مجرّد انتقال مادّيّ، بل هو امتداد لحضوره الرّوحيّ بين أبنائه، وعلامة حيّة على وحدة الكنيسة وتواصل أجيالها عبر التّاريخ، فحيثما تُكرَّم ذخائر القدّيسين، هناك تفيض نعمة السّماء، ويحلّ بركات الله بفضل شفاعة قدّيسيه الأطهار.

وأقولها دائمًا: إنّنا لا نعبد إلّا الله وحده، ولكنّنا نكرّم القدّيسين، ونتشفّع بهم، ونعيّد لهم، ونتأمّل في سيرهم وجهادهم الرّوحيّ، سعيًا منّا نحو القداسة في جهادنا الرّوحيّ. فكلّ مؤمن في الكنيسة هو مشروع قدّيس، إذا ما سلّم قلبه لله، واتّبع وصاياه بثبات، وقَبِل عمل الرّوح القدس فيه. وإنّنا نقرأ في سير القدّيسين العبر، فمنهم الرّجال والنّساء وحتّى الأطفال، ومنهم الأغنياء والفقراء، والنُّسّاك والمتزوّجون. كلّ أولئك أقامتهم الكنيسة مناراتٍ أمامنا، لتذكّرنا دائمًا بأنّنا جميعًا مدعوّون للقداسة.

وإنّنا إذ نضع هذه الذّخيرة المقدّسة في كنيسة مار اليان في الفحيلة، نصلّي كي تكون نبع نعمةٍ دائم، ومصدر شفاء للنّفوس والأجساد، ومنارة رجاء لكلّ مؤمن يقصدها حاملًا صلواته وطلباته. وأرى من الواجب أن أؤكّد ههنا، بأنّ وضع هذه الذّخيرة الطّاهرة في هذه الكنيسة لا ينسينا أبدًا القريتين الغالية على قلوبنا، ولا دير مار اليان الأثريّ، ولا كنائس السّريان هناك. وكلّنا ثقة بمواعيد الرّبّ، بأنّه يلهمنا وأعزّاءنا الرّوحيّين أبناء مدينة القريتين، كلّ ما هو لخيرهم وصلاحهم ورفعتهم.

أحبّائي في الرّبّ، لنستقبل جميعًا هذه النّعمة العظيمة بقلوبٍ نقيّة ومتواضعة، ولنقتدِ بسيرة هذا القدّيس الّذي علّمنا أنّ طريق الملكوت تمرّ حتمًا عبر درب التّواضع والمحبّة والصّلاة الدّائمة. ولتكن هذه المناسبة المباركة دافعًا لنا جميعًا كي نكون شهودًا أمناء للمسيح في كلّ مكان وزمان.

أشكر حضوركم الكريم ومشاركتكم في هذا الاحتفال المقدّس. سائلًا الله أن يملأ قلوبكم بسلامه الّذي يفوق كلّ عقل، وأن يبارك هذه الرّعيّة الغالية، وأن يحفظ بيوتكم وعائلاتكم، بشفاعة أمّنا مريم العذراء والقدّيس مار اليان الشّيخ النّاسك، وجميع الشّهداء والقدّيسين، آمين."

وبعد الانتهاء من القدّاس الإلهيّ، تمّ افتتاح المقام حيث دخل الجميع ليتباركوا من رفات القدّيس مار اليان الشّيخ، وتبادل الجميع التّهاني على وقع عزف الفرقة النّحاسيّة.