لبنان
24 تشرين الثاني 2020, 10:30

"كلّنا إخوة" محور التّنشئة المسيحيّة في زمن الميلاد

تيلي لوميار/ نورسات
في التّنشئة المسيحيّة، ألقى البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة الرّاعي تعليمه، أمس الإثنين في بكركي، على ضوء الرّسالة العامّة "كلّنا إخوة"، قائلاً:

"1. "كلّنا إخوة" هي الرّسالة العامّة "في الأخوّة والصّداقة الاجتماعيّة" الّتي أصدرها قداسة البابا فرنسيس، عشيّة عيد القدّيس فرنسيس "فقير أسيزي" في 3 تشرين الأوّل 2020، ووقّعها على ضريح القدّيس. وقد استوحى عنوانها من رسالة القدّيس فرنسيس إلى جميع الإخوة والأخوات Fratelli tutti" كلّنا إخوة".

ننقل مضمون هذه الرّسالة ابتداءً من زمن الميلاد، لأنّ إبن الله صار إنسانًا ليكون قريبًا من كلّ إنسان، ويقطع معه الطّريق في الحياة. صار إبنًا للبشر ليجعلنا أبناء الله، وبالتّالي إخوة وأخوات بعضنا لبعض. هذا هو أساس الأخوّة والصّداقة الاجتماعيّة بين جميع النّاس من مختلف الأديان والثّقافات والألوان.

2. يوضح قداسة البابا في المقدّمة أنّ هذه الرّسالة:

أ- تجمع العديد من المداخلات السّابقة المتعلّقة بالأخوّة والصّداقة الاجتماعيّة لتكون في سياق تفكير أوسع.

ب- تجمع وتعرض القضايا الرّئيسة المطروحة في وثيقة "الأخوّة الإنسانيّة من أجل السّلام في العالم والعيش المشترك"، الّتي وقّعها مع شيخ الأزهر في أبو ظبي في 4 شباط 2019.

ج- تجمع العديد من الرّسائل والمستندات والتّأمّلات الّتي بلغته من أشخاص ومجموعات حول العالم.

د- تتوقّف عند البعد العالميّ لمبادئ المحبّة الأخويّة وانفتاحها على الجميع.

ه- تُكتب بطريقة تفتح التّفكير على الحوار مع جميع الأشخاص ذوي النّوايا الحسنة.

3. أمّا هدفها فالعمل، من خلال الاعتراف بكرامة كلّ إنسان، على تجديد رغبة عالميّة في الأخوّة بين الجميع: "هذا سرّ جميل كي نحلم ونجعل حياتنا مغامرة جميلة. لا يمكن لأحد أن يواجه الحياة بطريقة منعزلة". إنّنا ننتمي كلّنا إلى إنسانيّة واحدة، باعتبارنا عابري سبيل خُلقنا من اللّحم البشريّ نفسه، ونحن أبناء هذه الأرض الّتي تأوينا جميعًا، وكلٌّ منّا يحمل غنى إيمانه أو قناعاته، ولكن جميعنا إخوة (الفقرات 3-8).

4. في الفصل الأوّل يتناول البابا فرنسيس "ظلال عالم مغلق" وهي بعناوينها: أحلام محطّمة، نهاية الوعي التّاريخي، انتقاص مشروع مشترك، الاستبعاد العالميّ، حقوق الإنسان العالميّة ليست عالميّة بشكل كافٍ، صراع وحقوق، عولمة وتقدّم من دون اتّجاه مشترك، الجانحات وضربات التّاريخ الأخرى، سقوط الكرامة البشريّة عند حدود الدّول، وهْم التّواصل، عدوان بلا حياء، معلومات عديمة الحكمة، ومنافية للحقيقة خضوع وازدراء للذّات. هذه كلّها تحول دون تنمية الأخوّة العالميّة في عالمنا الحاليّ. سنتكلّم عنها تباعًا.

1) الأحلام المحطّمة (الفقرات 10-12)

بدأ العالم يأخذ أمثولة من الحروب والإخفاقات. فكانت محاولات للتّغلّب على الانقسامات، وتعزيز السّلام والتّواصل بين جميع شعوب القارّة: الاتّحاد الأوروبيّ، خطوات للاندماج في أميركا اللّاتينيّة، محاولات مماثلة في بلدان أخرى.

لكنّ التّاريخ أثبت أنّ العالم يتراجع.

صراعات قديمة تشتعل من جديد: قوميّات مشحونة بالانغلاق والغضب والعدوانيّة تنهض من رمادها؛ فكرة وحدة الشّعب والأمّة محمّلة بإيديولوجيّات متنوّعة تخلق أشكالاً جديدة من الأنانيّة وفقدان الحسّ الاجتماعيّ، تحت قناع الدّفاع عن المصالح الوطنيّة؛ تبنّي العالم الاقتصاديّ والماليّ عبارة "الانفتاح على العالم" لكنّها تشير حصرًا على الانفتاح على المصالح الخارجيّة أو إلى حرّيّة القوى الاقتصاديّة في الاستثمار من دون قيود في جميع البلدان؛ العولمة المسنودة من عالم الاقتصاد والمال تجعلنا أكثر قربًا، ولكنّها لا تجعلنا إخوة، بل تجعلنا نعيش في وِحدة أكثر من أيّ وقت مضى، وفيما أصبح العالم ككتلة واحدة، فإنّه يعطي الأولويّة للمصالح الفرديّة، ويضعف البُعد الاجتماعيّ للوجود؛ الأسواق تزدهر، والنّاس يقومون بدور المستهلك أو المتفرّج. وبالنّتيجة تزداد السّياسة ضعفًا إزاء القوى الاقتصاديّة العابرة للأوطان."