كفوري: تمنّياتنا للعام الجديد أن تعود إلى الإنسان كرامته
كلام كفوري جاء خلال قدّاس رأس السّنة قائلاً نقلاً عن "الوكالة الوطنيّة للإعلام": "اليوم يبدأ عام جديد ويذهب عام مضى. عندما نقول عامًا جديدًا ماذا يعني؟ العام الجديد يكون جديدًا عندما نتجدّد نحن. عندما نخلع الإنسان العتيق الفاسد بسبب الخطيئة وتلبس الجديد المتجدّد على صورة خالقه. (أف 4: 22) الإنسان هو الّذي يجعل من العام جديدًا: "هائنذا أصنع شيئًا جديدًا (رؤيا 21 : 5).
مع ولادة المسيح بدأ عهد جديد. لذلك العالم اليوم يؤرّخ للميلاد (أيّ أنّنا نقول 2024 ميلاديّ).
المسيحيّة ليست استمرارًا لليهوديّة كما يظنّ البعض. بل هي بداية جديدة. مرحلة جديدة في مسيرة الخلاص. عهد جديد هو عهد النّعمة. لقد زال ظلّ الشّريعة بورود النّعمة، يقول القدّيس يوحنّا الدّمشقيّ: "لقد زال ظلّ النّاموس بورود النّعمة، فإنّه كما كانت العلّيقة تلتهب ولا تحترق، كذلك أنت يا عذراء ولدت ولبثت عذراء. فعوضًا عن عمود النّار أشرق شمس العدل. وعوضًا عن موسى كان المسيح خلاص نقوسنا" (من صلاة غروب اللّحن الثاني) يكون العام جديدًا عندما تنتهي الحروب ويحلّ السّلام في العالم. الله أراد للإنسان السّلام والحياة الكريمة والنّموّ.
أين هو السّلام اليوم؟ نرى الحروب تلفّ العالم من أقصاه إلى أقصاه. والنّاس (وخاصّة المدنيّون) يعانون من تداعيات هذه الحروب. فنرى ملايين المشرّدين الّذين لا مأوى لهم في معظم أنحاء العالم. هل يا ترى يحصل كلّ ذلك بسبب البعد عن الله. بالتّأكيد. هذا هو السّبب الأوّل لحصول ذلك. لو سمع العالم كلام الله وأطاعه (كما فعل إبراهيم) لما وصل إلى هذه الحالة من البؤس والتّشرّد والاضطراب. لو نتشبه بمريم العذراء الّتي خضعت لمشيئة الله فولدت المسيح الآتي ليخلّص العالم من الخطيئة والموت.
تمنّياتنا للعام الجديد أن تعود إلى الإنسان كرامته. وأن يعمّ الخير والسّلام العالم بأسره. كذلك أن تحفظ حقوق الإنسان. هذه الحقوق المعطاة له من الله أوّلاً والّتي تنصّ عليها شرائع الأمم المتّحدة ودساتير الدّول الحرّة، كما نتمنّى أن يعود لبنان بلد الحرّيّات والدّيموقراطيّة الحقيقيّة الّتي تحفظ لكلّ إنسان حقّه بحياة كريمة وبالمساواة أمام القانون. وأن يستعيد دوره كبلد ثقافة وانفتاح على كلّ العالم. لبنان لم يكن أبدًا متقوقعًا على ذاته بل كان بلد الفكر والإشعاع الرّوحيّ والثّقافيّ. هو منارة الشّرق الأوسط. نتمنّى في بداية العام الجديد أن يصار إلى انتخاب رئيس للجمهوريّة تطبيقًا لنصّ الدّستور الّذي يحتّم على السّادة نوّاب الأمّة أن يقوموا بهذه المهمّة الوطنيّة ضمن المهلة الدّستوريّة الّتي تمّ تجاوزها، ولا نعرف لأيّ سبب، ونتمنى كذلك ملء الشّواغر في الإدارة وتشكيل حكومة أصيلة لخدمة أبناء الوطن كما ينصّ الدّستور، تمنّياتنا أن يرفع الظّلم عن المحرومين والمقهورين والقابعين في السّجون دون محاكمة، وأن تسود العدالة والحرّيّة والسّلام.
إنّ روح الرّبّ عليّ ولأجل ذلك مسحني، وأرسلني لأبشّر المساكين وأشفي منكسري القلوب. وأنادي للمأسورين بالتّخلية وللعميان بالبصر، وأطلق المهشمّين إلى الخلاص. وأكرز بسنة الرّبّ المقبولة" (لوقا 4 : 16)، هذا الكلام ورد على لسان السّيّد المسيح فيما كان يصلّي في المجمع في بلدة النّاصرة الّتي تربّى فيها. وهو اقتباس من سفر أشعياء. وبعد تلاوة النّصّ قال للمصلّين (وكانوا من علماء النّاموس) "اليوم تمّت هذه الكتابة الّتي تليت على مسامعكم" أيّ أنّ أشعياء يتكلّم عن مسيح الرّبّ".
النقّطة الأولى تعني أنّ الرّوح القدس حلّ على يسوع فمسحه (أيّ أنّه صار مسيح الرّبّ)
وهو كان يعتبر نبيًّا عند اليهود. وبعد أن أعطاه (الله) الرّوح القدس أرسله ليبشّر المساكين ويشفي منكسري القلوب. هو أتى إلى العالم بالفرح والسّلام والمحبّة. أتى لنصرة الضّعفاء والفقراء والمساكين الّذين نبذهم العالم وأقصاهم عن خيرات الأرض وأمجادها. (لم آت لأدعو صديقين بل خطأة إلى التّوبة) (لو 5 : 32)، وقال لليهود عندما انتقدوا زيارته لسمعان الأبرص "لا يحتاج الأصحّاء إلى طبيب بل المرضى" (مر 2 : 17).
"وأكرز بسنة الرّبّ المقبولة". ماهي سنة الرّبّ المقبولة؟ وكيف تكون مقبولة عنده. إنّها سنة جديدة تختلف عن سابقاتها من السّنين وهي السّنة الّتي تتحقّق فيها إرادة الله الّذي يحبّنا".
وأنهى كفوري عظته سائلاً "الله أن يكون العام الجديد جديدًا بكلّ معنى الكلمة، وأن يكون مليئًا بالخير والبركات، وأن ينقل لبنان من مرحلة الجمود الى مرحلة النّشاط الفاعل في كلّ المجالات، وأن يعود منارة للشّرق كما كان".