لبنان
05 حزيران 2017, 08:21

كفردلاقوس كرّمت خادم رعيّتها المونسنيور يوسف نضيره

نظّمت بلديّة كفردلاقوس في قضاء زغرتا ورعيّتها، احتفالاً تكريميًّا لمناسبة مرور خمسة وستّين عامًا على سيامة المونسنيور يوسف نضيرة الكهنوتيّة، وذلك خلال قدّاس ترأّسه راعي أبرشيّة طرابلس المارونيّة المطران جورج بو جوده في كنيسة سيّدة لورد في البلدة. عاون المطران بو جوده في القدّاس المحتفى به المونسنيور يوسف نضيره، وخادم الرّعيّة الخوري دانيال شديد، بمشاركة النّائب العام المونسنيور بطرس جبّور، ورئيس دير مار يعقوب كرمسده المونسنيور أنطوان ميخائيل، ولفيف من كهنة الأبرشيّة وعدد من الرّهبان والرّاهبات.

 

حضر القدّاس رئيسا بلديّتي كفردلاقوس باخوس نكد، وبنشعي جوزيف رعيش، مختار البلدة منصور نكد، مختار بلدة عينطورين بولس بشاره، رئيسة ثانويّة مار أنطونيوس الخالديّة الأم بازيل الصّيّاح، الدّكتور حميد البايع، الشّيخ وديع رفّول، المحامي باخوس حديد، وحشد من أبناء البلدة والبلدات المجاورة.

في بداية القدّاس رحّب خادم الرّعيّة الخوري دانيال شديد بالحضور وقال: "أمضى خدمته الرّاعويّة في لبنان وأستراليا، مؤمًنا أنّ رسالته ورسوليّته بين شرق وغرب هي التماس الوجه الأحبّ، ومجسّدًا مثال الخادم الأمين والمدبّر الحكيم، فكان الختم الإلهيّ في كهنوته تأسيسه لرعيّة أدلايد المارونيّة في أستراليا".

بعد الإنجيل المقدّس ألقى المطران بو جوده كلمة قال فيها: "خمسة وستّون سنة أمضيتها في خدمة الرّبّ والكنيسة في سلك الكهنوت كنتَ فيها، كما عرفك الجميع، وكما نعرفك اليوم، العبد الصّالح والخادم الأمين. تحمّلت فيها مسؤوليّات كثيرة إن في حقل التّعليم والإرشاد وإن في الخدمة الرّعويّة المباشرة، فتنقّلت بين مدرسة كرمسدّه الإكليريكيّة ورعيّة عينطورين- بيت بلعيس، ومدرسة مار جرجس للرّهبانيّة المارونيّة في عشاش، ورعيّة مار روحانا في بنشعي ورعيّة أدلايد في أستراليا ثمّ أخيراً في رعيّة سيّدة لورد في كفردلاقوس. وقد استثمرْتَ الوزنات الّتي أعطاك إيّاها الرّبّ، ولم تطمرها في التّراب، فأعطت ثماراً وافرة، أقرّ بها جميع الّذين خَدَمتهم هنا في لبنان، وهناك في بلاد الانتشار في أستراليا".

أضاف بو جوده: "لقد تركت الأثر الطّيّب في كلّ هذه الرّعايا الّتي خدمتها، فتوطّدت العلاقات بينك وبين عدد كبير من كهنة الأبرشيّة، وترسّخت الصّداقة والأُخوّة الكهنوتيّة بينك وبين الكثيرين منهم في لقاءات كانت تحصل مداورة عند كلّ واحد منكم، ولم تكن تخلو من النّكات والرّوح الطّيّبة. وقد اعتبرك الكثيرون منهم قدوة لهم ومثالاً نظراً لما تحلّيت به من إيمان راسخ ومحبّة صافية وتواضع عميق واتّكال على العناية الإلهيّة والرّوح الكهنوتيّة الرّفيعة. ومن لبنان إلى أستراليا لمدّة فاقت الخمسة والعشرين سنة، أسّست فيها رعيّة مارونيّة في أدلايد على اسم القدّيس مارون، فجمعتَ فيها أبناء لبنان الوافدين من مختلف المناطق اللّبنانيّة فكنتَ على مسافة واحدة من الجميع بالرّغم من تعدّد انتماءاتهم المحلّيّة والمناطقيّة والاجتماعيّة والسّياسيّة".

وقال بو جوده: "من المعلومات الّتي استقيتها ممّن خدمتهم في أستراليا بإمكاني القول إنّ إهتمامك الأوّل والأساسي كان بناء الكنيسة البشريّة، أيّ جمع أبناء الكنيسة، قبل بناء الكنيسة الحجريّة. وعندما نجحتَ في مشروعك الأوّل، باشرتَ بترميم الكنيسة الحجريّة بعدما اشتريتها من إحدى الجمعيّات الإنجيليّة، فكرّستها على اسم القدّيس مارون وأسّست فيها لجنة للوقف وشيّدتَ بالقرب منها بيتاً للرّعيّة جمعتَ فيه الكبار والصغار، وسعيتَ إلى اشتراك الجميع بهذا المشروع الحيويّ معتبراً أنّ قرش الفقير هو الّذي يبني الكنيسة، وليس أموال الأغنياء. لم تقبل أن يعيش الموارنة منغلقين على أنفسهم في نوع من غيتو Ghetto، بل عملت قدر المستطاع كي تجعلهم فاعلين في المجتمع الجديد الّذي يعيشون فيه، بدون أن يتخلّوا عمّا حملوه معهم من لبنان من عادات وتقاليد حميدة، فرسّختَ فيهم روح الانتماء إلى كنيستهم المارونيّة، وأقمتَ علاقات طيّبة بينهم وبين سائر المسيحيّين وبصورة خاصّة الكاثوليك منهم، وذلك من خلال ما أقمتَه من علاقات مع الأسقف والكهنة المحلّيّين، إذ كنت تجمعهم بمناسبة عيد مار مارون لتعرّفهم على الكنيسة المارونيّة السّريانيّة المشرقيّة. أحببت الجميع فأحبّوك، والتفّوا حولك إذ إنّك قد تميّزت بروحك الطّيّبة وبروح "النّكتة" البريئة ممّا جعل الأطفال والشّبّان والشّابّات يثقون بك ويلتفّون حولك مسترشدين".

وختم بو جوده يقول: "بعد عودتك إلى لبنان واستلامك خدمة رعيّة سيّدة لورد في كفردلاقوس أنعشت العمل الرّعوي فيها وساهمت في ترميم الكنيسة القديمة وبناء الكنيسة الجديدة، وكنت فاعلاً مع كهنة القطاع تربطك بهم علاقات الصّداقة والأُخوّة، فتميّزت بتجرّدك وبروح الفقر الإنجيليّ الّذي عشته طوال حياتك ممّا جعل رفيقك وصديقك المونسنيور بطرس جبّور يقول عنك بمناسبة يوبيلك الكهنوتيّ الذّهبيّ، إنّك كنتَ دائماً رصيناً راجح العقل، قليل الكلام، تحبّ الصّمت والهدوء والسّكينة وتعيش بعيداً عن الصّخب والضّجيج، كما كنتَ زاهداً في كلّ أعمالك وتصرّفاتك، وبصورة خاصّة بعد ترقيتك إلى درجة الخورأسقفيّة وكأنّك، كما قال، كنتَ شبيهاً بالرّاهب الّذي يعيش الطّاعة وحياة الفقر والعفّة كالرّهبان. بمرور خمسة وستّين سنة على سيامتك الكهنوتيّة أرادت رعيّتك في كفردلاقوس، بمبادرة من خلفك الخوري دانيال شديد مشاركتك في فعل الشّكر على كلّ ما قمت به في خدمة الله والكنيسة، وأنا بدوري أتقدّم منك بهذه المناسبة السّعيدة بأصدق التّهاني والتّمنّيات طالباً لك العمر الطويل مع بركتي الرّسوليّة وتمنّياتي القلبيّة".  

من ثمّ تلا الخوري دانيال شديد رسالة البطريرك الكاردينال مار بشاره بطرس الرّاعي الّتي وجّهها للمونسنيور نضيرة وجاء فيه:

"البركة الرّسوليّة تشمل حضرة عزيزنا الخوراسقف يوسف نضيره المحترم.

أعلمنا سيادة المطران جورج بو جوده، رئيس أساقفة طرابلس السّامي الاحترام، أنّك تحتفل بمرور خمسة وستّين سنة على سيامتك الكهنوتيّة. وهي نعمة خاصّة نلتها بوضع يد المثلّث الرّحمة المطران أنطوان عبد في 7 حزيران 1952.

إنّنا نرفع صلاة الشّكر لله معك ومع سيادة راعي الأبرشيّة وأبناء رعيّة سيّدة لورد في كفردلاقوس وكاهنها الخوري دانيال شديد، والأهل والأنسباء. فنشكره على عنايته الخاصّة طيلة هذه السّنوات الكهنوتيّة الغنيّة بالخير والنّعم، التي أفاضها على النّفوس، وقد خدمتها بالتّعليم والتّقديس والتّدبير.

إنّها سنوات كان يجدّد لك فيها المسيح الرّبّ محبّته ودعوته، وكنت تبادله المحبّة بالإيمان والإخلاص مثابراً على الخدمة الكهنوتيّة، في رعيّة أديلايد في أستراليا، وفي كلّ من رعايا عينطورين وبنشعي وكفردلاقوس، كما وفي إكليريكيّة مار أنطونيوس البدوانيّ- كرمسدّه، ومدرسة عشاش، فخصّك الله بالعمر المتقدّم وبسنوات الكهنوت الخمسة والسّتيّن. وهذا امتياز لا يُعطى للجميع. لكنّك في نظر الله، فاحص القلوب والكلى، أنت تستحقّ هذا الامتياز المزدوج.

إنّ ذبيحة الشّكر والصّلوات الّتي نرفعها معك، نودّها ذبيحة استغفار عن كلّ ما صدر من نقص وهفوات، وذبيحة استلهام لهبة الرّوح القدس، لكي تواصل جواب المحبّة الكهنوتيّة للمسيح، الكاهن الأزليّ "وراعي الرّعاة العظيم" (1 بطرس 5 : 4).

وإنّي من صميم القلب أمنحك مع جميع المشاركين في الذّبيحة الإلهيّة والصّلاة بركتي الرّسوليّة، عربون النّعم الإلهية".

في ختام القدّاس ألقى المحتفى به المونسنيور يوسف نضيرة كلمة قال فيها: "أشكركم جميعًا على هذا الاحتفال التّكريميّ الّذي لا أجد نفسي مستحقًّا له، لأنّ خدمتي الكهنوتيّة الطويلة هي واجب عليّ منذ أن قبلت السّيامة الكهنوتيّة إلى آخر يوم من حياتي، وهذا ما وعدت به الله، وحاولت أن أقوم به قدر المستطاع، رغم الصّعوبات الحياتيّة والصّحّيّة، لكن الله كان معي دائمًا ومكّنني من القيام بهذا الواجب المقدّس فله وحده الشّكر والمديح والمجد".

من ثم تسلّم المونسنيور نضيره من المطران بو جوده بركة بطريركيّة، ودرعًا تقديريًّا من لجنة وقف رعية سيّدة لورد، ودرعًا آخر من المغترب يوسف جرجس نكد وعائلته، تقديرًا لعطاءاته وتضحياته. بعدها أقيم حفل كوكتيل في قاعة الكنيسة.