لبنان
28 كانون الأول 2020, 15:00

كاهن جديد على مذابح أبرشيّة الفرزل وزحلة والبقاع للرّوم الملكيّين الكاثوليك

تيلي لوميار/ نورسات
بوضع يد راعي أبرشيّة الفرزل وزحلة والبقاع للرّوم الملكيّين الكاثوليك، لبس الشّمّاس الإنجيليّ إيلي البلعة ثوبه الكهنوتيّ في قدّاس احتفاليّ أقيم في كاتدرائيّة سيّدة النّجاة- زحلة، ألقى خلاله درويش عظة تحدّث فيها عن معاني عيد الميلاد وتوجّه فيها الى الكاهن الجديد، فقال:

"السّؤال المهمّ الّذي عليّ أن أطرحه على نفسي في عيد الميلاد هو كيف أصبح بدوري كلمةَ الله وفاعلَ سلامٍ وخيرٍ في عائلتي وفي مجتمعي؟ والجواب عند كلّ واحد منكم عليه أن يختار له دورًا ليكون هو أيضًا كلمةُ الله الّتي تُزرع إيمانًا في حياة الآخرين.

ولنا مثال واضح في هذا العيد، الشّمّاس الإنجيليّ إيلي البلعة الّذي يُكرِّس حياتَه اليوم ليكونَ خادمَ كلمةِ الله. خلال هذه الرّسامة سأمنح المرتسم "وديعةً" وأطلب منه أن يحفظها إلى يوم مجيء ربّنا يسوع المسيح، كما أوصى بولس الرّسول تلميذه تيموتاوس وقال له: "يا تيموتاوس، احفظ الوديعة، أعرِض عن الأحاديث الدّنيويّة الفارغة..". هذه الوديعة هي الحمل، أيّ يسوع نفسهُ، وبذلك يصيرُ الكاهنُ مسؤولاً عن المسيح، ليس عنده هم إلّا أن يحملَ المسيح للنّاس، وشغلُه الشّاغل، إيجادُ السّبلِ لبشارة متجدّدة، وأن يجعل من كلِّ إنسانٍ خليقة جديدة، كما يقول بولس الرّسول: "إن كانَ أحدٌ في المسيح، فهو خليقةٌ جديدة" (2كو5/17).

لذلك نطلب من الكاهن الجديد، أن يكون دومًا منفتحًا على نعمة الرّبّ، وأن يبقى طوال حياته نقيًّا وشفّافًا، وأن ينغمس كلّيًّا في حبّ الله وفي خدمة الإنسان.

أيّها الأب الحبيب إيلي، اليوم سيجعلك الرّبّ مسيحًا آخر، سيطلب منك أن تحملَ صليبَكَ وتمشي، سيكلّفُك بالرّعاية، رعايةِ المحبّة، كما كلّف بطرس بعد أن أكّد له الرّسول، بأنّه يحبّ أكثر من الجميع، قال له: "ارعَ خرافي". والحبّ الّذي يريدُه الرّبّ منك، هو تخلّيًا ونكرانًا وتطلّعًا إلى الأمام، لأنّ الّذي يضع يده على المحراث لا ينظر إلى الوراء.

برسامتك كاهنًا، تحصل على قدرة من العلاء لا تضاهيها قوّة، سيظلّلك الرّوح القدس كما ظلّل مريم العذراء، سيجعلك عروسًا لكنيسته لا عيبَ فيها ولا غَضَن، كما العذراء هي عروس الإنسان، الممتلئة نعمة والفائقة القداسة.

إنّ المحبّة الّتي يطلبها منك لا حدود لها، فهي تتجاوز المعقول وتتخطّى الواقع، لكنّه أيضًا يطلب أن تكون محبّتك من خلال عائلتِك وأقاربِك وأخوتِك الكهنة ورعيّتِك. ورغم أنّنا في زمن الكورونا وما يتطلّبه هذا الزّمن من تباعد اجتماعيّ، إلّا أنّه لا يزال هناك العديد من الأشكال للتّعبير عن القرب من أخينا الإنسان.

بإسمي وبإسم جميع الكهنة والشّمامسة وخدّام الهيكل، أهنّئك، وأتمنّى لك كهنوتًا مباركًا تسيرُ من خلاله في درب القداسة. أهنّئ معك والديك وكافّة أفراد عائلتك وزوجتك وأولادك وجميع محبّيك. آمين."  

وفي نهاية القدّاس كانت كلمة شكر للأب البلعة قال فيها :"الشّكرُ السّرمديّ لله الّذي دعاني وأرادَني أن أسهرَ على كرمتِه مشاركًا يسوعي لُتنتجَ خمرةً جيّدةً في أوانها، فتزهو قداسةً في حياتِها وأبديّتِها، تلكَ الكرمةُ الّتي غرستها يدُه وأصبحَت إبنةً له لا من رغبةِ رجلٍ ودمٍ بل بيسوعي الممجّد وغِسلِ الميلادِ الثّاني، وسُكنى الرّوحِ القدس.

الشّكر لسيادَتِكم يا أبانا وراعينا عصام يوحنّا الموقّر، على محبّتكم ورعايتكم الأبويّة اللّتين غمرتُموني بهما منذُ اللّقاءِ الأوّلِ في صرحِ مدرستِنا، حيثُ شاءت العنايةُ الإلهيّة أن نلتقيَ على بابِ المدرسةِ في مناسبةٍ كنتم راعيًا لها، وأنا كنتُ هامًّا مسرعًا لتدبيرِ حاجةٍ، فتقابَلنا بوهلةٍ، ولكن ما لا أنساه هي ردّةُ فعلِكم، إذ شرَّعت يديك وغمرتَني بشدّةٍ وباركتَني، أنت الّذي لم تكُن تعرفُني وقتَها، ويحقُّ للموقف أن يصنّفَني غريبًا عنك! بيدَ أنّك حضنتَني كابنِك، وما انفكّت يداك تحضُنانني حتّى السّاعة.. أنت الّذي أطلقتَني أصفّقُ بجناحيّ فوقَ الغيوم، في كلّ مرّةٍ حثّيتَني بها نحو الآفاق الأبعد.. (عظيم عظيم.. مبارك مبارك.. عفاك عفاك.. أنا حدّك ما تخاف وما يهمّك) هذه كلماتُك يا أبي في كلّ مرّةٍ أفدتُك بعد سؤلِك عن أوضاعي متابعًا ومهتمًّا. فكيفَ أضعَفُ وكيف أنوء وأبي جبّارٌ يعضدُني!!".

وشكر الكاهن الجديد عائلته والآباء الّذين رافقوه في مسيرته والأسرة التّربويّة التي عمل وما زال فيها، وأنهى كلمته قائلاً: ""مهما قال لكم فافعلوه" هو أكثرُ من اقتباسٍ أتى على لسانِ والدةِ الإله.. شعاري هو دستورٌ لكلّ مدعوّ علّمتنا إيّاهُ مريم الّتي قبلت الدّعوةَ الأسمى.  

به تذكِّرُني بواجب التّواضعِ مهما خَفتَ شأني أو علا.

به تعلّمُني أن أكونَ الحاضرَ السّاهرَ على حاجات أبناء الله بحشمةٍ وتخفٍّ..  

به تعلّمُني أن أحمِلَ كلَّ فرحٍ أو غمٍّ إلى حضرةِ المخلّصِ وأتوسّلُ منه البركةَ لشعبِه ولي..  

به تعلّمُني أن أقولَ كلمتي وأنصرفُ إلى شأني مغمورًا بالثّقة والتّسليم..

به تعلّمُني أنَّ كلَّ شيءٍ منه وله، به وفيه، ولا شكرَ لي على ما لستُ أملِكُ..

به تعلّمُني أن أَلفُتَ الأنظارَ صوبَ الله وأتوارى بصمتٍ لأنَّ العطايا هي من لَدُنِ الله حصرا..  

به تعلّمُني مع يوحنّا أنَّ له أن ينمو ولي أن أصغَر..  

به تعلّمُني أن أكونَ حاضرًا ومتأهّبًا عند العرسِ كما عند الصّليبِ..  

وعليه، فأنا الملتجئُ إلى سِترِ كنفِها، ألتحفُ ثوبَها رداءً كهنوتيًّا، وأعتصمُ بيوسفَ أبًا حاميًا، موكلاً دعوتي والنّفوسِ الّتي سأخدُمها إلى شفاعتِهما، حسبيَ أن أكونَ يسوعَ آخر، بيدَ أنَّي اليومَ مُتُّ عن ذاتي لكي أحيا بمسيحي راجيًا أن أُتِمَّ شوطي بلا لومٍ يومَ أُسألُ عن الوديعةِ."

وبعد القداس، تقبّل الكاهن البلعة التّهاني في صالون المطرانيّة.

هذا واحتفل بقدّاسه الأوّل في كنيسة القدّيس أندراوس- زحلة.