لبنان
01 نيسان 2019, 07:52

كاريتاس لبنان- البترون ترفع الشّكر لله

رفعت رابطة كاريتاس لبنان- البترون الشّكر لله في قدّاسها السّنويّ، في كاتدرائيّة مار إسطفان، احتفل به راعي أبرشيّة البترون المارونيّة المطران منير خيرالله، ومتروبوليت طرابلس وسائر الشّمال للرّوم الملكيّين الكاثوليك المطران إدوار جاورجيوس ضاهر، بمشاركة رئيس كاريتاس الأب بول كرم، ومرشد أقاليم كاريتاس الأب رولان مراد، ومرشد إقليم البترون الخوري فرانسوا حرب، ولفيف من الكهنة.

 

بعد الإنجيل المقدّس، القى المطران ضاهر عظة قال فيها بحسب "الوكالة الوطنيّة للإعلام": "بداية أرفع الشّكر إلى الباري تعالى، على كلّ ما أغدق ويغدق علينا، من وافر نعمه وجزيل عطاياه، وأرفعه ثانيًا، إلى كلّ واحد منكم، أنتم أيّها الأخوة المؤمنون بالسّيّد المسيح والمدعوّون باسمه، الّذين أحببتم أن تشتركوا معنا اليوم في هذه الصّلاة على نيّة كاريتاس. سائلاً لهم ولنا جميعًا الخير والبركة، بشفاعة الأمّ السّماويّة، سيّدة البشارة.
يضعنا إنجيل اليوم أمام حقيقة مفادها أنّنا لا نستطيع أن نذهب بمفردنا إلى المسيح. فنحن مثل هذا المخلّع يحملنا إخوتنا في الكنيسة إلى يسوع، ونحن بدورِنا نحمل الآخرين إليه: "فلمّا رأى يسوع إيمانهم قال للمخلّع: يا ابني، غفرت لك خطاياك". فيد الله مع الجماعة كلّما ابتغت الخير. نشاهد هنا أيضًا عمليّة تضامن بين المؤمنين بيسوع. فطريقة الوصول إلى يسوع، من حمل المريض، وكشف السّقف، لا تعبّر عن إيمان المريض فحسب بل وحامليه أيضًا. وهذا الإيمان المشترك مكّنهم من نيل معجزة الشّفاء. إذ إنّ يسوع، كثيرًا ما يطلب إيمان المريض، أو إيمان من حوله قبل أن يتدخّل.
نرى في هذا النّصّ أيضًا، "عبورًا" من حالة إلى حالة. في البداية نحن أمام مخلّع يحمله أربعة، يحاولون الوصول إلى يسوع، وفي النّهاية نرى هذا المخلّع وقد قام وحمل فراشه وقد غفرت خطاياه. عبور من المرض إلى العافية، عبور من الخطيئة إلى الغفران. "الغفران" هو السّرّ الفصحيّ، فيسوع في قيامته ينادي بالغفران لجميع النّاس. والله يغفر لنا خطايانا في يسوع المسيح الّذي مات وقام من أجل خلاصنا. إنّ الغفران الّذي منحه المسيح للمخلّع هو صورة للغفران الكامل الّذي سيمنحه بقيامته المجيدة.
ودعا الى أخذ العبر من النّقاط الثّلاث:
1- الالتفاف حول المسيح واللّجوء إليه: حضر المسيح، فضاق المكان بالجموع... المسيح حاضر اليوم في القربان المقدّس، وفي خدمة الكلمة، وفي القريب والمحتاج. فمن منّا سوف يسرع إليه؟
2- فاعليّة الإيمان: " لمّا رأى يسوع إيمانهم، قال..." آمن المخلّع ورفقاؤه بقدرة يسوع العجائبيّة، فما كان منهم إلّا الانطلاق والإسراع في تذليل المصاعب واختراقِ الزّحمة وتسلّق الدّرج وصولاً إلى السّطح حتّى دلّوه من على السّطح وهو على الفراش.
فأنت يا من تؤمن بالمسيح، أليس إيمانك إيمانًا نظريًّا يقتصر على القول من دون الفعل؟ لا، لا يكفي الاعتراف بحدوث هذه الأعجوبة حتّى يكون ذلك إيمانًا. فأيًّا كان يستطيع ذلك. المسيحيّ المؤمن حقًّا هو الّذي ينتقل من واقعيّة الأحداث إلى معناها، من المعنى إلى التّأمّل، من التّأمّل إلى الاقتناع، من الاقتناعِ إلى الاعتناق، من الاعتناقِ إلى التّطبيق والممارسة. هذا هو الإيمان الفعليّ حسب قول القدّيس يعقوب : "ماذا ينفع الإنسان أن يدّعي الإيمان من غير أعمال؟ الإيمان إن لم يقترن بالأعمال، صار ميتًا في حدّ ذاته... الإيمان من غير الأعمال شيء عقيم" (يع2/14-20).
3- الإهتمام بأمور النّفس: أبرأ المسيح المخلّع في نفسه قبل أن يشفيه في جسده، وبذلك علّمنا أنّ صحّة النّفس تتقدّم على صحّة الجسد... هل هذا ما يفهمه أولئك الّذين تتقدّم عندهم صحّة الجسد على صحّة النّفس، أو الّذين يهتمّون بجمال الجسد على جمال الرّوح، فلا يتزيّنون بالنّعمة والفضيلة كما يتزيّنون بالموضة والعطور والمساحيق والحلى... وغنى الجيوب على غنى القلوب.
وعلى مثال ما فعله الرّبّ يسوع بحادثة شفاء المخلّع، نقف اليوم مع كاريتاس لبنان في إقليم البترون، وبحضور هذه الكوكبة من الآباء والكهنة والرّهبان والرّاهبات والمتطوّعين من المؤمنين وحضور ومشاركة رئيس كاريتاس لبنان قدس الأب بول كرم والأب رولان مراد، هذه المؤسّسة الكنسيّة الّتي تستمدّ عملها من تعاليم المسيح ولاسيّما ما ذكر في إنجيل الدّينونة العامّة الّتي تحاسب النّاس على ما فعلوه تجاه الآخر، الّذي يجسد صورة الله وهيكل الرّوح القدس، تبلسم الجراح، وتداوي المريض، وتطعم الجائع، وتروي العطشان، وتزور السّجين... كما نصلّي لهذا الجهاز الكنسيّ المسيحيّ الّذي نفتخر به، لما يقدّمه ويفعله من أعمال لخدمة المحبّة ومساعدة الأشخاص والجماعات، وللقيام بالنّشاطات الإنسانيّة والاجتماعيّة والإنمائيّة وفقًا لتعليم الكنيسة الاجتماعيّ، ونضع أعماله بعهدة عمل الرّوح القدس، من خدمة المحبّة ونحيي جميع الّذين يساهمون بفلس الأرملة مع هذه المؤسّسة ونصلّي لهم، ونثمّن جهود القيّمين على إدارتها لما فيه عمل المحبّة وخير النّفوس.
أيّها الثّالوث القدّوس أفض علينا روحك القدّوس، وثبّتنا في إيمان الكنيسة الواحدة الجامعة المقدّسة الرّسوليّة. آمين".
وأقيم بعد القدّاس استقبال في صالون بيت الكهنة.