كاريتاس لبنان أطلقت حملة الصّوم: "إيمان. إنسان. لبنان"
إستهلّ المؤتمر بترحيب من مسؤولة جهاز الإعلام في "كاريتاس" ماغي مخلوف، وقالت: "نطلق اليوم شرارة الخدمة، علّها تعدي من صمت آذانهم عن سماع أنين المريض والجائع والمشرّد والحزين. نطلق اليوم شرارة المساعدة، علّها تعدي من أغمضوا أعينهم عن رؤية من دمّرت منازلم وأحرقت أرزاقهم. نطلق شرارة العطاء، علّها تعدي من صمت عن قول حقيقة شعب افتقر وسلبت منه كرامته فصار يستجدي حبّة دواء أو لقمة خبز. نطلق حملة التّبرّع من المركز الرّئيسيّ لكاريتاس لبنان، وكلّنا ثقة وأمل بأنّ شرارة الحبّ لا تنطفئ طالما هناك أناس مؤمنون بعمل الخير وبأنّ الصّخرة الّتي بنى عليها الرّبّ بيعته ستبقى صامدة بإيمان شعبها".
وبعد تقرير مصوّر عن وقوف "كاريتاس" إلى جانب المحتاج وخصوصًا خلال أزمة النّزوح الأخيرة من الجنوب، تحدّث المطران عبد السّاتر، فقال: "في كتاب سيرته الذّاتيّة، يقول قداسة البابا فرنسيس، إنّ هذا العالم يعتبر المعوز خطرًا يخاف منه ويجب إزالته. حملة الصّوم اليوم هي لتذكيرنا جميعًا بأنّ لنا إخوة وأخوات يعيشون العوز بشكل مؤلم وأنّهم ليسوا خطرًا علينا، لكنّهم مناسبة لنا لنعيش الحبّ تجاه الله والإنسان. وهذه الحملة هي أيضًا لنساعد بواسطة رابطة كاريتاس من لا يمكننا الوصول إليه، والمطلوب هو أن نعطي، لا من الفائض علينا، بل من الضّروريّ لنا والأساسيّ عندنا. وأشكر كلّ المتطوّعين والمتطوّعات الّذين سيقفون على مفارق الطّرقات وأمام المؤسّسات والكنائس لـ"يشحدوا" ما هو ضروريّ لإخوتهم وأخواتهم في العوز. إخوتي وأخواتي، ليس المعوز هو الخطر على كلّ مجتمع بل قلة الإحساس".
بدوره، قال المونسنيور عبدو بو كسم: "نطلق اليوم، كالعادة في كلّ سنة ومع بداية الصّوم المقدّس، حملة المحبّة من رابطة كاريتاس لبنان، لنعلن في هذا الزّمن المقبول، أيّ زمن التّوبة وفعل الرّحمة، أنّنا نؤمن بأنّ ما نقدّمه لأيّ محتاج نقدّمه ليسوع شخصيًّا، انطلاقًا من مبدأ مسيحيّ أنّنا نجود بما أجاد الله علينا"، ولفت إلى أنّ "حملة كاريتاس هذه السّنة، تأتي في إطار السّنة اليوبيليّة الّتي دعا إليها قداسة البابا فرنسيس والّذي نصلّي إلى الله من أجل شفائه ليستمرّ في خدمة المحبّة على رأس الكنيسة الجامعة".
أضاف: "حملة السّنة اليوبيليّة هي حملة مباركة ونرجو أن تكون مثمرة من أجل مساعدة الفقراء إخوة يسوع، وندعو جميع المؤسّسات الإعلاميّة إلى أن تساهم عبر وسائلها إلى تنشيط هذه الحملة من أجل إيمان. إنسان. لبنان"، وقال: "ألا بارك الله جميع العاملين والمتطوّعين في هذه المؤسّسة الكريمة، وعلى رأسهم سيادة المطران بول عبد السّاتر المشرف على الرّابطة وقدس الأب ميشال عبّود رئيسها وأعضاء المكتب كي يقودوا كاريتاس على دروب المحبّة".
من جهتها، قالت ممثّلة وزير الإعلام المحامية يموني: "شرّفني معالي وزير الإعلام المحامي الدّكتور بول مرقص، فكلّفني تمثيله في هذا اللّقاء الّذي تطلق من خلاله كاريتاس حملة الصّوم، بعنوان: إيمان. إنسان. لبنان، وهي ثوابت تقوم عليها الدّيانة المسيحيّة وتختصر رسالة كاريتاس هذه المؤسّسة العظيمة الّتي تقوم بدور إنسانيّ نبيل وتعمل بلا كلل على تقديم الدّعم والمساعدة لأولئك الّذين هم بأمسّ الحاجة إليها، بغضّ النّظر عن الدّين أو العرق أو الجنسيّة، والّتي تلتزم بمبدأ الحياد التّامّ في جميع أعمالها، لأنّ هدفها الأوّل والأسمى هو خدمة الإنسان وتحقيق العدالة الاجتماعيّة وحقوق الإنسان وتوفير المساعدة خلال الأزمات الإنسانيّة. وبما أنّ كاريتاس تجسّد التّضامن الحقيقيّ وتثبت من خلال نشاطاتها أنّ الإنسانيّة هي الرّابط الّذي يجمعنا، فإنّ وزارة الإعلام تجد أنّ من واجبها دعم هذه المؤسّسة من خلال تغطية نشاطاتها ودعمها في الحملات الإنسانيّة الّتي تقوم بها. فلنتمسّك جميعًا بشعار الحملة لهذا العام وخصوصًا الإيمان بالله وبوحدتنا وتماسكنا لإعادة بناء مجتمع قويّ متماسك يعبر فوق كلّ المحن والصّعوبات".
وإختتمت قائلة: "دعونا نتذكّر دائمًا أنّ الإنسان هو أغلى ما نملك، وأنّ التّضامن مع الآخرين هو ما يعزّز قيمنا الإنسانيّة. كاريتاس، من خلال حيادها العميق وأعمالها الخيريّة تظلّ نموذجًا للتّعاون الإنسانيّ النّبيل".
ثمّ توجّه رئيس الرّابطة الأب عبّود إلى الحضور قائلًا: "نلتقي اليوم في هذا الزّمن المقدّس، زمن الصّوم، حيث تدعونا الكنيسة إلى التّوبة والصّلاة والصّوم، ولكن أيضًا إلى فعل المحبّة، إلى العطاء، إلى أن نكون إخوة لكلّ محتاج، لكلّ متألّم، لكلّ مهمّش، لأنّ هذا هو جوهر إيماننا. إيمان، إنسان، لبنان، هذا هو شعار حملتنا لهذا العام، وهذه هي الرّكائز الّتي تحرّكنا وتدفعنا لنكون صوت من لا صوت لهم، ويد الكنيسة الممتدّة نحو كلّ محتاج. إيمان يحرّكنا، إيمان يشدّنا، إيمان يجعلنا نرى الله في كلّ إنسان".
أضاف: "نحن في كاريتاس لبنان لسنا مجرّد مؤسّسة خيريّة. نحن كنيسة حيّة، ذراعها الاجتماعيّ، نعمل بدافع الرّوح القدس الّذي يحرّكنا. نرى في وجه كلّ فقير ومريض ومحتاج صورة المسيح الحيّ ونستجيب لصرخة المعوزين لأنّ إيماننا ليس مجرّد كلمات، بل فعل حبّ، فعل مشاركة، فعل تضحية، إنسان واحد، لا فرق بين قويّ وضعيف، قريب أو غريب، عندما يدقّ الفقر والمرض والإعاقة على أبواب الإنسان، فهي لا تميّز بين إنسان وآخر. فإذا كانت السّيّئات كذلك، فما بالأحرى بالخير أن لا يميّز، ونحن كذلك لا نميّز. لا نسأل عن هويّة أو انتماء، لأنّنا نرى الإنسان أوّلًا، ونرى معاناته قبل أيّ اعتبار آخر. رسالتنا في كاريتاس هي خدمة الإنسان حيثما كان ومهما كان. نميّز بين من هو بحاجة ومن هو غير محتاج، فلا ندع الأخير يأخذ من درب غيره، بل على العكس ندعوه لمشاركتنا فعل العطاء. نحن نعمل على أرض هذا الوطن ومن أجل هذا الوطن. كاريتاس هي روح العطاء في قلب لبنان. نحن نحمل وجع هذا البلد ونعمل رغم كلّ الأزمات لكي يبقى الإنسان فيه محفوظ الكرامة، مدعومًا بالمحبّة، مؤمنًا بالحاجات الأساسيّة".
وتابع: "أيّها الأحبّة، اليوم، كاريتاس تدعوكم لأن تكونوا جزءًا من هذه الرّسالة. سوف تروننا في الشّوارع، أمام الكنائس، في الأسواق، في السّاحات العامّة، نطلب منكم المساندة لأنّ هناك من ينتظرنا، هناك من يثق بنا، هناك من ليس له سوانا، وهناك من ينتظرنا للحصول على خدماتنا الّتي ألخّصها بالتّالي خلال سنة 2024:
أوّلًا: الخدمات الاجتماعيّة بهدف تحسين الظّروف المعيشيّة للأفراد والعائلات المحتاجة، حيث ساهمت كاريتاس خلال سنة 2024 بالدّعم الاجتماعيّ لـ 2,419,778 شخصًا أو 604,945 عائلة. وهذا يعكس التزامها بمساندة الأفراد والأسر الّذين يواجهون تحدّيات اقتصاديّة واجتماعيّة.
ثانيًا: خدمات الحماية الّتي بلغت أكثر من 440,817 خدمة استفاد منها 254,739 شخصًا. وهي تركّز على حماية الفئات الأكثر عرضة للمخاطر، مثل الأطفال والنّساء وكبار السّنّ، عبر برامج التّوعية حول حقوق الإنسان والعنف القائم على النّوع الاجتماعيّ، وعبر المساعدة القانونيّة، والدّعم النّفسيّ والاجتماعيّ والقانونيّ لضحايا العنف والاستغلال.
ثالثًا: الخدمات التّربويّة لضمان حصول الأطفال والشّباب على تعليم جيّد من خلال تقديم 24,829 خدمة تربويّة عبر مراكزها التّعليميّة الأربعة للأشخاص ذوي الحاجات الخاصّة. تركّز كاريتاس على تعليمهم مهنة تمكّنهم من دخول سوق العمل وتأمين مستقبلهم، وأيضًا عبر تقديم دروس دعم ومتابعة للطّلّاب الّذين يواجهون صعوبات في التّعلم.
رابعًا: الخدمات التّنمويّة الّتي تؤمّنها كاريتاس بهدف دعم الاستقلال الاقتصاديّ وتحسين سبل العيش والظّروف المعيشيّة. لقد نفّذت كاريتاس لبنان مشاريع تنموية استفاد منها حوالى 4200 مستفيد. وساعدت في ترميم 20 مركز إيواء ومدرسة وفي تمويل 240 مشروع صغير.
خامسًا: الخدمات الصّحّيّة للمحتاجين وللأفراد غير القادرين على تحمّل تكاليف العلاج من خلال 11 مركز صحّيّ و9 عيادات نقّالة، فقدّمت خلال سنة 2024 أكثر من 626،651 خدمة طبّيّة لحوالى 65,000 مستفيدًا، شملت الاستشارات الطّبّيّة وتوزيع الأدوية، التّلقيح، العناية بالأسنان، الاختبارات التّشخيصيّة، العلاج الفيزيائيّ، وخدمات دعم الصّحّة النّفسيّة، وتأمين الأجهزة الطّبّيّة، والحفاضات. كما نظّمت مئات الحملات الطّبّيّة في مختلف المناطق اللّبنانيّة".
وأردف: "أتوجّه بالشّكر من القلب إلى كلّ المحسنين، الأفراد منهم والجمعيّات، كلّ الكاريتاسات الشّقيقة الّتي تدعمنا، كلّ من يمدّ يده ليعين إنسانًا آخر. أشكر المتطوّعين، الشّبيبة، رؤساء الأقاليم، مكاتب الأقاليم والعاملين في كاريتاس، الّذين يسهرون بلا كلل ليصل الدّعم إلى حيث يجب. وأخصّ بالشّكر كلّ الجمعيّات والمؤسّسات الّتي تتعاون معنا في رسالتنا الإنسانيّة. كما نتوجّه بكلمة شكر نابعة من القلب إلى المغتربين اللّبنانيّين الّذين لم ينسوا يومًا قضايا وطنهم، فكانوا السّند والدّاعم لمواطنيهم. لقد ساهم عطاؤهم المستمرّ في إحداث فرق كبير في حياة الكثيرين. والشّكر الأخير لكم أنتم الإعلاميّين الأوفياء، أنتم الصّوت الّذي ينقل الصّورة الصّادقة لعمل كاريتاس ورسالتها الإنسانيّة، بجهودكم تبرزون القيم الحقيقيّة للتّضامن والعطاء. نشكركم على مهنيّتكم والتزامكم ودعمكم الدّائم في تسليط الضّوء على مبادراتنا وعملنا".
وأشار الأب عبوّد إلى أنّ "لبنان ما زال يمرّ بمرحلة صعبة والنّاس يزدادون تعبًا. لكن وسط هذا الظّلام، يبقى هناك نور ورجاء. أنتم الرّجاء، أنتم من تجعلون المستحيل ممكنًا، أنتم من تزرعون الفرح في القلوب. فلنكن معًا علامة مضيئة ولنصنع فرقًا في حياة من يحتاجون إلينا"، وقال: "كاريتاس ليست مجرّد مؤسّسة، هي أنتم، هي نحن، هي كلّ من يعطي بفرح. فلنتقدّم معًا في هذا الزّمن المقدّس ولنضع إيماننا موضع التّنفيذ، ولنخدم الإنسان ولنحافظ على لبنان أرض الرّسالة والمحبّة. معًا، نبني مجتمعًا أكثر تضامنًا ومحبّة. دمتم سندًا لوطنكم ورسلًا للخير أينما كنتم".
في ختام كلمته، أطلق الأب عبّود الحملة بعرض فيديو يجسّد شعار "إيمان. إنسان. لبنان".